كيف يريدنا محمد بودريقة أن نقرأ قراره بالإستقالة من منصبه كنائب لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؟
أو بالأحرى ماذا يمكن أن يقنعنا في التبريرات التي ساقها بودريقة لقرار كان أشبه بجمرة خبيثة أشعلت النار في كومة التبن المتراكمة في محيط الجامعة؟
قطعا لا مانع عندي من أن يكون بودريقة عنيدا بل ومتعنتا في الدفاع عن مصالح فريق هو من قاده بمرجعيته ليتمثل دورا داخل الجامعة في سياقات زمنية صعبة، أحوج ما تكون فيها كرة القدم.
للحكماء، للعقلاء وللمتجردين من النوبات الذاتية، ولا اعتراض لي أن يهب بودريقة إلى نجدة فريقه عندما يراه مستهدفا بالمؤامرات، ولكن هل حصل شيء من هذا؟
هل لمجرد احتساب هدف من تسلل قد نختلف في الحكم على طبيعته، يشهر عضو جامعي إستقالته من جامعة لا يكون فيها ممثلا لناديه ولكن مسؤولا من قاعدة كروية عريضة تأتمنه على مصالحها وبخاصة على مستقبل كرة القدم الوطنية.
صدقا لم أجد في كل المبررات التي ساقها السيد محمد بودريقة في الحوار الحصري الذي أظنكم أطلعتم على فحواه بالصفحة التاسعة، ما يضفي صفة الموضوعية والمعقولية على قرار أتصور أنه ستكون له تداعيات خطيرة على مسار جامعة أنهت بالكاد عامها الأول على إيقاع مشاكل، منها المفتعل ومنها المصنوع باليد ومنها المسلط قضاء وقدرا لاختبار درجة الحنكة في مواجهة الصعاب.
يؤسفني حقيقة أن يكون بودريقة قد ربط الإستقالة بما يعيشه فريقه الرجاء من ظلم تحكيمي لا أستطيع أولا أن أحصي الكثير منه ولا أستطيع ثانيا أن أجزم بأن الرجاء هو الوحيد بين الأندية التي تضررت من أخطاء تحكيمية، وما يؤسفني هو أن تكون ردة فعل عضو جامعي بهذا الشكل السمج، هو من يجب أن يتحلي بالروية والصلابة، وهو من يجب أن يكون أمينا على مشروع الجامعة الذي لا يمكن أن يسقط في الماء لمجرد أن حكما مساعدا لم يحتسب تسللا على لاعب أكاديري منه وقع الهدف الأول لفريقه، وهو أيضا من لا يستطيع أن يهمل فريقه، فبودريقة يعرف جيدا أن الرجاء إن خرج مبكرا من السباق نحو اللقب، فأبدا لم تكن وحدها الهزيمة أما حسنية أكادير هي السبب، وأبدا لم يكن خطأ تحكيمي وحده السبب، فهناك بالتأكيد أسباب موضوعية وذاتية لها علاقة بتدبير الرجاء لكثير من المراحل الصعبة.
مؤكد أن بودريقة إستشعر نوعا من الغبن والمشروع الذي كلف به من قبل رئيس الجامعة والمتمثل في إطلاق العصبة الإحترافية يصاب بحالة من الإحتباس القريب من الإجهاض، وإذا كان ضروريا أن نربط بين هذا الغبن المستشعر وبين الإستقالة الملوح بها، فإنه من الضروري أن نتحدث عن طبيعة العلاقة التي يجب أن تربطها الجامعة الملكية لكرة القدم من خلال مكتبها المديري بالقاعدة التي إنتخبته، علاقة تقوم على التفويض الذي لا يمكن لأي كان أن يتجاوزه، وبالتالي فإن بودريقة لما كلف بمشروع العصبة الإحترافية فإنه سلك في ذلك مسلك التشاور، وكان عليه أن يلتزم بمسلك التشاور إلى أن يسلم الوديعة لأصحابها، وبالتالي فإن كان هناك ما أغضبه في المعارضة القوية التي واجهها البناء النهائي للنظام الأساسي للعصبة الإحترافية ولم يجهر به إلا لمن هم حوله، فإن هذا الغضب لا يمكن تماما كما هو الإنزعاج من أخطاء تحكيمية تستهدف الكل، أن يكونا سببين لتقديم الإستقالة التي تشيع اليوم أجواء من الإحتقان وتزيد في توتر العلاقة بين مكونات كرة القدم.