وليد الركراكي، مدربا للفتح الرباطي لكرة القدم للموسم الرابع على التوالي..
ولئن إعتبر هذا الوضع أم الإستثناءات في الوقت الراهن بالبطولة الوطنية، حتى أخذ شكل المعجزة أو المستحيل.. فإنه شكل أيضا بعدا ثوريا حقيقيا تمرد من خلاله وليد الركراكي على واقعنا الكروي، واسترد من خلاله المدرب الشاب الكثير من الكرامة، بل وانتصر للمقهورين والمسحوقين والمظلومين من المدربين الذين لا ترحمهم البطولة المغربية، وهي بطولة مزاجية.. متسلطة.. ولا تصير كلمتها كلمين.. تطلق المدربين متى تشاء وتتزوجهم متى تشاء!!
في البطولة الوطنية تهتز الأرض بإستمرار تحث أقدام المدربين، وتمنحهم الشعور الدائم بأنهم في منأى عن الإستقرار، وبأنهم أكثر ترنحا وميَلانا واهتزازا.. وبأنهم متناثرون كريش العصافير في مهب الريح.. بل وتشعرهم بأنهم يتعرضون لحرب إبادة!! فأغلب الأندية غيرت وتغير مدربيها في الموسم الواحد.. بل إن النادي العريق الرجاء البيضاوي بكل أمجاده وتاريخه ومرجعيته كسر حدود كل الأرقام، وإستعان بأحد عشر (11) مدربا في ثلاثة مواسم فقط!
صحيح أن للمدرب وليد الركراكي خصوصيات إيجابيات جعلت منه رجلا متفردا في مجاله، وبعيدا عن كل مستويات التقليد، سواء في تعامله مع الفريق، أو مع المباريات، أو مع كل الظروف المحيطة بكرة القدم الوطنية.. إلا  أن الإستقرر الذي هو أساس الإستمرار، منح فريق الفتح النجاح المطلوب مع مدربه الركراكي، ولعب هذا الإستقرار دوره في الحفاظ على توازنات وعطاءات وحماس الفريق.. حتى بات الفتح بالنسبة للبعض لغزا محيرا، وبالنسبة للبعض الآخرإشكالية معقدة.. فقد أصبح فريقا صارما يلعب بكثير من الإصرار والعزم.. وبات يملك مجموعة مبدعين ينتظمون في حلقة أداء رائعة، ويستطيعون صياغة أساليب لعب نموذجية، لذلك فرض بقوة إحترام الآخرين له.
حتى اللاعبون في فريق الفتح إستلهموا قوتهم وإبداعاتهم من نهج وثقافة المدرب، وباتوا أكثر قربا من فكره ووجدانه، وصاروا يعكسون شخصه ونهجه داخل الملعب، بل ويحفظون عن ظهر قلب كل قناعاته الفكرية والتكتيكية.
وبفضل هذا الإستقرار يبحر فريق الفتح في بحر من الإعجاب سواء على الصعيد المحلي، أو على الصعيد العربي، أو حتى على الصعيد القاري.
في بطولة متقلبة كالبطولة المغربية، ومع أندية مزاجية كأنديتنا، أصبح غياب الثقة بعبعاً مرعبا يطل برأسه على المدربين كالشيطان كلما وقعت خسارة أو تعثر فوز.. لذلك يدرك كل مدرب أنه معرض للشنق إن عاجلا أو آجلا.. وأن إختلاط رائحة العرق في عمله برائحة  الدم في المقصلة مسألة وقت ليس إلا!!
وللأسف أن أنديتنا تتصرف بمنطق الثورة في تعاملاتها مع المدربين، وليس بمنطق العقل، فتحلل الأشياء بجهازها العصبي بعيدا عن أبجديات الأخلاق وقواعد الإحترام.. لذلك نجد أن الأندية، في نفس اليوم الذي تتعاقد فيه مع مدرب جديد، تتحرك فيها غريزة فك الإرتباط، فتتحمس بالفطرة لإقلته وإقصائه وطرده.
إننا نشوه سمعة مدربينا عندما نقسو عليهم، ونعرضهم سريعا للطرد، ونحملهم أكثر مما يطيقون، ونجعل منهم الضحية التي نفرغ فيها كل عقدنا الكروية.
إن عدم الإستقرار في أندرينا على مستوى الجهاز التقني، والإنقلاب السريع على المدربين يكاد يكون أساس البلاء ومصدر الفتنة التي تعصف ببطولتنا.