يعض الكثير من الزملاء الإعلاميين والنقاد الفنيين بمصر الشقيقة الأنامل ندما وأسفا على أنهم أساؤوا الظن بوليد أزارو، عندما هاجموه بشراسة وهو في مقتبل المسير الإحترافي مع نادي الأهلي المصري، وقد كان بحاجة لمساحة من الزمن ليتكيف مع المناخ الكروي الجديد عليه بإكراهاته وضغوطه، كيف لا وقد إنضم لكبير الأندية المصرية بل لزعيم الأندية الإفريقية.
يجد كل هؤلاء اليوم حرجا بالغا في تقديم الوجه الرائع الذي أصبح عليه وليد أزارو وهو ينفرد بصدارة هدافي البطولة المصرية، وينال لقبا فرديا جديدا بأن أصبح أكثر لاعب أجنبي يصل إلى هذا العدد الكبير من الأهداف بقميص الأهلي في موسمه الأول مع القلعة الحمراء.
ما يشبه الندم على أن وليد ظلم..
حسام البدري عينه لا تخطئ
كان الصيف في قمة إشتعاله، عندما بلغت حركة الإنتدابات ذروتها، وأبدا لم يكن ليمر التألق الكبير لوليد أزارو مع ناديه الدفاع الحسني الجديدي والمنتخب الوطني المحلي، من دون أن يلفت إليها الأنظار، فقد تمكن وليد مع نهاية البطولة الإحترافية في موسمها الماضي من الوصول رفقة فارس دكالة للهدف الثاني عشر، ليس هذا فقط بل سمحت «الهاتريكات» و«الثنائيات» التي وقع عليها في كل وديات المنتخب المحلي، بأن يصبح الغوليادور هدفا للعديد من العروض، أبرزها طبعا عرض النادي الأهلي المصري، الذي كان مدربه حسام البدري قد أغرم بوليد فوجه إدارة الأهلي بفتح باب المفاوضات.
أول مغربي بقميص الأهلي
ولم يكن بمقدور الدكتور عبد اللطيف المقتريض رئيس الدفاع الحسني الجديدي، إغلاق الأبواب في وجه من جاؤوا يطلبون ود وليد أزارو، وكان أبرزهم نادي الأهلي الذي دخل في مفاوضات مباشرة لجلب من جاء به فارس دكالة قبل موسمين فقط من أدرار سوس أحد أندية الهواة.
وطبعا بعد مفاوضات ماراطونية سيتم التوقيع على يوم فاتح يوليوز 2017 على عقد انضمام وليد أزارو للنادي الأهلي المصري مقابل مليار و300 مليون سنتيم، ليكون وليد قد انفرد تاريخيا بخاصية فريدة حتى قبل أن تطأ قدماه أرض الكنانة، أنه أصبح أول لاعب مغربي ينضم لنادي القرن في إفريقيا.
ومن دون حاجة لإحماء أو حتى لمهلة زمنية لينخرط وليد أزارو في أجواء النادي الأهلي، سيستدعى اللاعب لمشاركة الأهلي في منافسات البطولة العربية للأندية التي استضافتها مصر الصيف الماضي، وخرج منها الأهلي من الدور نصف النهائي على يد الفيصلي الأردني، إذ لم يمنع هدف وليد أزارو الأول له بقميص الأهلي والموقع في الوقت بدل الضائع من المباراة، الفريق الأحمر من مغادرة البطولة مهزوما بهدف للاشيء.
البصمة الأولى لوليد في الأبطال
من البطولة العربية للأندية التي خاب فيها رجاء الأهلي، حلق صاحب الرقم القياسي في عدد الفوز بعصبة الأبطال الإفريقية إلى المسابقة المحببة له، وكان عليه أن يواجه في ذهاب الدور ربع النهائي لنسخة الأبطال الأفارقة الأخيرة الترجي الرياضي التونسي.
وجاءت مباراة يوم السبت 16 شتنبر 2017 بملعب برج العرب بالأسكندرية، لتدخل وليد أزارو للمرة الأولى في أجواء عصبة الأبطال، وعلى الرغم من أن الأهلي أنهى تلك المباراة بتعادل محبط بهدفين لمثلهما، إلا أن أزارو وضع بصمته الأولى في رحلة الأبطال، عندما وقع للأهلي هدفه الثاني الذي به أدرك التعادل بعد أن كان الترجي التونسي متقدما في النتيجة.
ونتيجة لحالة الإحباط الشديد التي سادت محيط الأهلي بعد هذا التعادل الذي اعتبر مؤشرا على نهاية حلم القبض على لقب قاري جديد، فإن الصحافة الموالية للأهلي وبعض النقاد التقنيين، أفرطوا في التحامل على وليد أزارو لإهداره خلال مباراة الأعصاب تلك لبعض الفرص السانحة، هجوم إعلامي لم يتأثر به مدرب الأهلي حسام البدري الذي حمى لاعبه بالخروج بصدر عار أمام الصحافة، ليقول أن وليد قام بما هو موكول إليه وأن التوفيق لم يحالفه في كل مرات تهديده لمرمى المنافس، إلا أنه مقتنع بأن الرجل سيقدم أكبر مما هو متوقع منه.
«الهاتريك» الأول بألوان إفريقية
وعلى السريع رد وليد أزارو على المشككين، والأهلي ينجح خلال مباراة العودة في عبور حاجز الترجي التونسي بالفوز عليه بملعب رادس بهدفين لهدف، وبرغم أن أزارو لم يوقع أيا من الهدفين إلا أنه كان صاحب لمسات مؤثرة في الأداء العام لناديه.
وتأكيدا للمجهود الخرافي الذي بذله وليد للرد على المشككين ولإثبات الذات، فإنه سيتمكن خلال مباراة نصف نهائي عصبة الأبطال أمام النجم الساحلي التونسي، من كتابة أول فصل في تاريخه الجميل مع الأهلي، كيف لا ووليد سيتمكن من توقيع أول «هاتريك» له في عصبة الأبطال في المباراة التي شهدت فوزا خرافيا للأهلي بستة أهداف لهدفين.
كان هذا التألق اللافت لوليد كفيلا بأن يمتعه بمساحة زمنية تخف فيها حدة الإنتقادات، إلا أن السماء ستتغمم أكثر والأهلي يسقط في اللقاء النهائي لعصبة الأبطال أمام الوداد من دون أن تكون لوليد أي بصمة.
قصف شنيع لأزارو في أرض الكنانة
في حمأة الحزن الكبير على ضياع فرصة التتويج باللقب القاري المفضي للمشاركة في مونديال الأندية، كان وليد أزارو يتعرض من كل جانب لسهام النقد، حتى أن هناك من خرج على العلن إما ليقول بأن أزارو صفقة خاسرة، وإما ليقول بأن من جاء للأهلي صيفا سيعود خريفا لناديه الدفاع الحسني الجديدي، وإما ليجزم بحكم قيمة مفاده أن وليد ليس في مستوى فريق مثل الأهلي، فلا متاعه التقني ولا حسه التهديفي الضعيف يمكناه من الصمود طويلا أمام انتظارات جماهير الأهلي الملحاحة والتي لا تقبل إلا باللاعبين الجاهزين.
وهنا سيخرج مدرب الأهلي حسام البدري ليدفع عن لاعبه ظلما كبيرا يقع عليه، فلا أحد إطلاقا إعترف بأن أزارو لم يأخذ ما يكفيه من الوقت ليتسلح بدنيا وتكتيكيا بما يتناسب وأسلوب لعب الأهلي، بل لا أحد إطلاقا إلتمس له العذر، وقال أن الفتى لم يتجاوز سن الثانية والعشرين وأن تكوينه في أقسام الهواة بالمغرب لم يمنحه شيئا آخر ينضاف لموهبته الظاهرة للعيان.
وبالغ الإعلام المصري في قصف وليد أزارو، برغم أن حسام البدري الذي كان على النقيض من هؤلاء يحدس فعلا ما لا يستطيع النقاد حدسه، خرج أكثر من مرة ليدافع عن لاعبه، بخاصة وقد عاكسته الظروف في أولى مباريات البطولة المصرية، حيث أحجم عن التسجيل وسكتت عنده لغة الأهداف.
سوبر أزارو
وأعطت الأيام الحق كل الحق لحسام البدري في تشبته بمهاجمه المغربي، إذ مع حلول الدورة التاسعة للبطولة المصرية والتي كان الأهلي ضيفا خلالها على الإنتاج الحربي يوم 16 نونبر 2017، سيفرج وليد عن كل ملكاته وهو يتمكن من توقيع أول ثنائية له في البطولة المصرية، مهديا فريقه نقاط الفوز الثلاث التي قال وقتها مدرب الأهلي أنها غالية جدا.
كانت تلك الثنائية فأل خير على أزارو، إذ سيطلق العنان لملكاته الهجومية ليضع إسمه في سجلات كل المباريات التي خاضها الأهلي إلى اليوم في البطولة المصرية.
وكانت اللحظة التاريخية الثانية في المسير الإحترافي لوليد مع الأهلي، هي مباراة السوبر المصري التي جمعت بطل مصر للموسم الماضي مع المصري البور سعيدي بطل الكأس يوم 12 يناير 2018 بالإمارات العربية المتحدة، إذ سيقود الهدف الوحيد في المباراة والذي وقعه وليد في الدقيقة 102 بعد اللجوء للوقت المضاف، الأهلي للتتويج بكأس السوبر المصري، وهو اللقب الأول لأزارو مع القلعة الحمراء.
ظلموه ثم عادوا ليصالحوه
ومع نجاح وليد أزارو في إهداء الأهلي لقبه الأول في الموسم، فإن نجاحه في تسجيل الأهداف في أغلب المباريات التي يخوضها مع الأهلي في البطولة المصرية، إذ وصل بالثنائية الجديدة له أمام المقاولون العرب يوم الإثنين الأخير برسم الدورة 23 والتي شهدت فوز الأهلي بخماسية، إلى الهدف رقم 14 ليصبح متصدرا بذلك لترتيب الهدافين، يضع الأهلي فعلا في طريق سيار للفوز للمرة 38 في تاريخه بلقب البطولة المصرية، ذلك أنه على بعد 11 دورة من خط النهاية يكون الأهلي قد ربح فارقا من 14 نقطة عن مطارده الإسماعيلي.
وكما أن وليد أزارو يتوق ليتوج عامه الأول مع الأهلي بلقب البطولة المصرية ليكون الأول له في مشواره الكروي اليافع، فإنه بموازاة مع ذلك يتوق لأن يفوز بلقب الهداف، ومن أجل ذلك وجب عليه أن يواصل العمل لزيارة الشباك مرات ومرات، ليظل مبتعدا بصدارة الهدافين عن مطارديه جون أنطوي مهاجم المقاصة وعمر السعيد مهاجم وادي دجلة، وكلاهما وصل للهدف رقم 12.
غير هذا يبدو وليد سعيدا اليوم، بأن أصبحت كل جماهير الأهلي تهتف باسمه، ويبدو أسعد بأنه نجح في جعل كل من هاجموه بشراسة وتوقعوا خروجه سريعا من خيمة الأهلي، يكتبون فيه قصائد شعر تتغنى بغزواته وأيضا بحسه التهديفي الرائع، وهكذا تحول أزارو من قصيدة هجاء انتقت أسوأ ما في معاجم اللغة لنسفه إلى سمفونية مغربية تشنف الآذان في مصر الفن والإبداع، ولا عتب على من أصابوه بظلم شبيه بظلم ذوي القربى.
هل يتحقق حلمه بلعب المونديال؟
بكل هذا الحجم من التألق والبروز الذي أصبح عليه وليد أزارو في البطولة المصرية مع الفريق الذي كان على الدوام نواة لمنتخب مصر سيد إفريقيا، يكون لزاما أن نتساءل:
هل يضع هيرفي رونار مدرب الفريق الوطني عينا على وليد؟
هل يرصد مبارياته وتألقه الكبير؟
وبالتالي، هل يكون ذاك كله شفيعا له، ليحقق حلم التواجد مع أسود الأطلس في نهائيات كأس العالم بروسيا؟
ليس من مبدإ أنصر لاعبك، تحرك حسام البدري مدرب الأهلي ليقول أنه يتمنى مشاهدة وليد في المونديال، فما رآه الرجل في مهاجمه على مدى 6 أشهر، أقنعه فعلا أن لأزارو مكانا داخل عرين أسود الأطلس فما رأي رونار؟