هل كنا بحاجة إلى أن يجلس حسن بنعبيشة الناخب الوطني المؤقت والمهدي بنعطية عميد أسود الأطلس، كل في ثكنته ويحول رشاشه ليصيب الواحد منهما الآخر بكلمات جارحة، بتهم وبتقليل الأدب في زمن ما كان أحوجنا فيه إلى هدنة وإلى مصالحة وإلى ترجيح العقل لأن فيه ترجيحا لمصلحة الـمنتخب الوطني، مع ما يفرضه ذلك من رباطة جأش ومن إيثار مراعاة لمصلحة الوطن.
غريب أن يكون بنعبيشة قد ردد على مسامعنا كما ردد ذلك على مسامع السيد عبد الله غلام الرجل الذي قبل بقيادة الجامعة في مرحلة توصف بالكارثية، أنه ما قبل بمهمة الإشراف على الـمنتخب الوطني لمباراة واحدة، إلا لأن هناك قوة فوقه وفوق طاقته، قوة خدمة الوطن وأن يكرر المهدي بنعطية في كل مرة سئل عن الـمنتخب الوطني لازمة أن إسعاد الجماهير المغربية وحمل القميص الوطني لا يقبل بالمزايدات ولا بأي صورة من صور المقايضة، غريب أن يقف بنعبيشة وبنعطية الواحد إلى جانب الآخر على خط واحد عندما يتعلق الأمر بخدمة أسود الأطلس ثم يتحولان على الفور إلى مواجهة بعضهما البعض بكثير من البداءة وبقليل من التواضع ونكران الذات عندما يتعلق الأمر بكبرياء مجروح.
ساءني حقيقة أن أسمع هذا الذي تداعى من كلام ومن تبادل للتهم بين رجلين كان يفترض أن يكونا على توافق كامل، مدرب وناخب يعمل بنظام المؤقت أو الإستثناء ويستحضر في ذلك جوهر المهمة وبعدها التقني قبل الوطني، وعميد يعرف بأن الـمنتخب الوطني في حالة طوارئ أيا كانت المسببات والدواعي وما يتطلبه ذلك من تنازلات وإن كنت ضد أن يتحول المهدي بنعطية إلى شيطان أخرس يسكت عن الحق ولا يرتفع صوته ليشجب ويندد بهذا الذي أوصلنا إليه سوء التدبير، وعندما يفضي التقابل الشرس للأفكار مع أن الرجلين معا يتباعدان في التركيبة الفكرية والكروية، إلى حالة الإنقسام المعلن والتي تصل إلى الحد الذي يسقط فيه بنعبيشة قائد الدفاع ورجل الثقة والعميد المعلن من لائحته بسبب أن بنعطية قلل الأدب وافتقد للإحترام عند مخاطبة رجل تقمص دور الناخب الوطني، فإنني أسأل أين هي التنازلات التي نقدمها من أجل منتخب الوطن؟ أين هي الفائدة التقنية التي كنا نرجوها من مباراة الفريق الوطني الودية أمام الغابون ونحن أمام صدع وشرخ وفجوة كبيرة تفصل بين ناخب وطني وبين عميد وقائد للأسود؟
شخصيا لا أريد أن أنتصر لأي من الرجلين مع أنني أنتصر بالأساس للإحترام الذي يجب أن يكون قاعدة لأي علاقة مفترضة، وقد كان من أوجه هذا الإحترام الذي أقصده أن يكون المهدي بنعطية بوصفه عميدا مستشارا بالمعنى الإيجابي للإستشارة التي هي دعوة للمشاركة في صناعة القرار، فما كان من ضير أن يكون بنعطية أول من يتصل به حسن بنعبيشة بوصفه ناخبا وطنيا أو عبد الله غلام كرئيس مؤقت للجامعة لشرح خصوصيات الوضعية الإستثنائية التي يوجد عليها الـمنتخب الوطني، وما كان من مانع أن يبدي حسن بنعبيشة نوعا من المرونة في تشكيل ردات الفعل التي أنتجها بكثير من الإسهال على أثير الإذاعات، وهو الذي يعرف أن مهمة الإشراف على الـمنتخب الوطني لا ترتبط فقط بمباراة ودية واحدة يخوضها الـمنتخب الوطني يوم خامس مارس أمام فهود الغابون، ولكن عليها يقوم المستقبل المهني لإطار شاب قلت شخصيا على أنه مكسب كبير لكرة القدم الوطنية.
مع ما حدث أضع يدي على قلبي مثلما علمتنا ذلك الجامعة الحالية بتقاليدها وبتدبيرها، والخوف من أن تكثر الأضرار المعنوية والتقنية فتجلعنا نلعن اليوم الذي طلبنا فيه أن يخرج الـمنتخب الوطني من غيبوبته ويلعب مباراة تعظم كوارثها فتحجم كل الفوائد.
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.