هل كانت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مجبرة على أن تخبر بلقاء عقده رئيسها فوزي لقجع بالسويسري جوزيف بلاتير رئيس الجامعة الدولية لكرة القدم يوم الجمعة الأخير، من دون أن تنبس بكلمة واحدة عن طبيعة الإجتماع، ومن دون أن تفصل بعد ذلك الحديث عن المحاور التي تم التداول بخصوصها؟
سؤال السياق الزمني الذي ينعقد فيه هذا الإجتماع بين رئيس جامعة وطنية وبين رئيس جامعة دولية، وسؤال الضرورات الإستراتيجية التي تتحكم في إجتماع من هذه الطبيعة، هو ما يستفز وهو ما يدعو إلى النبش في الحيثيات وفي أسباب النزول وفي إنتظارات الجامعة من لقاء لن يقنعني أحد بأنه كان لقاء ود ومجاملة وعناق العرفان والتقدير.
للسيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أكثر من مبرر للقاء بلاتير، كما له أكثر من حاجة يمكن أن يقضيها بمشورة وبمساعدة رئيس الفيفا، فالتشنج الذي حدث بين الجامعة وبين الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بين لقجع وبين عيسى حياتو تحديدا، هو من كان على الدوام على ود موصول معنا، في أعقاب استصدار الكاف لعقوبات رياضية ومالية عاقب بها المغرب على عدم تنظيمه للنسخة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم في موعدها الأصلي، ورأى المغرب حكومة وجامعة، أنها على ثقلها تصيب الكرة المغربية بظلم كبير وبضرر أشد، فلجأ لخيار المحكمة الرياضية الدولية أملا في ضرب كل هذه الأحكام، هذا التشنج كان يحتاج لمقاربة ديبلوماسية، تمنع عنه كل إستشراء واستفحال فيتحول إلى حرب معلنة، لا ندري إن كانت للجامعة القدرة على ربحها أم لا؟
والذي يعرف ما أصبحت عليه علاقة بلاتير بحياتو من صفاء وتوادد وتحالف إستراتيجي، منذ أن دخل عيسى جحره القاري ورفع الراية البيضاء، هو من حرضه الأوروبيون ذات زمن للوقوف في وجه بلاتير لإسقاطه من عرش الفيفا، يدرك جيدا أن لبلاتير كرئيس للفيفا المظلة الأولى لكل الإتحادات القارية كلمة نافذة يمكن أن يقولها، كلمة تعفي الجامعات الوطنية من كل شد وجذب بينها وبين الإتحادات القارية التي تنضوي تحت لوائها.
لذلك لا أستبعد أن يكون السيد فوزي لقجع الذي بات هو والجامعة ومن خلالهما المغرب في موقف قوة داخل الإتحاد الدولي لكرة القدم بعد النجاح الباهر الذي تحقق مع استضافة المغرب لنسختي 2013 و2014 لكأس العالم للأندية، قد سعى من خلال هذا اللقاء الذي أصر على طلبه، إلى ما يشبه الوساطة من بلاتير لاحتواء الخلاف القائم وحجب كل هذه العقوبات الثقيلة التي فرضت على المغرب لوجود تهمة رفض تنظيم «الكان»، هو بريئ منها براءة الذئب من دم يوسف، والأمر لا يفيد بوجود مؤشر على أن المحكمة الرياضية الدولية قد لا تطعن في أحكام الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بخاصة إن وافقتها على أن وباء إيبولا لم يكن يمثل قوة قاهرة، ولكنه يفيد بوجود محركات تقول بضرورة أن يتدخل الحكماء لاحتواء الخلاف وجبر الضرر الذي سيقع على الكرة المغربية إن أبقت الكونفيدرالية الإفريقية على عقوباتها بسند من المحكمة الرياضية.
وقطعا لم يكن الخلاف المستشري بين الجامعة وبين «الكاف»، وحده محور نقاش تدل السياقات الزمنية على أهميته، كما يدل أيضا خلو الموقع الإلكتروني للجامعة وحتى لـ «الفيفا» من أي إشارة إليه على أنه حساس واستراتيجي، بل كانت هناك محاور أخرى تستحق أن يناقشها ويتداول بخصوصها مسؤول عن جامعة وطنية مع رئيس أعلى هيئة منظمة لكرة القدم في العالم، منها أن المغرب لا يمكن أن ينكر رغبته الجامحة في العودة مجددا لطلب تنظيم كأس العالم للمنتخبات، فالمغرب الذي نجح بكامل الإقتدار في تنظيم نسختين تاريخيتين لكأس العالم للأندية والمغرب الذي نال التقدير الكامل من الراعي الأول للحدثين (الفيفا)، والمغرب الذي نجح في إغناء ترساناته بملاعب من الجيل الجديد والمغرب الذي أظهر كفاءة كبيرة في تنظيم تظاهرات كروية من منظور حديث، له كامل الحق في أن يعود هذه المرة واثقا للمنافسة على تنظيم الحدث الكوني سنة 2026، ليكون ثاني بلد عربي ينظم المونديال بعد الشقيقة قطر التي ستنظم نسخة 2022 بمشيئة الله، وليكون ثاني بلد إفريقي يستضيف المونديال بعد أن كانت جنوب إفريقيا أول من إستضافه سنة 2010، وطبعا لا تكون الخطوة مشرعنة ومساندة ومحاطة بكثير من أسباب النجاح، إلا إذا أشر عليها بلاتير الذي يتمتع بحظوة كبيرة لدى العائلة الكروية العالمية، هو من يملك اليوم حظوظا كبيرة ليستمر لسنوات أخرى على رأس الفيفا. 
والمؤكد أيضا أن إجتماعا من هذه الطبيعة في هذا التوقيت بالذات لا يمكن إلا أن يبرز شيئا واحدا، هو أن هناك مناخا من الثقة بين الجامعة وبين الفيفا، مناخ لا بد وأن نحميه من كل الهواءات الساخنة التي تهب من الجنوب وكثيرها محمول على الحقد السياسي، ولا بد أن ندعمه بإيجاد الكفاءات الوطنية المرحب بها للتواجد داخل التنفيذية القادمة للإتحاد الدولي لكرة القدم وداخل تنفيذية الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم وداخل لجان المؤسستين معا، الكفاءة التي لا تبقي مجالا لا للمحاباة ولا لشراء الذمم بهدف إخراس الأصوات.