الراسينغ البيضاوي في المائوية جاء الصعود كأغلى هدية
المنتخب: إبراهيم بولفضايل
بعد 15 سنة من الغياب عن قسم الكبار عاد الراسينغ البيضاوي ليتصالح مع ذاته وتاريخه العريق، وشكل بالفعل مفاجأة بطولة القسم الثاني هذا الموسم بامتياز، فلم يكن المتتبعون ينتظرون أن يتوج الفريق البيضاوي ببطولة الخريف ويحافظ على استقرار نتائجه وزعامته للترتيب لآخر أنفاس البطولة، وتوقعوا أن تتراجع نتائجه ويستسلم مع مرور الدورات، لكن أشبال المدرب ماندوزا تشبثوا بحقهم المشروع وعضوا عليه بالنواجد، وبالرغم من فقدان الصدارة في الدورات الأخيرة لصالح سريع وادي زم، فإن أصدقاء الكعبي رفضوا الإستسلام، وتوجوا مسيرتهم بصعود تاريخي شكل أفضل هدية لكل مكونات الفريق في الذكرى المائوية لتأسيسه.

100 سنة من الشموخ
تفتخر كل مكونات الراسينغ البيضاوي بالإنتماء لأول فريق مغربي يكمل قرنا من التواجد، متفوقا في ذلك على أعرق الأندية الوطنية، 100 سنة من الحضور في قلب المنافسة، مرت السنين والأعوام من عهد الحماية والإستعمار إلى عهد الحرية والإستقلال، تلاحقت الأجيال، إندثرت فرق وانمحت من الوجود ورأت أندية جديدة النور، وظل الراسينغ شامخا مزهوا بتاريخه العريق بفضل رجال سخروا حياتهم لخدمة النادي والحفاظ على هذا الإرث الوطني، رحل المرحوم النتيفي وتسلم ماندوزا المشعل، مقاوما كل الأعاصير ومدافعا بكل قوته على استمرارية الراسينغ، بل إنه أبى إلا أن يكون الإحتفال بالذكرى المائوية في مستوى الحدث بتحقيق صعود تاريخي للقسم الأول من البطولة الإحترافية.

ألقاب تذكر بصفحات من تاريخ عريق
سنة 2017 كان الموعد مع تأسيس فريق الراسينغ المغربي، ومنذ ذلك الحين ظل الفريق يمارس ضمن البطولة التي كان ينظمها المستعمر في عهد الحماية، كما انضم للجامعة الملكية المغربية بعد تأسيسها، فاز بلقبين للبطولة الوطنية زمن الحماية سنتي 1946 و1954، وبعد الإستقلال تمكن سنة 1968 من نيل لقب كأس العرش، مع بداية السبعينات تم احتضانه من طرف إدارة الجمارك وأصبح يحمل إسم جمعية الجمارك المغربية، واستطاع الفوز بلقب البطولة المغربية سنة 1972 تحت هذا الإسم، وفي الثمانينات حمل إسم النهضة البيضاوية، قبل العودة مجددا للإسم الأصلي في التسعينات ليتم الإستقرار على اسم الراسينغ الرياضي البيضاوي.

ADVERTISEMENTS

ماندوزا يتسلم المشعل من المرحوم النتيفي
إقترن إسم الفريق بإسم المرحوم أحمد النتيفي أحد الرجالات الذين خدموا الكرة المغربية من موقعه ككاتب عام للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حافظ على استمرارية الراسينغ في عز الهواية، قاد الفريق سنوات الأربعينات من القرن الماضي، قبل أن يحول المرض دون إكماله للمشوار، بعد وفاته تسلم عبد الحق رزق الله الشهير بماندوزا المشعل، حيث كان يشغل منصب المدرب في نهاية السبعينات، ليرتدي بدوره جلباب الرئيس منذ سنة 1983 إلى حدود اليوم.

بعد 15 سنة يتجدد العهد مع الصعود
منذ نزوله سنة 1973 حافظ الراسينغ على مكانته بالقسم الثاني، بل إنه استطاع التمرد على الوضعية ليحقق الصعود للقسم الأول موسم 2001ـ2002، لكن التجربة كانت قصيرة، إذ سرعان ما عاد لمكانه تحت العديد من الإكراهات التي حالت حينها دون استمراره ضمن أندية الصفوة، و بعد مرور حوالي 15 سنة تجدد الطموح رفقة جيل جديد من اللاعبين الموهوبين يقودهم الهداف الواعد أيوب الكعبي، وبتواجد مكتب مسير بزعامة الخبير ماندوزا ودراعه الأيمن عزيز العثماني الرجل الذي يشتغل في الخفاء وبفضل إدارة منظمة ومهيكلة بات الطريق معبدا وسالكا نحو العودة لأحضان البطولة الإحترافية ومقارعة الأندية الوطنية الكبيرة.

الراسينغ في موسم التحدي
أكد الرئيس وشيخ المدربين المغاربة عبد الحق ماندوزا في تصريح خص به جريدة «المنتخب» استحقاق فريقه نيل بطاقة الصعود للقسم الأول من البطولة الإحترافية باعتبار المجهود الذي بذل من طرف اللاعبين وكل مكونات الفريق وأضاف قائلا: «المنافسة كانت قوية وشرسة من مجموعة من الأندية الوطنية وأغلبها تتوفر على إمكانيات مادية وبشرية، وسبق لها أن خاضت تجارب لعدة سنوات بالقسم الأول، لكن بفضل الإصرار والعزيمة وكذا جدية اللاعبين وانضباطهم، وتكاثف جميع مكونات الراسينغ استطعنا والحمد لله تحقيق نتائج جيدة مكنتنا من الإحتفاظ بزعامتنا للترتيب، صحيح أننا لم نحسم الصعود إلا في آخر دورة من عمر البطولة، لكننا كنا عازمين على كسب هذا التحدي وعدم تضييع هذه الفرصة الثمينة، وكل مكونات الراسينغ سعيدة بهذا الإنجاز التاريخي في هذه الذكرى التي نعتز بها باعتبار فريقنا أول نادي مغربي ضمن البطولة الإحترافية يكمل قرنا على تأسيسه».

ADVERTISEMENTS

إنجاز بأقل تكلفة
وبخصوص الميزانية التي رصدت لتحقيق هذا الإنجاز، فيمكن اعتبارها قياسية، بالمقارنة مع مصاريف باقي الأندية المنافسة، بل إنها قد تكون محرجة للكثير من الأندية التي تمارس ضمن نفس المستوى أو حتى ببطولة الهواة، فقد أكد السيد ماندوزا بأن الميزانية لن تتعدى تلك التي صرفت في المواسم الأخيرة، وهي في حدود 400 مليون سنتيم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الحكامة في التدبير، وعلى التسيير العقلاني، فالراسينغ يعتمد بنسبة كبيرة على أبناء مدرسة الفريق، وعلى بعض العناصر التي تكونت بالوداد والرجاء وبأقسام الهواة، فلا وجود لميزانية خاصة بالإنتدابات، وهذه هي قوة فريق الراسينغ.

تحديات جديدة
من جانب آخر أكد السيد ماندوزا قدرة فريقه على الإستجابة لدفتر التحملات الخاصة بأندية القسم الأول، من خلال الإستفادة من منحة مجلس المدينة والتي ينتظر أن تعرف ارتفاعا باعتبار المستوى الذي يمارس فيه الفريق إضافة لدعم الجامعة وحقوق النقل التلفزي، ومداخيل أخرى قد تساهم في إنعاش خزينة النادي العريق، لكن هذا لا يمنع من مراهنة الراسينغ البيضاوي على إنجاز موسم رياضي بالقسم الأول بأقل تكلفة ممكنة، والتوقعات تشير لعدم تجاوز سقف مليار ونصف. 
بنيات تحتية في المستوى
حقق الراسينغ خطوات مهمة على مستوى تطوير بنياته التحتية بوجود مركز تكوين يستجيب للمعايير المعتمدة وإدارة من المستوى العالي بقيادة نجيب إدوش، ويستفيد الفريق كذلك من ملعب الأب جيكو الذي يخضع حاليا لإصلاحات جدرية تهم تجهيزه بالكراسي والسياجات، وإعادة تكسيته بالعشب وصيانة باقي المرافق وينتظر أن يكون جاهزا قبل بداية الموسم القادم لإحتضان الإحتفالية بالذكرى المأوية لتأسيس الفريق، ويراهن الرئيس رزق الله على هذا الموعد الهام ليصل من خلاله الماضي بالحاضر من خلال استقطاب فريق أوروبي كبير، مع استغلال هذه الفرصة لجمع كل أبناء الفريق من قدماء اللاعبين وتكريم العديد من الوجوه ممن قدموا خدمات جليلة للراسينغ.