هل بلغنا نهاية النفق؟
هل وصلنا أخيرا إلى فصل أخير لملهاة مضحكة ومبكية تحكي عن بلاهتنا وسطحيتنا ودرجة الإستغفال التي بلغناها مع ذوي الشأن ودرجة الإستبلاد التي عومل بها المغاربة عند تحرير النظام الأساسي لجامعة الكرة؟
هل بتأشير الأمانة العامة للحكومة على النظام الأساسي لجامعة كرة القدم المنقح والمتمم بتوصية عاجلة من الفيفا بل وبوصاية قانونية منها، نكون قد أسدلنا الستارة على مسرحية ركيكة تروي عن جهل ضحكت منه الأمم؟
طبعا الطريق بات اليوم مفتوحا لتسريع وثيرة الأشياء بالدعوة لجمع عام إستثنائي يطرح فيه النظام الأساسي للجامعة على القاعدة للمصادقة، وبعده تكون الدعوة لجمع عام عادي ينتخب للجامعة رئيسا ومكتبا مديريا وينهي حالة تصريف الأعمال وزمن الطوارئ التي عطلت المصالح والمطارق التي هوت على رؤوس شغلتها عن مصلحة كرة القدم مؤامرات ودسائس وتخوين وتعويم فقسمت الضالعين، إلى محشورين في الطابور الخامس وإلى مودعين في جبهة النضال من أجل الإنتصار إلى مصلحة صغيرة إذا قيست بمصلحة البلد.
ومع ما يمكن أن نصف به وزارة الشباب والرياضة من تصلب ومن محاولة للتعطيل بإسم الوصاية على المشهد الرياضي برمته، إلا أن حالة الإنفراج التي نشهدها اليوم لا يمكن أن تحسب لغير وزير الشباب والرياضة السيد محمد أوزين الذي هو امتداد لفكر حكومي، فهو من وقع للأمانة العامة للحكومة الحريصة كل الحرص على عدم إفراغ التشريعات الوطنية من أساسها القانوني على إلتزام وزاري يقبل بكل ما لحق النظام الأساسي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من تحويرات وتعديلات أغلبها صب في اتجاه تحجيم الوصاية المفروضة بموجب الأنظمة الأساسية للجامعات من قبل وزارة الشباب والرياضة، ما يعني أن هناك إستثناءا لا بد وأن يصبح في وقت قريب قاعدة، لأنه إن أعطينا تدريجيا للجامعات القدرة على أن تعمل بشكل ديموقراطي وتسير بطريقة حديثة لا تترك مجالا لسوء التدبير والإخلال بالوظيفة الأساسية، وإن متعناها جراء ذلك بقدر كبير من الإستقلالية في إدارة الشأن وصناعة القرار تراجعت تلقائيا الوصاية بالشكل الذي يطبق اليوم وانصرفت وزارة الشباب والرياضة إلى ما هو أعمق وأشمل، إلى وضع السياسات الرياضية وإلى دعم الرياضة القاعدية لوجستيكيا وبنيويا وإلى الحفاظ على البعد القيمي والأخلاقي للرياضة.
ومع هذا الإنفراج الذي لن يكون إلا مقدمة لاختبارات أصعب لمدى قدرة عائلة كرة القدم الوطنية على الإنكباب على ما هو أعمق بهدف تذويب جليد المشاكل المتراكم منذ أشهر مع حالة العطالة المعلنة، فإن أسئلة كثيرة تطرح اليوم نفسها، فهناك بكل تأكيد سؤال السرعة التي يجب أن نسير بها وقد أصبح النظام الأساسي للجامعة متوافقا عليه وقابلا للتطبيق في وضع الهياكل الجديدة وفي رسم الأبعاد المستقبلية وفي التحضير لاختبار قاري كبير أصبح على الأبواب، وهناك سؤال القدرة على صنع قرارات جريئة لتطويق أزمة عميقة تسببت فيها عطالة مفروضة، وهناك سؤال الطريق التي سنمشيها في اتجاه الجمعين الإسثتنائي والعادي، هل هي طريق سالكة أم طريق ملغومة؟
مع أهمية كل هذه الأسئلة وغيرها وحاجتنا إلى التصدي لها، إلا أنني أرى أن هناك سؤالا أقوى هو ما يتوقف عليه إنكبابنا على المستقبل، ما مدى الإستفادة التي تحققت لكرة القدم الوطنية جراء هذا الحراك القوي الذي دخلته الجامعة لمطابقة نظامها الأساسي مع النظام الأساسي المفروض من قانون التربية البدنية والرياضة والذي هو قانون سيادي ومع النظام المعياري للإتحاد الدولي لكرة القدم الذي هو تأشيرة العبور إلى القارية والعالمية؟
الإستفادة تتوقف على مدى تقديرنا لحجم الصدع والإرتباك الذي تسبب فيه تحيين النظام الأساسي للجامعة وما ترتب عن ذلك من تعليق لكل ما أفضى إليه الجمع العام لجامعة كرة القدم، فقد كان كافيا أن يعلق الجمع العام ويتثاءب المكتب الجامعي المنتهية صلاحيته في العودة لموقع المسؤولية بأمر لا نقض له صادر عن الفيفا لتتعطل كل المصالح ويبقى الفريق الوطني إلى اليوم وهو على بعد 10 أشهر لا غير من إستحقاق قاري كان لا بد أن يكون له مناسبة للإنبعاث قاريا من دون ربان ومن دون خارطة إعداد تحضره لأم الإمتحانات، ليس هذا فقط، بل إن العمل توقف بالعديد من الأوراش التي لها علاقة بتطور المشروع الإحترافي وبحماية الدرع الهاوي لكرة القدم الوطنية.
قصدت بالإستفادة من هذا الذي حدث، أن يكون فريق العمل الذي سيأتي متحملا مسؤولية إدارة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم للسنوات الأربع القادمة قد إستوعب جيدا ما معنى أن تكون الجامعة مسؤولة مسؤولية كاملة عن مأسسة نفسها ومأسسة كل الأجهزة التي تشتغل تحت لوائها، وأقوى هذه الأجهزة الإدارة التقنية الوطنية التي ما كان الناس سينشغلون بأزمة الأنظمة التي ضربت الجامعة وما كان الفريق الوطني سيظل رهينة لما سيحدث، لو أنها كانت موجودة لأنها تدير المنتخبات الوطنية متمتعة بقدر كبير من الإستقلالية ومؤسسة في عملها على خارطة تقنية موضوعة بإحكام، متوافق عليها ومراهنة على المدى البعيد.
وحتى نصل إلى مواجهة أنفسنا بكل هذه الأسئلة وغيرها والخيار الوحيد هو أن نحدث ثورة كاملة على منظومة العمل، فإن معرفة من سيكون أمينا على هذه الأمانة الثقيلة ومن ستعطاه مسؤولية إدارة الجامعة لا بد وأن يمر بمرحلتين، مرحلة التصديق على النظام الأساسي ومرحلة تشكيل المكتب المديري الجديد للجامعة، وفي المرحلتين معا ستكون هناك تجاذبات وشد للحبل وتيارات باردة تهدد بهبوب العواصف، والخوف كل الخوف أن تقتلع هذه العواصف الأمل الذي يسكننا اليوم والذي يقول بزوال الغمة.