لم تكن مباراة الأسود أمام غينيا الإستوائية والتي كسرت "المانع" وأبطلت الحجاب إلا محكا وديا لجس النبض وقياسا لمدى قدرة اللاعبين على أن ينهضوا من رماد الإحباط ليؤسسوا للفريق الوطني زمنه الجديد، زمن تنقطع فيه الصلة كليا مع الذي اجترته المرحلة السابقة، لذلك فإن "الصَّح" سيبدأ يوم السبت عندما يلعب الفريق الوطني مباراته الأولى عن تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2012 أمام منتخب جمهورية إفريقيا الوسطى.
وبالطبع سنتجاوز هذه "المحنة" المفروضة والتي لم تأت تحت أي إكراه والمتمثلة في أن يكون لنا مدرب وناخب وطني حاضر بالإسم وغائب بالفكر وبالتدبير المباشر، وما قد يتسبب فيه ذلك من لدغ للميثاق الفني والنفسي، وسنركز على مباراتنا ليوم السبت بثقلها الإستراتيجي، بحجم الإنتظارات وأيضا بالرهان الكبير الذي يلعب من أجله الفريق الوطني، رهان الفوز لمصالحة الذات، لطي صفحة الماضي وأيضا للتحرر من أثقال الخيبة وقيود الإحباط وإسدال الستارة على مرحلة بئيسة برز فيها الوعي الشقي لكثير من دعاة الإصلاح والمتاجرين في الجراح..
وإذا ما كنا قد تحسسنا قوة التوجس والخوف الذي استشعره أسود الأطلس عند مواجهتهم لغينيا الإستوائية وديا، بدليل أنهم تأخروا في النتيجة، وما أعادوا الأمور إلى نصابها إلا في الجولة الثانية، وليقيننا بأن هذه الحالة لها عمق نفسي قبل أن يكون لها عمق تقني وتكتيكي مرتبط بالفراغ المهول على مستوى التنافسية، فإننا نتوجس خيفة أن تحدث المواجهة وهي اليوم بطابع رسمي وبضغط نفسي أكبر خللا وظيفيا لدى اللاعبين فتؤثر سلبا على أدائهم الفردي والجماعي على حد سواء..
لذلك يبرز الدور الإستراتيجي للجماهير في زرع الثقة وفي التحميس وأيضا في عتق اللاعبين من لهب الإحباط، فإذا ما أجمع الأسود على أنهم طووا صفحة الماضي بكل شروخها وقرروا بناء الزمن الجديد للفريق الوطني، فإنهم يحتاجون عند إنجاز المهمة إلى جماهيرهم لتكون يوم المباراة بحضور نوعي ومؤثر وإلى إعلامهم ليدعم ويحفز ويصرف النظر كليا عن كل الحيثيات التي يقدر للمباراة أن تجري فيها..
وعندما نقرن عودة الثقة والمصالحة مع الذات بالفوز كخيار أوحد في مباراة جمهورية إفريقيا الوسطى، فإن ذلك يعني بكل موضوعية أن نسقط من الحسابات ما نستشعره أحيانا من دهشة عندما نطلب من فريقنا الوطني الفوز على منتخب من طينة إفريقيا الوسطى يقتات ويعمل بإمكانات فنية ومادية جد محدودة، فهناك من سيقول إذا لم نفز على فريق كهذا وبحصة عريضة، فلنعد إلى بيتنا ولنقفل علينا الباب..
هذه نظرة تستعلي على الأشياء وعلى الحقائق، لأن حقيقة الأمر أن الفريق الوطني سيلعب يوم السبت ضد نفسه أكثر ما يلعب ضد منتخب إفريقيا الوسطى، إنه بحاجة لأن يروض ذاته قبل أن يروض خصمه، وعندما يكون منتخب فاقد للثقة وعائد من إجازة مفروضة طال أمدها بتنافسية مضروبة، فإن الخوف يكون مشروعا ومسؤولا، لذلك علينا أن نتبين صعوبة المهمة ونسلم أن فريقنا الوطني مواجه بمباراة شائكة وملغومة، عليه أن يضبط فيها نفسه وإيقاعه قبل أن يضبط خصمه، وهو في ذلك يحتاجنا أكثر من أي وقت مضى، يحتاجنا كجماهير وكإعلاميين والله الموفق.
إضافة تعليق جديد