أصبح الرجاء البيضاوي كالفيل المشلول، لا يستطيع أن يحرك ساكنا من حيث التعاقدات مع لاعبين جدد، ولم يعد بمقدوره، على الأقل في الوقت الراهن، أن يدخل خانة العمالقة ويقدم على أي تعاقد من العيار الثقيل، بعدما أصبح مهيض الجناح بسبب مديونيته المفرطة والموغلة في الفزع، وبسبب عجز أكثر من 23 ملياراً التي كسرت ظهر موازنته.
ويعرف الرجاويون جيدا أنه لم يعد مسموحا لهم أن يركبوا بحرا هائجا من المجازفة، ويقدموا على أي تعاقدات توقعهم في المحظور ولا تتلاءم مع حجم إنفاقهم المالي، كما يدركون كل الإدراك أنه من عاشر المستحيلات أن يبحث فريقهم على لاعبين جدد بملايين الدراهم وقدد شددت عليه أزمته المالية الخناق وأدخلته عوالم الإفلاس.
لقد بات الهم الشاغل بالنسبة للرجاء حاليا أن يكبح جماح أزمته، ويسوي وضعية لاعبيه، ويحقق التوازنات المالية المطلوبة، حتى لا تتغلغل هذه الأزمة في جسده أكثر، وتنام قريرة العين في أحضانه إلى أمد بعيد.
صحيح أن الرجاء تعاقد حتى الآن واستعدادا للموسم الجديد مع لاعبين اثنين: زكرياء حدراف من الدفاع الحسني الجديدي وزكرياء الهلالي من شباب الحسيمة، لكن دون أن يكلف ذلك درهما واحدا من خزينة الفريق، أي أن التعاقدين معا كانا بالمجان، بعدما أنهى اللاعبان مدة تعاقدهما مع فريقيهما.
 وصحيح أيضا أن الرجاء إحتفظ بمحترفيه وبأفضل لاعبيه.
لكن ما يقلق كل عاشق للرجاء مع حالة عدم قدرة الفريق على الوفاء بإلتزاماته، ومع حالة مديونيته الخطيرة، وفي ظل مساحته المالية الضيقة جدا، أن يفقد الفريق هويته كواحد من أقوى الأندية الوطنية، ولا يعود بمقدوره أن ينافس على كل الجبهات.
ما يخشاه الرجاويون هو أن يرسم الفريق لنفسه خارطة طريق جديدة يقع فيها أبغض الحلال بين «الأخضر» وتألقه، وتتعطل في الفريق كل إنفعالاته التي تمنحه المجد والهيبة ويحتكر بفضلها كل القوة واللمعان.
 إنما لا أحد في الفريق «الأخضر» يستطيع أن يغالط نفسه ويكذب على الآخرين ويدعي أن بمقدور الرجاء أن يتصرف في تدبيره المالي وفق هواه، ودون حكامة وترشيد في كل ما يتعلق بالصرف والإنفاق، ودون أن يفرض على نفسه نظاما قاسيا «للحمية»، أي أن إدارة الفريق  أيا كان رئيسها، باتت ملزمة بالتشبت بالحل الإستراتيجي الذي يصد كل الأبواب التي تدخل منها رياح الأزمة، وليس بالحل النفعي العابر الذي يبدي في ظاهره ما لا يخفيه باطنه، ويكون المستور فيه أفضع من المكشوف، كما باتت إدارة الفريق ملزمة بالتمييز بين الثابت والمتحول في كل ما يتعلق بشؤون الفريق التدبيرية، رغبة في وقف النزيف ورأب الصدع وحتى لا يدخل الفريق فصلا مأساويا جديدا يقود إلى مزيد من الإحتقان.
الرجاء البيضاوي.. هذا الفريق الذي يمرض ولا يموت، ستكون أزمته الخانقة حالة عابرة تعتريه كالصداع والزكام، لا يلبث أن يتخلص منهما ليشفى سريعا ويستعيد كامل صحته وعافيته.
إن فريقا في حجم الرجاء لا يمكنه أن يهدن ويستكين ويرتمي في أحضان التراجع، ولا يمكنه أن يتنازل عن قوته وهيبته قيد أنملة مهما خانته الظروف ومهما اشتدت عليه الأزمات، كما لا يمكن لفريق في حجم الرجاء أن يقبل بالإنكسار ويكون المريض الناذر الذي يرفض المقاومة والعلاج.