لا مجال للمزايدة ولا حتى لتصيد الأخطاء مهما كانت مؤثرة لمحمد أوزين وزير الشباب والرياضة الذي وجد نفسه منابا عن الحكومة في الدفاع عن مطلب تأجيل كأس إفريقيا للأمم عن موعده، وبسبب ذلك جانبه الصواب في بعض الأحيان من فرط رغبته في إضفاء الشرعية على مطلب جعل الإعتبار الإنساني فوق كل الإعتبارات، فدخل في دوامة التصريحات التي يجلب بعضها الأذى لسوء فهمها.
لا مجال لا للتقديح ولا لوصف الوزير بالعنترية والإشتباه به أو القول بأنه المعني الأول بصفعة الكاف المتمثلة في قرارها الذي لا رجعة فيه برفض أي تعديل زمني على موعد النسخة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم، فطلب التأجيل هو قرار سيادي كما قلت من أول يوم، هو قرار دولة أملاه إعتبار إنساني إنتصر به المغرب لمصداقيته أولا ولغيرته على أبنائه وأبناء قارته ثانيا، وإذا كانت المستجدات والخيارات التي وضعها أمامنا الإتحاد الإفريقي لكرة القدم برفضه تأجيل الكان وتمتيع المغرب بخمسة أيام للتشاور قبل الإدلاء بالقرار الأخير، إذا كانت هذه الخيارات تفرض أن يقدم المغرب يوم السبت للكاف ردا نهائيا، فإن هذا الرد لن يكون متعلقا بأوزين لشخصه، بقدر ما هو مرتبط بدولة لها مؤسساتها ولها خصوصياتها في إصدار القرارات، فالمغرب إن آمن إيمانا مبررا بأن الإعتبار الصحي الذي وضعه في طليعة الإعتبارات يسمح اليوم بعد المؤشرات الإيجابية والمتفائلة التي ترافق موضوع وباء إيبولا الذي هو اليوم موضوع أبحاث علمية متقدمة جدا لإيجاد لقاح يوقف زحفه الخطير، فإنه من دون وصاية ولا ضغط سيذهب رأسا إلى تنظيم كأس إفريقيا للأمم في موعدها، وهي الكأس التي ما إن ذهب إلى الإتحاد الإفريقي ساعيا لتنظيمها حتى أعطيه ذلك، وكل أعضاء الكاف وفي طليعتهم الشيخ عيسى حياتو أيقنوا من أن المغرب سيقدم للقارة الإفريقية واحدة من أجمل نسخ المونديال الإفريقي.
وخلافا لما يمكن أن تكون بعض الكتابات والإستقراءات قد ذهبت إليه في أعقاب كشف الكاف عن قرارها برفض التأجيل وإقامة نهائيات كأس إفريقيا للأمم في موعدها، من أن هناك حربا مخططا لها سيدخلها المغرب مع الكاف، فإنني أرى أن هذا الذي يحدث مجرد تقاطع مصالح بين طرفين متعاقدين لا يمكن أن يرى أحدهما مستقبل كرة القدم الإفريقية بمنأى عن الآخر، ليس ما نراه اليوم معركة سيكون الرابح فيها هو الكاف، إنه مجرد تعارض للمصالح لا يمكن قطعا أن يوصل المغرب والكاف إلى نقطة اللا لقاء، فهناك بالتأكيد حكمة لا بد وأن تحضر سواء عند بناء المغرب لقراره الأخير وهو المصر على أن يبقي على عمقه الإفريقي أو عند الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الذي وإن كان يدافع بشراسة عن مصلحة كرة قدم في قارة برمتها، فإنه أبدا لا يفكر في الإساءة للمغرب.