هو قرار أليم وصعب ذاك الذي قررناه اليوم بزيادة درهم واحد في عدد النسخة الواحدة للمنتخب الورقية، عطفا على ذات القرار الذي إتخذته الصحف اليومية الوطنية لمواجهة عديد من الإكراهات البنيوية والإقتصادية وحتى المعرفية التي تتهدد اليوم المقروء، أكان صحفا أو كتبا ليس في المغرب وحده بل في العالم أجمع وتقربه من حالة الإفلاس الشامل.
ومع وجود هذا الإكراه الذي يأتي في صورة الضرورة التي تبيح ما كنا نعتبره داخل «المنتخب» محظورا، فإننا لا نستحضر إطلاقا فكرة المقايضة، فما أقدمنا في أي يوم من هذه الأيام التي تحسب بالآلاف و«المنتخب» تحتفي بذكراها الثلاثين على تثمين الخدمة الإعلامية التي نذرنا أنفسنا لتقديمها بروح طيبة وطيعة لقرائنا، لذلك كنا نجاهد بل وننتحر أحيانا من أجل أن لا نغرق في مسلسل الزيادات المفروضة فرضا، لما تعرفه تكلفة الخدمات الإعلامية بكل أشكالها من قفزات نوعية، لقد كنا في ذلك كله أمناء على الثقة التي وضعها قراء «المنتخب» على أكتافنا، أوفياء لما قامت عليه علاقتنا بالمتلقي من تفاعل لا تنفصم عراه وحريصين كل الحرص على أن نجتاز المطبات المالية الصعبة من دون أن نرهق كاهل قرائنا.
لذلك نعتبر زيادة درهم واحد في ثمن النسخة الواحدة لـ «المنتخب» حاجة تمليها رغبتنا جميعا في أن نبقي هذا الصرح الإعلامي الوطني بصحيفته الورقية وبموقعه الإلكتروني، شامخا وعصيا على كل الرياح التي تهب من كل حدب وصوب لتسقط الصحافة الورقية.
شكرا لكم قراءنا الأوفياء على تفهمكم وثقوا أننا أبدا لن نخذلكم، وأننا على عهد البناء والنقد والتحليل وصيانة الإرث الرياضي الوطني باقون. 
........................................................
لا أجد وصفا لما حققه المغرب التطواني بإقصائه لنادي القرن إفريقيا الأهلي المصري، وبتأهله لأول مرة إلى دور المجموعتين لعصبة الأبطال الإفريقية، سوى أنه إنجاز تاريخي وملحمي.
إنجاز تاريخي لأنه يضع المغرب التطواني لأول مرة في دور المجموعتين، ويدفعه لأن يبحث عن مستوى أرفع قدرا وقد زال عنه الضغط نسبيا، كيف لا وهو الذي أقصى ناديا ترجف لسماعه الفرائص.
وهو إنجاز ملحمي لأنه أنقذ صورة الكرة المغربية التي عجزت أنديتها منذ أربع سنوات على دخول نظام المجموعتين لعصبة الأبطال، وهي التي سبقت كثيرا من دول القارة في تبني النظام الإحترافي بما له من تداعيات إيجابية على بنية ومالية الأندية.
كان المغرب التطواني كحال مدربه هادئا في تصريف كل الرياح العاتية التي هبت على مباراة الإياب هناك بمصر، فبرغم أن الأهلي نجح في تسجيل هدف عادل به نتيجة الذهاب وأعاد الفريقان معا إلى نقطة الصفر، إلا أن عزيمة لاعبي المغرب التطواني لم تتأثر فبقي التركيز في أعلى مستوياته ليساعد ذاك الحمامة على حجب كل الفرص التي سنحت للأهلي لإنهاء المباراة في وقتها الأصلي قبل الدخول إلى جحيم ضربات الحظ، ومن شاهد المغرب التطواني يعتصر عناصر الأهلي بدفاعية ذكية مؤسسة على مراقبة المنطقة وإغلاق المنافذ أكثر منه على التكدس في المنطقة الخلفية فيفسد كل بناءاته، سيقف على حقيقة أن هذا الفريق وجد في تكتيك سيرخيو لوبيرا وفي فلسفته وفي احترافيته أيضا ما يساعد على تمتيع الشخصية بقدر كبير من المناعة وبكل ما يساعد على معاكسة كل أسباب الإنهيار النفسي قبل التكتيكي، وإذا كانت أبواب دور المجموعتين قد فتحت على مصراعيها في وجه المغرب التطواني، فإن ذلك يجسد نوعا من الإستحقاق الرياضي والتكتيكي ويجسد أيضا أحقية المغرب التطواني بأن ينتمي إلى أفضل ثمانية أندية إفريقية.
مؤكد أن الحلم الإفريقي لم ينته بعد، فبعد أن يطوي لاعبو المغرب التطواني صفحة العبور إلى دور المجموعتين بعد إسقاط قرش كبير إسمه الأهلي، سيكون ممكنا الإقبال بشهية مفتوحة على الآتي من الرهانات، فللمغرب التطواني القدرة جماعيا ومهاريا وتكتيكيا على كتابة صفحات آخرى في كتاب المجد الذي لا يبلى.
........................................................
 لا أعتقد أنه من باب البحث عن الشماعات التي قد يعلق عليها فشل الرجاء في المرور لدور المجموعتين لعصبة الأبطال، أن نأتي على ذكر ما كان من أحداث مأساوية رافقت مباراة النسور هناك بملعب 8 ماي بمدينة سطيف أمام الوفاق، فمع اليقين الكامل أن الرجاء لا يمكن إلا أن يلوم نفسه قبل أي شيء آخر على تفويت فرصة الإجهاز على وفاق أبدا لم يكن بثوب البطل القاري، يكون لزاما أن نعرض للصور القبيحة والمعيبة التي صدرتها المباراة عن أمن جزائري تحول من جهاز يفترض فيه أن يحمي الضيوف إلى آلة للقمع والترهيب وحتى التعنيف اللفظي والجسدي، وعن مسؤولين لفريق هو بطل قاري زرعوا الفتنة في أحشاء المباراة وقدموا الدليل على أنهم أبعد ما يكونون عن القيم الرياضية الرفيعة التي نحارب جميعا من أجل إحلالها في مشهدنا الكروي الإفريقي.
لم أجد لما حدث أي مبرر، فلا الرجاء أساء معاملة وفاق سطيف هنا بالجزائر حتى يهان بتلك الطريقة، ولا المباراة نفسها وصلت فوق أرضية الملعب لدرجة الإحتقان التي تنفلت معها الأعصاب، إذا هناك مبرر واحد ووحيد، هو أن أمن الجزائر الذي جاء لحماية المباراة من كل المنزلقات وكل مكونات وفاق سطيف أمروا ممن لا ترد لهم الأوامر، بالتنكيل والتعنيف واستفزاز الوفد الرجاوي بلاعبيه ومسيريه وجماهيره وأيضا إعلامييه، في مشهد مقزز ومعيب يستوجب من الإتحاد الإفريقي لكرة القدم فتح تحقيق معمق بخصوص كل التعديات الصارخة التي حدثت في بلد له للأسف الكثير من السوابق التي عرضته لأكثر من عقوبة من المؤسسة التي تدير كرة القدم الإفريقية.
وإذا ما شجبنا هذا الذي حدث بملعب 8 ماي بسطيف، واعتبرناه جنحة تعاقب عليها المواثيق التاريخية التي تربط المغاربة بالجزائريين، قبل أن يعاقب عليه الضمير الإنساني والأعراف الرياضية، فإننا في ذات الوقت نحزن أن يكون الرجاء قد قدم للوفاق تأهلا فوق طبق، ليس لأنه كان عديم الحظ عند تنفيذ الضربات الترجيحية، ولكن لأنه لم يلعب لا مباراة الدار البيضاء ولا ثلثي مباراة سطيف كما لعب الثلاثين دقيقة الأخيرة من مباراة الإياب، عندما إنتفض بطريقة بطولية فسجل هدفين بهما تعادل في وقت عصيب.
لا أعرف سببا لما قرره جوزي روماو بخاصة في مباراة سطيف، عندما أسقط من التشكيل الأساسي كلا من مابيدي والصالحي وقرر حيال ذلك اللعب باجبيرة كوسط ميدان دفاعي، طبعا بعد أن أعاد الهاشيمي الفاقد للتنافسية إلى الظهير الأيمن، فلدغ مرتين من الإختراقات جانبية ومن العمق الدفاعي الذي كانت به هشاشة لا تقبل بها مباريات من هذا العيار.
كيف يمكن أن يتعلم الرجاء من درس الخروج من آخر عتبة مطلة على دور المجموعتين؟
ذلك هو السؤال الذي يجب أن يطرح بقساوة ويجاب عليه باتخاذ القرارت الشجاعة والحازمة، حتى تلك المؤلمة منها.