ياجور فارس وحيد والوجهة الخليح
فتحت فترة الإنتقالات الصيفية أبوابها مؤخرا، وكالعادة تتناثر أسماء اللاعبين من هنا وهناك بين الأندية الـمغربية التي بدأت كالعادة حسم الإنتدابات مبكرا، غير أن الظاهرة التي أثيرت حول موضوع الـميركاطو الصيفي هو الشح الكبير على مستوى إحتراف لاعبي البطولة خارج الحدود، وتأكد ذلك جليا مما سجلته الحصيلة الأخيرة حيث استمرار تراجع إحتراف لاعبي البطولة بالخارج، وهو ما يطرح علامات إستفهام كبيرة حول أسباب هذا الشح وفشل لاعبي البطولة في تجاوز الحدود والتوجه صوب أوروبا.
زمانك يا بطولة
ونحن نقلب أوراق البطولة بالأمس القريب سنجد أن مجموعة من اللاعبين جعلوا من البطولة نقطة الإنطلاقة لاستشراف تحديات جديدة بأوروبا، حيث كان العشرات من اللاعبين وفي كل موسم يحزمون حقائبهم في إتجاه القارة العجوز أو حتى الخليج لدخول تجارب جديدة وتحد من نوع آخر، يستشرفون من خلاله الإحتراف الحقيقي، خاصة أن مجموعة من اللاعبين نجحوا في إبرام عقود في بطولات وازنة ومع أندية ذائعة الصيت، بل وفرضوا أسماءهم بها.
من إسبانيا وبلجيكا إلى فرنسا وإنجلترا وهولندا وغيرها من البطولات التي نشط بها لاعبو البطولة، ناهيك أيضا عن الخليج، بل هناك العديد من اللاعبين الـمغاربة من تعلموا أبجديات الكرة بالـمغرب صعدوا إلى منصات التتويج ونالوا مجموعة من الشهادات.
ياجور الفارس الوحيد
من سخرية قدر البطولة أن الإنتقالات الصيفية خارج الـمغرب تمثلت في لاعب واحد إسمه محسن ياجور الذي انتقل لقطر القطري، والظاهر أن الـمهاجم الأسمر قد أنقذ البطولة إذ كان نقطة الضوء الوحيدة في عتمة الإحتراف الخارجي، حيث أعطى احتراف ياجور الإنطباع أن كل لاعب تألق إلا ويكون نصيبه دخول بوابة الإحتراف، حيث برز اسم ياجور هذا الـموسم مع الـمغرب التطواني وتألق أكثر في منافسة عصبة أبطال إفريقيا بدليل أنه يتصدر ترتيب الهدافين بستة أهداف، فكان من الطبيعي أن يتوصل بعدة عروض، ولو أننا كنا نتمنى أن تكون وجهته أوروبا، إعتبارا إلى إستفادة ياجور الحتمية من مثل هذه التجارب، خاصة أنه يعد من اللاعبين الذين يشكلون إحدى دعامات الـمنتخب الـمغربي.
بطولتنا في قفص الإتهام
توضع البطولة الإحترفية في خانة الأسباب التي جعلت احتراف اللاعبين بالخارج يتراجع بشكل رهيب، ما دام أنها أصبحت عاجزة عن إنجاب نجوم ولاعبين يحملون مواصفات اللاعبين الكبار، بل تسمح لهم مؤهلاتهم دخول تجارب بالخارج، تراجع مستوى البطولة أثر نوعا ما على مستوى اللاعبين، فغاب اللاعبون النجوم الذين غالبا ما أشعلوا البطولة بمواهبهم، بل وغاب أيضا الهدافون الكبار في السنوات الأخيرة، بدليل الحصيلة التهديفية الـمتواضعة التي يتوج بها هدافو البطولة في السنوات الأخيرة.
ورغم أن البطولة دخلت عهد الإحتراف وعاشت سنتها الرابعة إلا أن النتائج الـمتوخاة لم تطف بعد على السطح، وما زال اللاعبون يبحثون عن تطوير إمكانياتهم ومؤهلاتهم، فكان من الطبيعي أن يتأثر الإحتراف الخارجي ويتراجع.
هجرة معكوسة
في الوقت الذي كان العشرات من لاعبي البطولة يشدون الرحال إلى أوروبا ويبدعون في ملاعبها، عرفت السنوات الأخيرة ظاهرة تمثلت في التحاق مجموعة من لاعبي أبناء الـمهجر بالبطولة الـمحلية، بحثا عن أرضية مناسبة من أجل تلميع صورتهم، فأثث هؤلاء اللاعبون فضاء الأندية الـمغربية، إذ عرف هذا الـموسم على غرار الـمواسم الأخيرة تعاقد الأندية الـمغربية مع لاعبين أبصروا النور في أوروبا وتلقوا هناك تكوينهم، ككمال الشافني ونعيم أعراب ورشيد حسني وفؤاد إد عبدالحي.
وتعود هذه الهجرة الـمعكوسة والتحاق لاعبي الـمهجر بالبطولة الـمغربية إلى الطفرة النوعية التي عرفتها الأخيرة بعد دخول الإحتراف، خاصة على مستوى تقنين عقود اللاعبين وكذا الـمستحقات الـمالية التي انتعشت نوعا ما مقارنة بالسنوات الـماضية، كما أن الأجواء الـمحترفة التي باتت تعرفها البطولة شجعت هي الأخرى هؤلاء اللاعبين على خوض تجربة بالـمغرب.
السؤال العريض
لماذا تراجع إحتراف اللاعب الـمغربي بأوروبا؟
هو السؤال الذي يطرحه اليوم، ذلك أن كل الصفقات الأخيرة باتت ملتصقة بدول الخليج وما عدنا نشاهد العروض الأوروبية التي كانت تنهال على الـمتألقين في البطولة مع نهاية كل موسم، عروض من بطولات أوروبية مختلفة، بدليل أن كل صفقات الـموسم الـماضي حملت طابعا خليجيا على غرار محسن متولي وإسماعيل بنلمعلم اللذين إنتقلا لقطر وسعد عبد الفتاح الذي آثر الاحتراف بالإمارات، نفس الطريق سلكه أيضا اللاعب الوحيد الذي حلق هذا الـموسم نحو الإحتراف الخارجي محسن ياجور بانتقاله لقطر القطري، في إشارة إلى أن الأندية الأوروبية قد أدارت ظهرها للبطولة التي كانت بالأمس القريب سوقا نشيطة لفرق القارة العجوز.
والأكيد أن التطور الحاصل في الكرة الإفريقية خاصة لدى منتخبات جنوب الصحراء دفع صيادي الـمواهب وكذا العيون التقنية للأندية الأوروبية إلى الإستنجاد بهذه البلدان على حساب الـمغرب، ناهيك أن لاعبي هذه البلدان اكتسحوا البطولات الأوروبية بشكل كبير وفرضوا اسمهم، علما أن آخر اللاعبين الذين شدوا الرحال إلى أوروبا كان من بينهم عبدالرزاق حمدالله والـمـهدي قرناص والحسين زيدون بالنرويج وعصام عدوة الذي انتقل إلى لانس الفرنسي قبل أن يدخل تجارب بالبرتغال وإسبانيا والصين والذي دخل فعلا في خانة الاحترف الحقيقي.
عبداللطيف أبجاو