قبل ثلاثة أشهر من الآن كنت قد كتبت وبالبنط العريض أنه من المستحيل أن نعاين بتونس مثلا فريقا تونسيا ينفصل عن مدرب من أبناء البلد 3 أيام قبل مونديال الأندية ليمنح مفاتيح تدريب الفريق لمدرب مغربي.

يومها قلت أنه باسم «تمغرابيت» علينا أن نناصر فاخر ظالما أو ظالما، ناجحا أم فاشلا، فما بالك إذا كان صاحب مشروع ومدرب ناضل كي تصل الرجاء لمعترك العالمية ويأتي غيره ليأكل الغلة كاملة وعلى الجاهز.

وختاما قلت يومها أن البنزرتي سيتحرك بما بقي في «الريزيرفوار» من غازوال وبعد الفورة سيظهر الحساب وسيتأكد من بخلده شك أن المدرب القادم من المنستير متجاوز على مستوى الزمن والكاريزما وفاته القطار ببلاد قرطاج منذ سنوات خلت وليس هو البروفايل الصالح للرجاء.

ADVERTISEMENTS

اليوم لا يهم إن أقصي الرجاء أو فاز بالإعتراض أو حتى بالعصبة بأكملها، ما يهم هو السيبة الملحوظة على أداء الفريق وهو التهاوي الفج لناد أخرج المغاربة وصوت الشعب قبل 3 أشهر للتغني بملاحمه ويخرجهم اليوم ليناهضوا أداءه ويطالبوا بتغيير المنكر الكروي القائم بقلعة هذا الفريق الكبير.

المفروض بعد كل هذه اللعنة التي أصابت الرجاء من طلاق فاخر لغاية وضع بصير في الثلاجة طالما أن المكتب المسير والموقع الرسمي يصران على أن وضعيته مجمدة لا غير، ومرورا بإقالة أو استقالة الناطق الرسمي وانتهاء بصفقة «عمرو ساكي» المصري.. أن يتحلى من تسبب في كل هذا الخراب بجرأة الإعتراف ليؤكد أن ما ارتكب في حق فاخر كان جريمة تقنية بامتياز وقرار خاطئ في الشكل والمضمون والصيغة.

لا أحد بمقدروه أن ينكر على محمد بودريقة هلاميته الفذة والناذرة في إضفاء لمسة شبابية وثورية على تسيير هذا الفريق الذي كان في كثير من الفترات حكرا على فئة معينة من المسيرين.

ولا أحد سيسفه ما قام به بودريقة من إنجازات وقيادية كبيرة جعلت منه مسير السنة بامتياز، لكن لا أحد بالمقابل سيقبل بطرح أن التخلي عن فاخر الجنرال وتعويضه بمن هو أقل منه رتبة كان قرارا سليما.

مع فاخر كانت الرجاء علامة من علامات الإنضباط، ومع فاخر كان بنك الإحتياط أشبه بفيلق عسكري يحترم التراتبية، فلا يتعدى المعد البدني حدوده ليتدخل فيما لا يعنيه كي لا يسمع ما لا يرضيه، ومع فاخر أيضا لم يكن ممكنا مشاهدة ما شاهدناه أمام حوريا كوناكري من مسخ تكتيكي ومن خروج فاضح عن النص باللعب بأربعة مهاجمين وتارة بلا لاعب ربط ولا قائد حقيقية للمجموعة.

أن يتحول اليوم عبد الصادق والشادلي وكلاهما بجعبته أكثر من 30 لقبا لكومبارس يراقبون المشهد فيخرج هلال الطير لينسب لنفسه صفة مدرب مساعد أول فهذا يعني شيئا واحدا وهو أن خللا كبيرا داخل هذا الفريق وشيء ما ليس على ما يرام.

على الذين تسببوا في الأذى لمحمد فاخر بعد مباراة الجديدة والتي كان الرجاء يومها متخلفا عن المغرب التطواني المتصدر فقط بـ 3 نقاط أن يعترفوا له بحريرة ما ارتكبوه في حقه وحق الرجاء، بعد أن سهر الرجل ليس على مشروع عالمية الفريق بقدر سعيه لتثبيت أقدام الفريق بعيدا في مسابقة عصبة الأبطال.

الإعتذار لمحمد فاخر لا يعني اليوم الوقوف على بابه كي يعود بالعمارية للفريق، لأن فاخر مل من حكاية تطييب الخاطر ومل اللجوء إليه كلما ساءت الأحوال، بقدر ما يعني ضرورة الإعتراف بأن التعاقد مع البنزرتي كان خطأ وخيارا غير صائب بالمرة.

مؤسف كل هذا الضياع الذي يعيشه الرجاء، ومؤسف حقا مسألة استثمار الإنجازات من طرف الأندية المغربية على الأمدين المتوسط والبعيد، ولا تكاد تمر شهورا معدودات عن إنجاز ما حتى تعود حليمة لعادتها القديمة ويعود نفس موال الغم والإخفاقات والإرتجال والهواية ليسيطروا.

تساءلت وأنا أتابع الطير يخرج بفتواه الغريبة العجيبة التي قد تصبح مرجعا يحاكى ويقلد مستقبلا، حين تحدث عن تغييب بيير كوكو أمام كوناكري كي يواجه الصفاقسي في الدور القادم، عن مدى جدية ما ينبس به المعد الذي تحول لمدرب مساعد يترك التسخينات ليقدم لنا دروسا في «الشفوي» على مستوى الخطة والتكتيك.

ADVERTISEMENTS

ما قاله الطير عن كوكو ملخصا سبب غيابه هو صورة مصغرة عن سيبة حقيقية عرفت طريقها لدكة بدلاء الرجاء وهو السبب الذي يبطل العجب، لأنه لو بقي فاخر ربانا للفريق ما كان كوكو ليجلس احتياطيا وما كان هلال ليطير من مكانه واختصاصه ويحذف من طريقه لاعبا بتاريخ كبير.

كي يستقيم وضع الرجاء على من كانوا حيلة و»سباب» في استقدام البنزرتي وقبله التمهيد لمعلول أن يعتذروا أولا لمحمد فاخر ويعترفوا بأن «الطماع كيغلبو الكذاب».