ظلت خفيفة كريش الحمام الذي تبنت شعاره ولونه الحزبي لتصل لقمرة قيادة وزارة الشباب والرياضة، ولا أحد شعر بمرورها اللطيف، لأنها باختصار مارست سياسة النواعم التي لا تثير نقعا ولا تخلف غبارا وتؤثر كم حاجة قضيناها بتركها.
رحلت طيبة الذكر نوال المتوكل وأنابت بعدها حليف اللون السماوي منصف بلخياط بعدما سلمته الشاهد في رواق صعب، فرض على الأخير رفع إيقاع السرعة وتغيير نمط الركض ليحدث ثورة على مستوى مقاربة التدبير جعلت البعض يصفه يومها بالوزير الثوري.
اليوم يتصدر محمد أوزين مشهد الأحداث، له مريدوه وله معارضوه ولا يجد حرجا في الرد عليهم عبر حائطه الفيسبوكي كما فعلها مؤخرا مع الفنان الساخر الحسين بنياز المعروف بلقب «باز».
«باز» إتهم الوزير الحركي بـ «التشرميل والسرقة الأدبية»، ومعاليه أشرك معه زوار موقعه الإفتراضي لدخول معركة التلاسن مع فنان ساخر بما تسنى له من قدرة على ترك البريستيج والتموقع جانبا، ليتفرغ لعرض نقائضه الشعرية أمام الملأ.
حاز محمد أوزين إجماعا غير مسبوق على مستوى تبني قرار مقاربة تأجيل الكان، بعدما ألبس قراره عباءة الوصف «السيادي»، وغلفه بـ «سولوفان البعد الإنساني» ولا أحد تجرأ على التغريد خارج السرب، إلا الضالعون في ما «خفي كان أعظم».
اليوم يرتبط مصير كرة القدم بالبلد كلها بقرار من المفروض أن يتمخض  في أجل أقصاه 48 ساعة، ولا أحد يملك معطيات عن نوعه ولا شكله ولا كيف سيطبخ وبأي توابل سيتم تحضير وصفته.
لكن قبل اتخاذ القرار، سيكون من باب التأريخ للحدث الذي سيحسب للمغرب بلا شك أيا كانت طبيعة الحكم الذي سيصدر بالقاهرة الثلاثاء القادم، لأن المغرب تجرأ على خلخلة الكاف ، وتحريك الماء الراكد في بركتها بأن استحضر بعدا إنسانيا نبيلا في طرح التأجيل الذي طالب به، وفرض على هذا الجهاز وغيره وحتى على كثير من المتتبعين على مستوى العالم، أن يصوبوا اهتمامهم صوب المغرب وقيمه النبيلة التي يقدمها على كل هوامش الربح والخسارة التي تحضر في حسابات الكاف وترعد فرائصها.
شخصيا لا أقبل كما لا أستوعب أن يكون قرارا بكل هذه الهزات الإرتدادية العنيفة التي خلفها، قرار أحادي نام الوزير أوزين واستقيظ واتخذه بمعزل عن أي استشارة.
لا العقل يقبل ولا المنطق يستوعب أن يكون كل هذا الهرج وهذا المداد الذي اندلق من البلاغات والبلاغات المضادة، وكل النقاشات التي أثيرت في أكبر المحطات والقنوات الفضائية، بعيدا عن حاسة التتبع وكأننا نعيش في غار تكومت الحجارة الغليظة على مخرجه، فحالت بين مواكبة الضجيج الذي أثاره قرار معاليه.
لو أظهر التاريخ والذي لا يتجمل مستقبلا، أن القرار كان نزوة أو مزايدة حزبية ضيقة أو مناورة «سياسوية» وإيبولا هي بساط الريح التي حاول أوزين أن يركبه لرفع الأسهم، واستقطاب متابعة أكبر وممارسة كل هذا «الشو» طوال شهر من الزمن.. وهو أمر جد مستبعد، فإن نفس التاريخ سيطالب بمحاكمة عادلة لنفس الرجل الذي شارف على وضع مستقبل الكرة الوطنية بمنتخباتها و فرقها على حد السيف.
لذلك يقيني تام و قناعتي مطلقة في كون القرار لم يكن قرارا أحاديا لأوزين و إلا لأصبحنا أمام نموذج وزير  غير تقليدي، ووزير يرسخ لـ «تاويزاريت» جديدة ومن كوكب آخر.
وإن نحن آمنا بكونه قرار سيادي، وقرار تمت دراسته بعناية وحكمة كما ظل يصرح معاليه، فإن نفس القناعة لا بد وأن تقودنا للإستماتة حتى الهزيع الأخير من الليلة التي ستسبق إعلان الموقف النهائي في الدفاع عنه وبتعصب حتى..
تستحق الكاف أن ترفع لها القبعة على نضالها وتنطعها دفاعا عن قناعات وتواريخ تجعلها من المقدسات، لكن ما ليس من حقها هو أن تمارس إملاءاتها على الإتحادات وتفرض أمرها الواقع تحت طائل العقد الذي هو شريعة المتعاقدين، متجاهلة أن القوة القاهرة والغبن يفسخ «البيع و الشرا» أحيانا.
أدخلتنا إيبولا مدن الحيرة، فلم نعد نميز الخيط الأبيض من الأسود من الحقيقة، ومن ركب على الحدث ومن تبناه ومن زاد في العلم؟
أوزين إذن أدرى بشعاب القرار وهو يعلم كيف يكتب خاتمة سيناريو هذا المسلسل، وإن نجح في أن يستل الشعرة من عجين حياتو بسلام فإننا سنقول له جهرا «باز»..