الدفاع الجديدي والمدربون.. حكاية  لا تنتهي

أصبح موضوع المدرب يشكل هاجسا لمسؤولي الدفاع الجديدي، حيث بات فارس دكالة من الأندية التي تهوى تغيير المدربين طوعا أو كرها وترفع شعار اللا استقرار، بدليل أن مجموعة من المدربين تعاقبوا على تدريب فارس دكالة، منهم من اضطر للرحيل وسط الموسم وآخرون إنتظروا نهاية الموسم وحزم حقائبهم بعد نهاية الموسم، ويبقى المصري حسن شحاتة آخر المدربين الذين آثروا فك الإرتباط بطريقة لم يعهدها مسؤولو الفريق الدكالي بعدما اختار حلَ الهروب والتوقيع لنادي المقاولون العرب المصري قبل أن يفسخ عقده.
تألق معجون بالمشاكل
عودة ملموسة تلك التي وقع عليها الدفاع الجديدي في السنوات الأخيرة، حيث أصبح من الأندية التي يحسب بها ألف حساب، ولم يعد ذلك الفريق الذي يلعب في الظل أو يتقمص الأدوار الثانوية، بدليل أنه فرض نفسه نجما في بطولة الموسم الماضي بعد أن فاز بأول لقب له منذ نشأته، بعد تتويجه بلقب كأس العرش، واعتُبر هذا اللقب ثمار جهود إستثمره هذا الفريق في السنوات الأخيرة من خلال الإشارات التي كان يقدمها كل موسم.
لكن يقابل هذه العودة للواجهة مشاكل عدة بدأ تأثيرها يظهر على الفريق، خاصة على المستوى المالي بدليل الإضراب التي قام به لاعبو الفريق خلال أحد التداريب وكذا الغضب الذي كان ينتاب الطاقم الفنية بين الفينة والأخرى، ناهيك عن فشل فارس دكالة في التأهل للمباراة النهائية لكأس العرش.
بشعار لا للإستقرار
تميز الدفاع الجديدي بعدم الإستقرار التقني شأنه شأن مجموعة من الأندية التي يهوى مسيروها التغيير التقني كلما ساءت النتائج، حيث توافد على تدريب الفريق مجموعة من المدربين، وهو ما كان يخلق نوعا من الإرتباك التقني والتكتيكي لدى اللاعبين، بل في بعض الأحيان كان يؤثر هذا التغيير المستمر على المستوى التقني للفريق ككل.
المدربون المتعاقبون والراحلون كانوا في أكثر الحالات يضطرون للرحيل أو ما يصطلح عليه الإنفصال بالتراضي بسبب غياب أجواء العمل وكذا تعرضهم لضغط يصل لحد التهديد من طرف فئة من الجمهور، التي كانت تزرع في الكثير من الحالات الفتنة والبلبلة داخل الفريق الجديدي، ولنا في حالة المدرب جواد الميلاني أبرز مثال عندما اضطر لتقديم استقالته بعد تعرضه للتهديدات، وهو الذي قاد الفريق في المواسم الأخيرة في ثلاث مناسبات.
براتشي وآخرون
تعاقب في السنوات الأخيرة على تدريب الدفاع الجديدي  مجموعة من المدربين، محليون  وأجانب ولم يقو أي من الأسماء التي قادت فرسان دكالة على البقاء أكثر من موسم، إذ سرعان ما يجد كل مدرب  نفسه خارج القلعة الجديدي، على غرار موسم 2008ـ2009 عندما تعاقد الدفاع مع المدرب الفرنسي براتشي الذي لم يكمل الموسم وخرج من الباب الضيق بسبب عدم استقرار النتائج، واضطر الفريق الجديدي لإنهاء الموسم مع المدرب جمال السلامي الذي كان مساعدا لبراتشي.
وبعد أن قرر مسؤولو الدفاع الجديدي وضع الثقة في المدرب جمال السلامي عادوا ليمارسوا هواية التغيير، إذ لم تشفع النتائج الجيدة التي سجلها السلامي والعمل الذي قام به مواصلة  مشواره، فاضطر هو الآخر للهروب بجلده قبل نهاية الموسم، حيث أكمل مباريات هذا الموسم ابن الفريق محمد معروف.
جمال فتحي في موسم 2010ـ2011 هو الآخر تعذر عليه  مواصلة المشوار وغادر الفريق ليخلفه مجموعة من المدربين الذين دربوا الدفاع الجديدي هذا الموسم وهو منعم وخالد كرامة، ثم الشريف، قبل أن يعود جواد الميلاني مرة أخرى في موسم 2011ـ2012 لقيادة فارس دكالة وأمضى معه الموسم، لكنه  غادره بعد انطلاق الموسم الموالي  بدورات وحل محله حسن مومن الذي غادر بدوره الفريق قبل نهاية الموسم.
بن شيخة الإستثناء
عندما تهيأ للمسؤولين أنهم وجدوا أخيرا المدرب الذي سيحافظ على الإستقرار التقني، وكذا الإطار التقني الذي بحثوا عليه طويلا، تلقوا صفعة قوية عندما آثر هذا المدرب البحث عن أجواء أكثر طموح وبأهداف أكبر ومغادرة الفريق، الأمر يتعلق بالمدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة الذي شكل الإستثناء بالقلعة الدكالية ولاقى كل السند والدعم من جميع مكونات الفريق.
عبدالحق بن شيخة  الذي شكل الإستثناء من بين المدربين السابقين أحدث ثورة داخل هذا الفريق، ثورة على مستوى النتائج والأداء وكذا الأرقام والجوائز، ويكفي أنه قاد الدفاع الجديدي لأول مرة في تاريخه إلى منح خزانة الفريق لقبا، بعد أن تُوج الدكاليون بلقب كأس العرش على حساب الرجاء.
ما حققه عبدالحق بن شيخة شفع له أن  يكمل موسمه بارتياح واقتناع، وكان من الطبيعي أن يتشبث المسؤولون وعلى غير العادة ببن شيخة ويطالبونه بالتجديد وهم الذين ألفوا ممارسة هواية التغيير، غير أن المدرب الجزائري آثر أن يدير ظهره ويوقع للرجاء، فكان المكتب المسير هذه المرة مكرها بالبحث عن مدرب جديد.
شحاتة آخر المدربين المحترمين
كالعادة وككل بداية موسم إستنجد مسؤولو الدفاع الجديدي بأجندة المدربين من أجل ملء الفراغ الذي تركه عبد الحق بن شيخة، فكان أن تعاقدوا مع إسم وازن في شخص المصري حسن شحاتة، لكن أيامه كانت معدودة خاصة أن كل المؤشرات كانت تؤكد بأن الأخير لا يطول به المقام لشعوره بعدمر الراحة داخل الفريق الجديدي بسبب المشاكل المالية، فكان رحيله تحصيل حاصل لوضعية لم تكن مستقرة، حيث آثر الهروب والتوقيع لنادي المقاولون العرب المصري.
هذا الرحيل كان متوقعا خاصة بعد أن فشل الدفاع الجديدي في الوصول إلى المباراة النهائية لكأس العرش، حيث كان الفريق الجديدي يعلق آمالا كبيرة على الكأس بحكم أن الطريق أصبح سالكا أمام فرسان دكالة بعد إقصاء جل أقطاب الكرة المغربية الذين كانوا مرشحين للفوز باللقب.
فريق المدربين
بالقدر الذي يتحسر الدفاع الجديدي على اللا استقرار التقني الذي يتخبط فيه بالقدر الذي يتأسف على أن أغلب المدربين إنما يجعلون من الدفاع الجديدي نقطة انطلاقة ليتوهج إسمهم، ذلك أن الكثير من المدربين إعتبروا الدفاع الجديدي قنطرة قبل دخول تجارب أكثر طموح.
والواقع أن الوضعية التي يعيشها فارس دكالة ومحيطه غالبا ما يشجعان المدربين على تغيير الأجواء، ويبقى حسن شحاتة خير مثال على ما يعيشه المدربون داخل هذا الفريق، الذي يعاني من سوء التدبير المالي، بدليل أن مسؤوليه فكروا في الإكتتاب من أجل صرف المستحقات المالية العالقة للاعبين، وضعية ألفناها في السنوات الأخيرة، ولو أن ما يحز في النفس أن الدفاع الجديدي لا يستغل الإمكانيات البشرية، كما لم يستغل تذوقه حلاوة  اللقب الأول، فهل سيبقى هذا الفريق رهين التغييرات الفنية ونقطة انطلاقة المدربين، أم أن مسؤوليه فهموا الدرس جيدا ليعيدوا النظر في وضعية فريقهم بتدبير وتسيير أكثر عقلانية واحترافية؟

ADVERTISEMENTS

عبداللطيف أبجاو