سينتهي مخاض بنعبيشة وبنعطية في سلات المهملات التي لم يتدخل فيها البيت الجامعي ولا المعنيون عن اللجنة التقنية المحالة على التقاعد النهائي، لا أحد تدخل لتلطيف الأجواء المفتعلة لأسباب لا يعلمها إلا الله، قد يكون بنعبيشة أخطأ قراءة سيناريو مؤقته كناخب وطني واختار كما يحلو له من دون أن يقرأ حتى التفاصيل الصغيرة لسرعة اللسان في التصريحات المسؤولة، وقد يكون بنعطية أيضا مخطئا في الرد المجانب للصواب على بنعبيشة حتى ولو كان غير مقتنع بما قاله بنعبيشة كبادئ أول عندما قال بنعطية لفرانس فوتبول الثلاثاء الماضي:
«لم يفاجئني ذلك لأن المدرب قال كل شيء عني خلال الأيام الأخيرة، وعودة للحادث فقد إتصل بي مصطفى الحداوي قبل أسبوع يخبرني بأن الناخب الوطني المؤقت يدعوني للحضور للمباراة الودية ضد الغابون.. غير هذا الإتصال لم يكلمني أحد، وتألمت كثيرا حينما قرأت حوارا لبنعبيشة بعدها يقول فيه بأنها مشكلتي إن لم أرغب في الحضور، إنها أمور تغلط الرأي العام وتجعله يضعني في قفص العقوق أو عدم الإلتزام، كان من الأفضل أن يتصل بي شخصيا للإستفسار إن كانت لديه شكوك حول مجيئي وحينها كان سيجدني قد إقتنيت مسبقا تذكرة الطائرة المتجهة إلى مراكش، لقد مرر رسائل خاطئة عني للجمهور المغربي».
وأيا كانت التبريرات، ما كان من الضروري السقوط في هذه النوعية من الأخطاء التواصلية التي أقحم فيها مصطفى الحداوي كطرف غير معني على الإطلاق بالمنتخب الوطني، ولماذا أوصى بنعبيشة زميله الحداوي بالإتصال ببنعطية قصد إخباره بالدعوة؟ ولماذا قبل الحداوي أصلا بما هو خارج عن إطاره العام بالفريق الوطني رغم أنه رئيسا لجمعية اللاعبين المغاربة؟ وهل أصلا في الموضوع غموضا ولبسا بين بنعبيشة وبنعطية مع أن أصول قيادة المنتخب الوطني تلزم علائقيا خلق أجواء من التفاهم والتقارب بين جميع مكونات المنتخب الوطني حتى ولو كانت مهمة بنعبيشة مؤقتة لكسب ثقته التقنية للسنوات القادمة؟ ثم أين هو المسؤول الإداري من التواصل المطلق والمفروض أن يوجه الدعوة للمحترفين من دون الإتكال على الحداوي؟ وأين هي الجامعة أصلا في تغيير هذا التسيب المطلق لتواصل ما كان ليحصل لو استطاع بنعبيشة أن يتواصل بالرزانة مع جميع الأسماء التي اقترحها، ولو كان فعلا بنعبيشة هو الناخب الرسمي لما وقع في هذا الجدل المشحون بالصراعات الصبيانية؟
أكثر من ذلك، وحسب الرد الطري لبنعطية من خلال حواره لفرانس فوتبول الثلاثاء الماضي مع أننا هاتفناه لتقصي الحقائق حول الجدل اللامبرر إلا أن هاتفه كان لا يرد.
وتابع بنعطية: «إنها إهانة تقبلتها بحرقة، صراحة إنه مدرب لا ولن أتعامل معه وليست لدي الرغبة للتعرف عليه، أما بخصوص يونس بلهندة فلم أتدخل ولم أقل أبدا لماذا لم يناد عليه، كل ما في الأمر أنني تحدثت عن طريقة حديثه للصحافة الفرنسية والكيفية التي إنتقذ بها يونس، هذا لن يخدم اللاعب ولا الفريق الوطني الأحوج إلى خدماته، ويبقى الجمهور المغربي عارفا بأن بنعبيشة لا يعدو أن يكون سوى مدرب مؤقت وبعده سيأتي ناخب وطني جديد وسأكون أول من يحضر».
وتبدو تلافيف هذا القول غير مسؤول حتى ولو كان لدى بنعطية حرقة، لأن العقل يقول كان من الأولى أن يحضر إلى المغرب لمساندة الأسود حتى ولو لم يستدع في التشكيل ويترفع عن عدم الرغبة للتعرف على بنعبيشة مقابل مواجهته لمعرفة أصل الخلاف، صحيح أن بنعطية رجل صريح وكاشف للحقائق ويموت من أجل القميص الوطني مثلما يؤكده:
«دوري كعميد هو كشف الأمور وقول الحقيقة ووضع الأصبع على مكامن الخلل، كان بإمكاني إلتزام الصمت ومواصلة الإلتحاق بمعسكرات الفريق الوطني وخوض المباريات الودية وكأن كل شيء على يرام، لكنني صريح وسئمت من الإنكسارات والعثرات طيلة السنوات الأخيرة في الأدغال الإفريقية، نتوفر على لاعبين من مستوى عالٍ وبإمكاننا البصم على بطولة قارية ممتازة السنة المقبلة، وبالتالي إحراز الكأس لإسعاد الشعب المغربي المحبط، أقولها وأكررها أنا عميد الفريق الوطني ولن أسكت لأن دوري هو تحريك المياه الراكدة ولا أعتقد أنني بتصريحاتي هاته أرسلت تهديدات لأحدهم، وفي الختام أعلن للجميع أن بنعطية سيلعب كان 2015 حتى في غياب ناخب وطني لأن المغرب فوق الجميع سواء مدرب أو لاعبين أو جامعة».
لكن في مثل هذه الظروف القاسية التي يمر منها المنتخب الوطني بما فيها الجامعة المنتهية صلاحيتها، كان من الواجب عدم السقوط في هذه الأمور التي تنشر غسيلنا ببلدان مجاورة تضحك على مصائبنا وعلى خبث نتائجنا، وما كان بنعبيشة ولا الحداوي ولا بنعطية الصيد في الماء العكر والنفخ في لهيب المعاناة.