في مقابل تشبت المغرب بطلب تأجيل نهائيات كأس إفريقيا للأمم في نسختها الثلاثين تأسيسا على القوة القاهرة المتمثلة في الأخطار التي يمثلها وباء إيبولا القاتل وسريع الإنتشار، يبدي الإتحاد الإفريقي لكرة القدم تصلبا في المواقف عندما لا يسمح بأي تأجيل للبطولة عن موعدها الأصلي.
وإذا كانت وزارة الشباب والرياضة قد جست نبض الكاف في أكثر من مناسبة من دون أن تحصل منها على أي رد فعل إيجابي يسمح في إطار المقاربة التشاركية التي يلزمها به التعاقد بالجلوس إلى طاولة الحوار للتعمق في دراسة الطلب المغربي وتعيين درجات الخطورة التي يمتلها الوباء المنتشر ومن تم الوصول إلى قرار متوافق عليه، فإن ما كانت عليه الكاف من جزم بعدم تأجيل البطولة عن مواعيدها المعلنة آنفا، جسدته الخرجة الإعلامية الأولى من نوعها للسيد عيسى حياتو رئيس الإتحاد الإفريقي منذ تقديم المغرب طلبا بتأجيل الكان منذ شهر تقريبا، عندما تحدث لقناة فرانس 24 التلفزية معقبا على القرار الذي إتخذته اللجنة التنفيذية للكاف يوم الثلاثاء الماضي بسحب تنظيم كان 2015 من المغرب لإمعانه في طلب التأجيل المقترن عنده برفض التنظيم، فقد قال حياتو بصريح العبارة أن التأجيل هو إعلان عن وفاة كأس إفريقيا للأمم وهو تشهير بعدم مصداقية الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الصرح الرياضي الذي قال حياتو أن إفريقيا قضت ما يزيد عن نصف قرن من أجل أن تبوأه المكانة التي يحتلها اليوم بين المؤسسات الرياضية الدولية، وهو أيضا سابقة قد تفتح من الآن الباب أمام كل بلد منظم لأي بطولة إفريقية ليأتي في آخر لحظة ويقول أنه يملك أسبابا موضوعية لتأجيلها.
ولم يقف الشيخ حياتو عند هذا الحد بل إنه وجه بشكل مستتر خطابا شديد اللهجة للمغرب عندما توعد كل من سولت له نفسه تدبير ما قال أنه بناه بكل صبر على مدار سنوات، وحتى يفعل الوعيد فإنه من دون شك سيوجه اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا للأمم بحسب ما تنص عليه اللوائح لتوقيع أقسى العقوبات المادية والرياضية على المغرب حتى يكون عبرة لكل من سولت له نفسه العبث بما هو مقدس عند الكاف، بما هو جالب للثروة كأس إفريقيا للأمم.
بالطبع لم ينس الشيخ حياتو أن يذكر بالتعهدات والعقود والإلتزامات المبرمة مع الرعاة ومع المستشهرين والناقلين الرسميين وأنه لا يريد أن يصيبهم بأي ضرر، وقد كان مستفزا للمشاعر أن السيد حياتو لم يذكر بكلمة واحدة الوضع الصحي المتردي بقارتنا الإفريقية نتيجة تفشي إيبولا وغيرها من الأوبئة الفتاكة والتي ذهبت حتى اليوم بأرواح 4900 شخص، وأبدا لم يشر من قريب أو بعيد لما يحمل المغرب على طلب التأجيل وما يعتبره بالفعل قوة قاهرة، لنصل إلى حقيقة دامغة وهي أن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم وعلى رأسه الشيخ عيسى حياتو لا يسمح لأي قوة قاهرة بأن تلمس ولو شعرة من كأسه الإفريقية، التي نعرف اليوم لماذا يستميت في الدفاع عن حقه بتنظيمها مرة كل سنتين على خلاف كل البطولات القارية الأخرى، برغم ما يرافق ذلك من معارضة شديدة.
للكان ولحياتو كأسا يريد أن يشرب منها وليذهب الآخرون مع الطوفان. 

بدر الدين الإدريسي