مدرسة بنفيكا تستقبل تلميذا مشاغبا طرده العديد من المدربين
إستفق، إنضبط وتمرد على العصيان لتستعيد الحب واللمعان
إنسان مزاجي متقلب لا يهدأ له حال، ولاعب موهوب وخطير لم يجد بعد من يثبته على سكة التألق ويفتح عيونه على حديقة الإبداع والنجومية، ورغم القيل والقال فالفتى يخلق في كل مرة الحدث سواء بتوهجه أو سلوكاته وأيضا إنتقالاته.
آخر فصل كتبه إبن تازة في كتابه العامر بالأحداث والمحطات هو إنتقاله إلى بنفيكا البرتغالي في صفقة حرة، حيث سيحمل قميص فريق حمله العمالقة والأساطير، وسيجد نفسه في أجواء صاخبة ومغايرة لعاداته ليسبح في بحر أمواجه عاتية ستختبر مهاراته في السباحة في أول موسم، قبل أن تحكم عليه سواء بميدالية النجاح وبالتالي العودة إلى منصة التوهج والتتويج أو تلفظه إلى شاطئ العجز والهوان بشهادة الشلل الكروي.
بزوغ موهبة
على عكس جل المحترفين المغاربة بأوروبا لم ير عادل تاعرابت النور بصقيع القارة العجوز ولم يطفئ شمعاته الأولى بعواصم الأنوار والأضواء، بل أنجبته أزقة تازة الضيقة، حيث ترعرع ونشأ قبل أن يهاجر رفقة عائلته الصغيرة إلى فرنسا وتحديدا إلى مدينة بيرليتانغ الصغيرة والنائمة على دراع مارسيليا.
سرقته كرة القدم سرا قبل أن تواصل سلبها عقل الصبي جهرا لتحلق به من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، حيث خطفه مركز تكوين النادي العريق لانس، وبدأ تأطيره منذ سن 12 إلى 17 عاما ليتم الزج به لأول مرة رسميا مع الفريق الأول في مقابلة جمعت بين لانس وسوشو ضمن فعاليات الليغ1.
لندن تقتنص الولد
كان الفتى موهوبا ومثيرا للأنظار وطريقة لعبه لم تكن مشابهة لأقرانه وغير قابلة للتقليد وهو ما منحه طابعا خاصا به رغم سنه القاصر، لكن الولد أبدى شغبا كبيرا إلى جانب شغبه الكروي فحدث وأن تشاجر في أحد الأيام مع زملائه في لانس أثناء خوضه لإحدى المباريات، ليغادر بعدها أرضية الميدان مقررا عدم العودة إليه بقميص لانس.
ساءت علاقة عادل ببعض زملائه في لانس الذين لم يكونوا يطيقون طريقة لعبه فقررت إدارة النادي الإستغناء عنه مؤقتا لصالح طوطنهام الذي أثارته موهبة اللاعب، ليعلن الفريق اللندني عن تعاقده مع المغمور تاعرابت في يناير 2007 في صفقة إعارة لمدة ستة أشهر مع إمكانية الشراء.
في حضرة ريدناب
قضى عادل (18 سنة) فترة إعارته بكامل الإنضباط والتميز فأفلح في إقناع المسؤولين الإنجليز بمنحه عقدا إحترافيا بقيمة مالية كبيرة (4 ملايين أورو)، وهو المبلغ الذي أسال الكثير من المداد كون اللاعب صغير السن وقادم من مركز تكوين وحط الرحال في قلعة «وايت هارت لين» الملأى بالنجوم واللاعبين الكبار.
تدرب الشاب على يد الإسباني خواندي راموس لأشهر قليلة قبل أن يأتي المدرب الإنجليزي هاري ريدناب ليتولى زمام أمور النادي سنة 2008، وهنا كان المنعرج الحاسم في مستقبل اللاعب مع طوطنهام بعدما لم يكثرت الربان الجديد كثيرا بموهبة عادل ولم يستدعه للمقابلات إلا نادرا، فغابت الثقة وقل التواصل بينهما في الحصص التدريبية ليعلن ريدناب في إحدى تصريحاته أن تاعرابت غير ناضج ولا يصلح ليلعب في فريقه، ليخبر الإدارة بضرورة إعارته حتى ينضج ويكتسب الكثير من الخبرة.
كوينز بارك في الإنقاذ
رضي إبن تازة بالأمر الواقع وقبل بالإنصراف المؤقت من رحاب وايت هارت لين متوجها في رحلة قصيرة بين أحياء لندن، حيث جلبه كوينز بارك رانجرز معارا في مارس 2009 لتتجدد الإعارة في موسم 2009ـ2010.
أبدع عادل وأمتع المتتبعين في الدرجة الأولى الإنجليزية خلال هذا الموسم فخاض 44 مقابلة بأداء فريد مسجلا 7 أهداف، الشيء الذي سلب عقول الأنصار ودفع مالك كوينز إلى التفاوض من أجل شراء عقده نهائيا مقابل 1 مليون أورو ونيف.
تألق ومجد مثير للأنظار
إنفجرت موهبة تاعرابت بقوة في الدرجة الأولى وصار حديث الأندية والخصوم عقب إستعراضه لعضلاته نهاية كل أسبوع موقعا على أهداف ساحرة ومتمتعا بكامل الحرية في أرضية الملعب، فقاده نهاية موسم 2010ـ2011 إلى الصعود التاريخي إلى البريميرليغ بعد مشوار عجيب إفترس فيه جميع المنافسين تباعا ليُتوج ملكا من ذهب كأحسن لاعب في الموسم في البطولة (16 هدفا و16 تمريرة حاسمة).
هذا التوهج الباهر لفت أنظار أندية وازنة في إنجلترا وألمانيا وإيطاليا بيد أن صاحب 22 سنة آثر البقاء مع فريقه وخوض المقابلات في القسم الممتاز بقميص كوينز بارك، فلعب موسمين متتاليين ضد العمالقة لكن الأداء تراجع بشكل ملحوظ بعدما واجه صعوبات جمة في التلاعب وهز شباك الخصوم ليتنفس هواء المعذبين في جحيم أسفل الترتيب.
فولهام تبقيه في البرميرليغ
عاد كوينز بارك رانجرز من حيث أتى وهبط نهاية موسم 2012ـ2013 إلى الدرجة الأولى الإنجليزية فرفض تاعرابت الهبوط معه وأعلن العقوق، فما كان له إلا أن يغير المحطة لكن دائما بلندن وهذه المرة بفولهام بتوصية خاصة من المدرب مارتن يول المعجب بقدراته منذ سنوات.
تحقق مراد الرجل في الإستمرار بحدائق البرميرليغ وأمضى عقد إعارة لمدة عام قابل للتحول إلى عقد شراء، وحاول البرهنة على قوته وفرض إسمه بين أمهر اللاعبين في البطولة العتيدة لكنه فشل وعجز عن مجاراة الإيقاع المرتفع، فكان يظهر مرة ثم يختفي ولم يستقر على مستوى العطاء بل ولم يتذوق قط طعم التسجيل خلال 12 مقابلة حضرها منها 7 فقط دخل فيها كأساسي، ليُبخّر أحلامه في البقاء المدرب الهولندي مولينتسن بديل مواطنه يول المقال فكان الإنفصال غير المنتظر في منتصف الطريق بعد رسوب في الإمتحان.
خروج مفاجئ وإنتقال مباغث
كانت جميع المؤشرات تفيد بأن تاعرابت سيكمل عقد إعارته طبيعيا وسيتم منحه فرص أخرى خلال مرحلة الإياب من البرميرليغ، خصوصا وأن الأخبار المحيطة به كانت تقول بأن الرجل تربطه قصة عشق مثير بعاصمة الضباب التي لا يريد مغادرتها مهما كان الإخفاق والفشل.
وعكس المتوقع وفي آخر ساعات الميركاتو الشتوي لعام 2014 ظهرت قصاصات إخبارية تشير إلى أن تاعرابت سيغادر لندن والوجهة خارجية وتحديدا ميلانو، وهو ما تأكد بعدها بساعات عقب تحليق اللاعب إلى مقر العملاق الأوروبي لإجتياز الفحص الطبي ثم العشاء مع المدير الرياضي غالياني لتوقيع عقد الإعارة لمدة ستة أشهر مع إمكانية الشراء مقابل 7 ملايين أورو.
فرصة العمر بميلانو
فاجأ عادل الكل بمن فيهم أقرب المقربين إليه حينما حزم حقيبته بشكل مباغث لمغادرة لندن لأول مرة منذ أن قدِم إليها قبل 7 سنوات من لانس الفرنسية، ليقرر سلك منعرج حاسم في مشواره الرياضي بالتعاقد مع أحد أكبر وأفضل الفرق الأوروبية والعالمية عبر التاريخ.
الشاب الخجول في المظهر والمشاغب في السلوك والمزاج بات عسكريا جديدا في فيلق المدرب السابق سيدورف الذي أثنى على موهبته ورحب بقدومه، وصار اللاعب نجما ولد من جديد بعاصمة الموضة ومتابعا بقوة من العدسات أينما حل وإرتحل.
الرجل أبهر منذ أول مباراة فقدم عرضا رائعا وهز شباك نابولي ليطلق شرارة الوعد بالإمتاع طيلة المقام، فكان له ما أراد بعدما مسك بالرسمية وأدى بفعالية ليخوض 14 مباراة في الكالشيو مسجلا 4 أهداف، ليقنع الجميع بضرورة تحويل عقد الإعارة إلى شراء نهائي، بيد أن ميلان المريض كان عاجزا عن دفع 7 ملايين أورو لكوينز بارك رانجرز لتضيع منه فرصة العمر ويعود منكسر الخاطر إلى بيته بلندن.
إحباط وإنكسار قبل الإقلاع
أصيب تاعرابت بالإحباط عقب تعذر صفقة إنتقاله إلى الروسونيري فآثر البقاء مضطرا الموسم الماضي في البرميرليغ حزينا مع كوينز بارك رانجرز، وكلفه ذلك تنافسيته المنعدمة وظهوره الذي كان قليلا جدا فلم يتجاوز 7 مباريات منها 3 فقط كرسمي من دون أن يسجل ولا هدف.
هذا الموسم الأبيض والتعيس كان بمثابة الريح التي تسبق العاصفة، العاصفة التي جرته في يونيو الجاري جنوبا إلى البرتغال وتحديدا لشبونة، حيث قرر الإنتقال في خطوة مفاجئة وسريعة إلى البطل والعملاق بنفيكا في صفقة حرة بعدما فسخ عقده مع كوينز، ليعلن النادي الأحمر عن إستقبال تلميذ جديد من طينة الموهوبين لكن المشاغبين جدا.
هنا لشبونة ساحة الإستعراض
وقع عادل عقدا من خمس سنوات مع بنفيكا وأبدى سعادته بهذا الإنضمام لهذا الصرح الكروي الذي سيفتح له أبواب الشهرة والإستقاظة محليا وأوروبيا، حيث سيكون اللاعب على موعد مع تحدي جديد في بطولة ملأى بالمواهب اللاتينية التي لا تقل موهبة عنه، كما ستكون له فرصة للإبحار القاري لثاني مرة في مسيرته.
هي هبة من بنفيكا لهذا المجنون المعروف بإنزلاقاته المتكررة وشغبه مع المدربين ورفضه لكرسي الإحتياط، إضافة إلى القدوم المتأخر إلى التداريب بعد السهر ليلا، وهي آخر جولة قد تكون من نزاله ومعركته ضد الذات والبحث عن الطريق الصحيح الذي أساسه الجدية والإنضباط، فالفرصة مواتية جدا ليتطور ويولد من جديد ويؤكد نفسه كنجم إفريقي وعربي يزين سماء القارة العجوز.
إستفق أيها الولد الكسول وإنضبط أيها المشاغب لأن ساعة الحسم قد دقت وسنوات الممارسة تمر عليك بسرعة دون أن تصنعا شيئا يتذكرك به أولادك، إهدأ وتواضع وكن ملتزما تكسب الحب والدعم، وتمرد على عاداتك السيئة داخل وخارج الملاعب لأن النجم يبدأ بسلامة ونضج العقل والفكر أولا قبل لياقة الجسم ومعدن القدم.
إنجاز: المهدي الحداد
البطاقة التقنية
الإسم الكامل: عادل تاعرابت
من مواليد: 24 ماي 1989 بتازة
المركز: صانع ألعاب
النادي الحالي: بنفيكا البرتغالي
عدد مبارياته الدولية: 17
عدد أهدافه دوليا: 4
الفرق السابقة: لانس (فرنسا) ـ طوطنهام ـ كوينز بارك رانجرز ـ فولهام (إنجلترا) ـ ميلان (إيطاليا).
قيمته المالية في سوق الإنتقالات: 6 ملايين أورو
جوائزه الفردية:
أحسن لاعب في الدرجة الأولى الإنجليزية موسم 2010ـ2011.
أحسن لاعب في كوينز بارك رانجرز في 3 مواسم متتالية.
صاحب أجمل هدف لميلان موسم 2013ـ2014.
ألقابه الجماعية:
بطل كأس الرابطة الإنجليزية مع طوطنهام سنة 2008.
بطل الدرجة الأولى الإنجليزية مع كوينز بارك رانجرز سنة 2011.
عادل تاعرابت بعد إنضمامه للنسور:
إنها فرصة عظيمة
أبدى عادل تاعرابت سعادته الكبيرة وفخره الشديد بحمل قميص بنفيكا البرتغالي أحد أعرق الفرق الأوروبية وصاحب الألقاب الغزيرة والمرجعية الكبيرة.
وصرح النسر الجديد لموقع النادي بعد توقيعه عقدا مدته خمس سنوات: «إنها فرصة عظيمة بعد موسم أبيض وصعب قضيته في إنجلترا، لقد أهدرت سنة بعدما كنت قبلها قريبا من الإنضمام بشكل نهائي إلى ميلان الإيطالي لكن الصفقة تعذرت لأمور لم أفهمها بعد».
وعن سبب إختياره لبنفيكا أضاف: «جئت إلى لشبونة للعب والإبداع واقتنعت بالتوقيع للعديد من الأسباب أتحفظ على ذكرها، أشكر زميلي السابق الحارس خوليو سيزار الذي نصحني كثيرا بالقدوم إلى هنا وأتمنى أن أقدم مستوى جيدا وأستغل مهاراتي».
خامس أسد بقلعة النسور
سيكون عادل تاعرابت خامس لاعب مغربي سيحمل قميص بنفيكا البرتغالي بعد الرباعي الكبير الطاهر لخلج، عبد الكريم الحضريوي، رضوان حجري، حسن ناضر.
قلعة النسور التي لطالما شهدت تألقا مغربيا كبيرا خلال التسعينيات من القرن الماضي أبت إلا أن تعيد النسمات الأطلسية إلى أجوائها بعد إنقطاع طويل دام عقدا ونصف، مع أمل كبير وتفاؤل عظيم ليصنع تاعرابت ما صنعه السلف السابق الذي ما زال أثره وبصمته عالقة في سجل النادي وذهن المشجعين.
وإلى جانب تاعرابت سيكون المهدي كارسيلا سادس أسد يلعب لبنفيكا عقب توقيعه هو الآخر لعقد من أربع سنوات قادما من ستاندار لييج البلجيكي، ليكون بطل البرتغالي على موعد خلال الموسم القادم مع محركين مغربيين سيتحملان مسؤولية قيادة الباخرة الحمراء في البحار الهوجاء.
الصفقة الأعلى والنادي السادس في المشوار
رغم أن سنه لم يتجاوز 26 سنة إلا أن تاعرابت تنقل بين مجموعة من الأندية وحمل قميص أكثر من فريق في أربعة دول أوروبية.
اللاعب خاض خمس تجارب سابقة ولعب لكل من لانس بفرنسا وطوطنهام وكوينز بارك رانجرز وفولهام بإنجلترا ثم ميلان الإيطالي، والمثير هو أن جل تنقلاته كانت في صفقات إعارة، حيث أعاره لانس إلى طوطنهام ثم قام الأخير بالمثل حينما أعاره لكوينز بارك رانجرز، ولم يخرج الأخير عن القاعدة ليعيره في مناسبتين وفي موسم واحد إلى كل من فولهام وميلان.
لكن هذه المرة كسر الرجل القاعدة بعدما فسخ عقده الذي كان سينتهي في يونيو 2016 مع كوينز بارك، وشد الرحال إلى العاصمة البرتغالية لشبونة ليوقع حرا في صفوف بنفيكا في صفقة هي الأعلى ماليا، إذ ناهزت 6 ملايين أورو لمدة خمس سنوات.
تنازل عن أزيد من نصف راتبه السنوي
هذه الصفقة كلفته ماديا، حيث إضطر إلى التنازل عن أزيد من نصف راتبه السنوي ليوقع عقدا مدته خمس سنوات في كثيبة بنفيكا.
اللاعب قبل بنيل أجر سنوي حدد في 1 مليون أورو بعدما كان يتقاضي 2.5 مليون أورو في إنجلترا، ولم يخلق الإستثناء في بطولةٍ معروفة بكوطتها المالية غير المرتفعة للنجوم.
هذا ووضع بنفيكا بندا في العقد يتضمن مبلغ 45 مليون أورو كقيمة مادية للاعب وشرط جزائي سيدفعه أي نادي يريد التعاقد معه خلال السنوات المقبلة.
الطاهر لخلج أمضى شهادة الثناء
زكى إنتقال تاعرابت إلى بنفيكا اللاعب المغربي السابق في صفوف النسر البرتغالي الطاهر لخلج، والذي كان مستشارا للصحافة المحلية في هذه الصفقة، حيث طُلب منه رأيه بخصوص المعني بالأمر فقال:
«إنه قوي جدا من الناحية التقنية ويملك قدرات عالية وطرق متعددة لإرباك الخصوم والإطاحة بهم، يبدع أيضا في الكرات الثابتة وله إمكانية الإستقرار والتألق في البطولة البرتغالية التي لطالما شهدت إنصهارا وتوهجا للاعبين الأفارقة عموما والمغاربة خصوصا، فأسود الأطلس يتأقلمون بشكل ممتاز ويحبون الكرة الحديثة التي تتميز بها المنافسة في البرتغال».
كما أثنى الدولي المغربي السابق على زميله المهدي كارسيلا الذي إنضم للنادي قائلا في حقه: «إنه سريع ومندفع هجوميا وطريقه لعبه تشبه البرازيلي نيمار، سيخلق الفارق بالتأكيد لأنه مهاري ويتمتع بحس تقني قادر على إعطاء الإضافة للنادي».
يشار أن الطاهر لخلج قضى أربع سنوات كاملة كلاعب في بنفيكا ما بين 1996 و2000 وترك صدى جيدا ما زال قائما إلى اليوم.
قالوا عنه
هاري ريدناب مدربه السابق:
«إنه ولد لا يصلح ليلعب كرة القدم، كسول، لا يتدرب جيدا وغير منضبط، يريد أن يفعل ما يشاء بكل طلاقة وحرية، حاولت أن أعطيه فرصا في السابق والإيمان بمؤهلاته لكنني لم أسطع حماية لاعب أركض أسرع منه، وزنه ضخم وعليه نقص 20 كليوغراما، عليه أن يحل مشاكله خارج الميدان إن أراد أن يتألق داخله، على العموم فبنفيكا والبطولة البرتغالية يناسبان طريقة لعبه وسيكون أمرا مذهلا لو نجح في آخر فرصة تُمنح له».
نيل وارنوك والده الروحي:
«أنا سعيد من أجله وأتمنى له التوفيق والنجاح، نحن على تواصل دائم عبر الهاتف ويخبرني بكل مستجداته، لقد أصبح أكثر نضجا ومسؤولية وبإمكانه صقل موهبته، لطالما تمنى الإنضمام إلى فريق عالمي وعريق الهوية أوروبيا، سنرى كيف سيتصرف، لكن على العموم فإنه لن يجد مدربا مثلي كان يتركه يفعل ما يشاء من دون أن يُعاقب».
كيا جورابشيان وكيل أعماله:
«تاعرابت لاعب ممتاز ويتمتع بمؤهلات تقنية نادرة، خاض بعض التحديات في مشواره لكنه لم يبرهن بعد على علو كعبه كاملا، إنه يريد أن يظهر للناس أنه لاعب غير عادي وهو الذي لطالما حلم بالإنضمام إلى أحد أكبر الفرق العالمية».
أدريانو غالياني المدير الرياضي لميلان:
«أعرفه منذ مدة طويلة وكنت أتابع العديد من مبارياته منذ أن كان لاعبا مع كوينز بارك رانجرز في الدرجة الأولى الإنجليزية، إنه فتى موهوب ويراوغ المدافعين بسهولة كبيرة ومن يعرفني يعرف أنني أحب هؤلاء النوعية من اللاعبين».
تاعرابت وغاريث بيل.. جمعتهما الموهبة وفرقتهما الأقدار
يبلغان معا العمر نفسه (من مواليد 1989) وقدما معا إلى طوطنهام في سنة واحدة عام 2007 بعدما جمعتهما الموهبة في العاصمة الإنجليزية لندن، وشكلا سويا اللؤلؤتين الصغيرتين المحتاجتين للمسح والعناية حتى يلمعا وسط كوكبة من عباقرة وأباطرة كرة القدم العالمية.
وحدتهما الأحلام في أن يصبحا نجمين في البرمرليغ ومشيا الخطوات الأولى معا في حديقة «وايث هارت لين»، لكن خطوات الويلزي كانت ثابتة وأسرع من خطوات المغربي المتثاقلة والمفتقدة للحماس والجدية وكذا الدعم المعنوي والتأطير.
إبن كارديف سرعان ما مسك بمقود الرسمية وأقنع المدرب المجنون هاري ريدناب ليوقع وثيقة ميلاده ومكانته الأساسية في حافلته، بينما إستعصى على إبن تازة البرهنة على علو كعبه رغم موهبته الكبيرة ليتراقص بين الفريق الأول تارة والرديف تارة أخرى.
حافظ غاريث على نسقه وبقي سهما قاتلا في طوطنهام طيلة ست سنوات متتالية خاض فيها 203 مباراة وسجل 56 هدفا ليبلغ مراد الطفولة بعدما صار إسما بازرا في الساحة البريطانية والأوروبية، في وقت تجول فيه رفيق دربه عادل بين دروب لندن بحثا عن ومضة تخرجه من العتمة إلى النور.
صعدت كوطة بيل بسرعة البرق فدخل كتاب الأساطير حينما أمسى صاحب أغلى صفقة في التاريخ بإنتقاله الأسطوري إلى ريال مدريد مقابل 100 مليون أورو، بينما لم يجد تاعرابت من شفقة ومنقذ سوى إعارة تجبر الخاطر إلى ميلان إنتهت حتى قبل أن تبدأ.
الآن وبعد مرور ثمان سنوات على إلتقاء الموهوبين لأول مرة في لندن شق كل منهما طريقه وشاءت الأقدار أن يعزف كل واحد منهما سمفونيته على وثره الخاص، فالموهبة واحدة والأماني متحدة، لكن إنضباط الويلزي وحظه وجنسيته جعلوه فارسا أبيضا في قلعة البيرنابيو، بينما تخبُط المغربي في وحل العقوق والتهور وتدمير سنوات من مسيرته أهدروا عليه العديد من الفرص، والنتيجة موهوب يملك لقب أغلى لاعب في التاريخ ومهاري لا يقل شأنا لكنه طائش لم يجن سوى تأنيب الضمير والتوبيخ.
الإبن العاق الذي تمرد على 8 مربين
سمعته السيئة كلاعب مزاجي ومتقلب وعدم إنضباطه وخروجه عن النص وكذا تمرده على المدربين إلى جانب شجاره مع زملائه، كلها نقط سوداء في شخصية تاعرابت لم يلتفت إليها بنفيكا حينما إنتدب الفتى المغربي المشاغب والمثير للمشاكل في خطوة وصفها الكثير من البرتغاليين بالمغامرة.
قصة عادل مع المشاكل قصة عشق ووفاء بدأت منذ بداية مسيرته الكروية، فاللاعب غادر فريق لانس وهو قاصر في إتجاه لندن بسبب شجاره مع أحد زملائه أثناء خوضه لإحدى المقابلات بعدما لم يتقبل الفتى نقد أصدقائه الذين كانوا يعيبون عليه إحتفاظه الكبير بالكرة وغرقه في اللعب الفردي، ليجد نفسه بعدها في أكثر من ورطة بإنجلترا سواء بطوطنهام الذي لم يتقبل سلوكه ولم ينجح في ضبط عقاربه وتطوير ملكاته أو مع كوينز بارك رانجرز الذي عاش فيه التألق كما العنف وشجاره الشهير مع الإنجليزي بارطون واحد من إنزلاقاته، دون إغفال قصصه المتعددة مع المدربين الذين شربوا من كأس عقوقه وعناده.
فتاعرابت يملك ماضيا أسودا مع ريدناب الذي كان قد طرده من طوطنهام قبل أن يعود ويصطدم معه في وقت لاحق بكوينز بارك، وكان سببا آخر في رحيله عن النادي في مناسبتين، كما سبق للاعب وأن تمرد على قرارات المدربين نيل وارنوك ومارك هيوز في بعض الحصص التدريبية وأيضا المباريات لرفضه التقيد بالتعليمات أو عدم تقبله للتغيير أو الجلوس كإحتياطي، هذا الأخير كان سببا في سوء تفاهم له مع مارتن يول قبل سنة ونصف وكان سببا أيضا في خصام مع إيريك غيرتس عقب هروبه التاريخي من معسكر الفريق الوطني قبل ساعات من المقابلة ضد الجزائر، ولم يفلت من كمينه الشغبي رشيد الطوسي الذي حل بلندن لملاقاته قبل أن يغلق الرجل هاتفه في وجهه رافضا الإلتقاء به.
ريدناب، وارنوك، هيوز، يول، غيرتس، الطوسي، رامسي والزاكي عانوا جميعهم من مشاكسة إبن تازة صاحب المزاج الصعب والحاد، والسؤال المطروح هو هل سيكون روي فيتوريا قبطان بنفيكا تاسع مدرب يصطدم بتاعرابت؟ أم أن الأخير سيرفع الراية البيضاء معلنا السلم والسلام والإنضباط في فريق النسور؟
بادو الزاكي الناخب الوطني:
مشاكل هذا الرجل أكثر من موهبته
إصطدم الناخب الوطني الزاكي بادو فور تسلمه قيادة الأسود للمرة الثانية في مسيرته بأول مشكل، وكان قبيل السفر إلى البرتغال الصيف الماضي لخوض معسكر إعدادي.
يقول الزاكي: «وضعت تاعرابت وقتئذ في اللائحة التي كنت رسمتها للسفر إلى البرتغال لأتفاجأ بأن اللاعب لا يرد على مكالماتي ولا رسائلي، تجاهل أيضا إتصالات من مساعدي مصطفى حجي، ورغم هذا التصرف الأرعن إلا أننا حاولنا الإتصال بأخيه لكن دون جدوى».
وعن خروجه من منظومته وحساباته بسبب هذا السلوك الطائش يضيف: «من يلعب معي عليه أن يكون منضبطا، الأغلبية يعرفون بأن تاعرابت لاعب مهم وموهوب، لكن الجميع يعلم مساره الذي لا يخلو من الشوائب، مشاكله أكثر من موهبته والإنضباط لدي أهم من كل هذه التفاصيل».
ويتابع فاتحا إمكانية الصلح والعمل مستقبلا: «عرين الأسود سيظل مفتوحا في وجهه شأنه شأن باقي اللاعبين، الكرة في ملعبه وعليه إصلاح عيوبه وإظهار أحقيته بالعودة إلى الفريق الوطني».