خروج الرجاء من كأس (الكاف) بثلاثية مدوية أمام النجم الساحلي، وبقدر ما أثار فينا جميعا كجماهير مغربية نوعا من الإحباط والحسرة على ضياع فرصة التأهل لدور الـمجموعتين وبالتالي إنقاذ موسم الفريق الأخضر من الضياع، بقدر ما نعتبره كذلك تحصيل حاصل، ونتاج لوضعية غير سليمة ولتسيير هاوي طبع تدبير شؤون الفريق طيلة الـمرحلة التي تلت نهاية الـموسم الـماضي والذي إنتهى باحتلال الفريق لـمركز الوصافة.فالنتائج السلبية التي حصدها النسور طيلة موسم كامل تعبر بشكل صريح عن حالة التخبط وعن وجود أزمة حقيقية داخل الفريق، صحيح أن الحكم البوتسواني ذبح الرجاء مع بداية الـمباراة بطرد لاعب مهم في الدفاع، لكن هذا لا يعتبر مبررا للإستسلام وترك الفريق التونسي يصول ويجول وحده داخل رقعة الـميدان دون أن يظهر الفريق الأخضر أية مقاومة أو أية خطورة إلا في آخر اللحظات من عمر الـمباراة، فهل يكون هذا الخروج من رابع إستحقاق فرصة لتصحيح الـمسار وإعادة الفريق للسكة الصحيحة؟
الفوز في الذهاب لا يعني التأهل
قلنا بعد الفوز بثنائية على النجم في الذهاب بأن الرجاء قد قطع نصف الطريق لكن هذا لا يعني بأنه قد ضمن التأهل للدور القادم، إذ لا يمكن سلخ جلد الدب قبل قتله.الفوز بثنائية نظيفة يرفع الـمعنويات ويجعل الـمهمة أسهل نوعا ما في الإياب إن تم التعامل مع أطوار الـمباراة بذكاء وبالجدية والقتالية اللازمة في مثل هذه الـمباريات، ونحن نعلم بأن الأندية التونسية لها من الخبرة ما يكفي لتجاوز مثل هذه العثرات وتدبير مثل هذه الـمواقف سواء داخل رقعة الـميدان أو كذلك في الكواليس باستغلال بعض الأشياء الأخرى التي نخجل من ذكرها لكنها باتت معروفة على الساحة الإفريقية بل إن رائحتها تزكم الأنوف دون أن يبادر جهاز (الكاف) لفتح تحقيقات في مثل هذه الـممارسات التي شوهت سمعة الكرة الإفريقية.
ومن جهة أخرى فإن الفريق التونسي قد قدم الكثير من الإشارات في مباراة الذهاب بتضييعه لضربة جزاء وتهديده لـمرمى العسكري في عدة مناسبات.
الحكم ذبح الرجاء.. لكن
الحكم البوتسواني ذبح الرجاء مع بداية الـمباراة بتوجيه إنذارين للاعب جبيرة وارتكب العديد من الأخطاء أكدت بالـملموس بأن اختيار هذا النوع من الحكام غير صائب لـمثل هذه الـمباريات الحساسة. وبطرد جبيرة يكون الحكم قد قدم خدمة للفريق التونسي الذي إستغل بشكل جيد هذا الرواق ليفعل ما شاء في دفاع الفريق الأخضر. لكن إقصاء لاعب من التشكيلة كان يفرض على النسور مضاعفة الجهود وتحدي هذا العائق بالتكتل والتعاون والقتالية، لكن العكس هو الذي حدث حيث تابعنا فريقا مستسلما منهارا ودفاعا مفككا سهل الـمهمة أمام عناصر فريق النجم، ولو حضرت الفعالية الهجومية لكانت الفضيحة ولـمني الفريق بهزيمة ثقيلة في ظل الفرص التي ضيعها الفريق التونسي بالجملة. وسبق للرجاء أن عانى من ظروف أصعب أمام الترجي لكن بعزيمة الرجاء تفوق عليه وتحداه ليتوج باللقب من قلب العاصمة التونسية.
الإقصاء تحصيل حاصل
إجتمعت مجموعة من العوامل التي ساهمت في إقصاء الرجاء منها ضعف التحكيم والنقص العددي بعد طرد جبيرة، لكن تكرار التواضع وتوالي الإخفاقات والنتائج السلبية هو دليل على فشل الـمنظومة بكاملها، وبأن هناك العديد من الأخطاء التي ارتكبت في تدبير شؤون الفريق منذ بداية الـموسم والـمرحلة التي تلت الإنفصال عن الـمدرب البنزرتي.
فالتخبط على مستوى تدبير الشؤون التقنية وعدم الإستقرار التقني الذي عانى منه الفريق يؤكد بالـملموس غياب رؤية واستراتيجية واضحة لدى الـمكتب الحالي. فالرجاء لم يستفد من الإنجازات التي حققها في الـموسمين الأخيرين، وخيب كل أمال عشاقه وأنصاره.
التشريح قبل التصحيح
ولعل الـمرحلة التي وصل إليها الفريق الأخضر تقتضي القيام بعملية تشريح والبحث عن الورم الخبيث الذي أصاب كل جسد الرجاء بالحمى. وربما يكون هذا الإقصاء من منافسات كأس (الكاف) مثل تلك الضربة التي توقظ النائم من غفوته، فالتأهل على حساب النجم كان سيخفي وراءه غابة من الـمشاكل والكثير من الأخطاء التي ارتكبت، والـمرحلة القادمة تقتضي الإستفادة من هذه الدروس والعبر والعمل على تجاوزها بتعيين ربان ومدرب عالـمي بقيمة الرجاء، وكذا القيام بانتدابات مدروسة تراعي مواقع الخصاص والبحث عن البروفايل الذي يصلح للفريق الأخضر. فما وقع للرجاء هذا الـموسم دليل واضح على قصر تفكير الـمكتب الحالي وقلة تجربة أعضائه، وبالتالي وجب ترميم الصفوف ووضع الرجل الـمناسب في الـمكان الـمناسب دون الإستمرار في التلاعب بمشاعر الجماهير الرجاوية العريضة التي ملت من سماع الوعود التي ظلت مجرد كلام وحديث في الـمحطات الإذاعية والقنوات التلفزية وتصريحات في الجرائد، لكنها لم تتحقق على أرض الواقع وأصبحت كالذي ينقش في رمال الصحراء.

إبراهيم بولفضايل