في شهر إيبولا نطق من به صمم، وتحول المتفيقهون لمنظرين يفهمون في الطب والصيدلة والتلقيح وحتى التداوي بالأعشاب..
وركب البعض صهوة القومجية وتغنوا بموال المواطنة وتوزيع صكوكها بالتقسيط على الموالين والمباركين لخرجات الوزير، متجاهلين أنه من حذر السي أوزين من أذى الكاف ومن كون حياتو ومن معه يحملون بالفعل «ضلعة زايدة» كان على صواب، ولا يقل وطنية عن المزايدين بالوطنية هذه الأيام وهم كثر في سوق المواقع.
قد يكون الإجماع الذي حظي به بلاغ الوزير منذ البداية أول إرهاصات الخروج المائل من الخيمة، وهو نفس ميلانه في تدبير مقاربة التفاوض المكولس مع «كاف» تقدس البزنس وكل شيء عندها بمقدار الربح والخسارة.
لذلك يبرز طرح من عارض مقاربة الوزير وبلاغه اليوم على أنه كان أكثر حكمة، ولعل التاريخ سيشهد من دون أن يتجمل أو يتلون بمساحيق المداهنة والنفاق، على أن ما حمله عمود زميلنا مصطفى بدري بنفس النافذة قبل نحو شهر كان عين العقل، وهو يحذر بحاسة الخبير وحدس المجرب والعارف بالكثير من الأسرار وخاصة روح القانون والشريعة المعمول بها داخل هذا الجهاز، قبل أن نصل لعنق الزجاجة هاته وهو العنق الذي يضيق كل يوم لا نرى مجالا لاتساعه كي تخرج منه كرتنا بسلام.
الذين هللوا لوزير الحركة بركة ليسوا كلهم وطنيين، ومن عارض مقاربة خروجه المقوس من خيمة التفاوض ليسوا خونة ولا عملاء، ومن يجنح لهذا التقسيم كمن ينفخ على جمر الفتنة ولعن الله كل الذين يوقدون هذه النار.
قد يكون العكس هو الحاصل في معادلة تشريح كأس «إيبولا» هاته ولعل من عارض طرح التأجيل بالمقاربة إياها كان أكثر وطنية من الحربائيين الذين تلونوا بلون المرحلة، والوطنية هنا نسبية يصعب قياس درجتها بالمقالات وحدس النوايا وصدى الأبواق.
في شهر «إيبولا» تكلم الخرسى وبعث الموتى والراقدون، فظهر الكرتيلي من جديد ليقرض في راوراوة الجزائري نثرا وهجاء، ولولا خوفه من أن لا يصدقه من هم اليوم أحياء ويرزقون لقال أن الجزائري هو المسؤول عن انتشار إيبولا في القارة السمراء كي يورط المغرب كل هذه الورطة.
وفي شهر «إيبولا» جدير بنا أن نشكر الله على أن منّ علينا بوزراء يخافون على صحتنا ويحرصون أدق الحرص على أن نحيى سالمين غانمين، ولتذهب الكرة وصداعها للجحيم وهم في ذلك مشكورين..
تكلم الجميع ونطق الكل في وقت إلتزمت فيه الكاف وحياتو الصمت، وتحينوا لحظة الحسم كما دققوها في أول بلاغهم وهو الثالث من نونبر وبعدها شرعوا أفواههم للحديث وأيما حديث؟
اليوم يتنقل حياتو بين المحطات الفضائية كما يتنقل بين عيادات نفس البلدان لتصفية دمه، لذلك يتفوق الشيخ الكامروني على السويسري بلاتير لكونه يحمل كل فصائل دم العالم في شريانه، وهو ما لا يقوى بلاتير عليه..
حياتو يوبخنا في المرئيات والسمعيات، ويتوعدنا ببئس المصير ويتلاعب بمشاعرنا كما يتفنن في حرق أعصابنا، وسيرينا النجوم في عز الظهر جزاء على العصيان وإشهار «لاء» التنظيم في وجه جهاز لا يقبل اللاءات.
مقابل هذا ابتلع وزيرنا لسانه، وواصل لقجع العيش مع أهل الكهف، ليغيب أثره ولا أحد كلف نفسه عناء الرد على ما يصول به حياتو ويجول به دياكيطي في المحطات القريبة جدا منا ولو من باب كف الأذى.
من يحاول اليوم أن يقنعنا أن الصمت حكمة، لن نصدقه لأن اليوم اتضحت فيه النوايا وانكشفت السرائر، والكاف لم تعد تخفي صدق مشاعرها نحونا، وإن كان من حقها أن تتحدث بلسان الشريعة التي تحكمها، فإنه يتعين على المسؤولين عندنا أن يردوا وينوروا الرأي العام بخصوص طريقة الرد ونسبة حظوظ استمرارنا في تدوير الكرة في ملاعبنا وأين سنلعب ومتى؟
عليهم أن يخبرونا إن كنا سنلعب بالفعل مع اليمن والبحرين، ونلحق بركب الخليج أم سنواصل عمق الإنتماء لنفس الشجرة التي نتقاسم جذورها مع الأفارقة لا غيرهم؟
عليهم أن يخرجوا من جحورهم ليفكوها بأسنانهم، ويخبرونا إن كان فعلا أشقاؤنا بالشيلي وأمريكا اللاتينية يرحبون باقتحام خلوتهم بـ «الكوبا أمريكا»؟
وعليهم أن يخبرونا عن حقيقة الكاميرا الخفية التي شارك فيها منتخبا الزاكي وفاخر طوال تلك الفترة، لأنهم كانوا على علم أننا لن ننظم الكان وهم القائلون بعظمة اللسان أنه قرار طبخ على نار مستوية وهادئة واستغرق فترة طويلة؟
عليهم أن يجروا تعديلات في عقدي الناخبين الوطنيين ويعيدوا لدافعي الضرائب ما يسددون به فواتير الماء والكهرباء المرتفعة، فلا يعقل أن يتفنن السي بنكيران في الزيادات، ويزيد الشحمة في ظهر المدربين ويزيد مقابلها أسعار المواد الإستهلاكية التي تلهب جيب المواطن المغلوب على أكثر من أمر.
خلاصة كل هذا الوضع أنه لا أحد سيقنعنا هذه المرة ونحن نتلقى الضربات أن الصمت حكمة.. الصمت هنا جريمة ونقمة وحتى هزيمة..