بدأ عز الدين أوناحي، المعار من أولمبيك مارسيليا، يجد نفسه في باناثينايكوس، عقب بداية صعبة في اليونان.. ويبدو أن صاحب الرقم 8 في تشكيلة أسود الأطلس قد انبعث من تحت الرماد، واستعاد ثقته بالنفس وبدأت تظهر ملامح التميز في أدائه من جديد.

كان عز الدين أوناحي بمثابة اكتشاف حقيقي في نهائيات كأس العالم "قطر 2022" مع المنتخب المغربي، وكان أحد مهندسي الرحلة البطولية لأسود الأطلس في هذا المونديال. ومع ذلك، تميزت بقية حياته المهنية ببعض التعقيدات، في ظل الصعوبات التي واجهها مع أولمبيك مرسيليا، حيث عانى من قلة دقائق اللعب وفقدان الثقة، لذلك شهد فترة طويلة من عدم الاستقرار.. وتبدو إعارته إلى باناثينايكوس هذا الموسم بمثابة نقطة تحول حاسمة بدأ يستعيد معها تدريجيا توهجه الكبير وبدأ يرتقي بمستواه للأفضل مع مباريات البطولة اليونانية.

بدايات معقدة في اليونان

عند وصوله إلى اليونان مع نهاية فترة الانتقالات الصيفية لعام 2024، كان لدى عز الدين أوناي هدفان واضحان، الأول إيجاد فريق يمنحه الثقة ليلعب أكبر قدر من  دقائق اللعب، والثاني ليستعيد الثقة ليواصل الشغف ومتعة لعب كرة القدم.. وهما عنصران فقدهما خلال فترة تواجده في مرسيليا.

ومن خلال انضمامه إلى باناثينايكوس، بدأ يستفيد ليس فقط المشاركة في مباريات البطولة، ولكن أيضًا من إمكانية اللعب في كأس أوروبا، وهو احتمال لم يكن متاحًا له في مرسيليا لموسم خلال هذا الموسم (2024 / 2025).

وتحدث الدولي المغربي بصراحة عن هذه الفترة المحورية عبر ميكروفون النادي اليوناني، وقال:.

"لقد مررت بأوقات عصيبة وعشت شهرا صعبا للغاية في فترة الانتقالات. وما حدث سوف يساعدني في حياتي المهنية. هذا الوضع جعلني أنمو. وأنا لا أريد أن أرتكب نفس الأخطاء كما كان من قبل. أريد أن أعطي 100% من أجل الارتقاء إلى مستوى النادي والعودة إلى أفضل مستوياتي. باناثينايكوس منحني الوسيلة للوصول إلى حيث أريد أن أذهب. أنا لاعب يعمل من خلال الشعور، يجب أن أشعر بالحب، لا أريد الشعور بالقلق". وأضاف: "كان الموسم الماضي معقدًا بالنسبة لي. لقد تعرضت لإصابة وواجهت مشاكل شخصية، وأشياء خارج نطاق كرة القدم أثرت علي. لم أعمل بما فيه الكفاية وأنا أعترف بذلك. لم أبذل جهدا كافيا للوصول إلى أفضل مستوى. لن أرتكب نفس الأخطاء، لقد وصلت إلى هنا بعقلية جديدة".

ومع ذلك، فإن بداية مغامرة عز الدين أوناحي اليونانية لم تكن سهلة. قبل وصول المدرب البرتغالي روي فيتوريا على رأس الجهاز التدريبي لباناثينايكوس في الأول من نونبر الماضي، إذ كان الدولي المغربي يكافح من أجل الوقوف على قدميه. فقد شارك أساسيا 3 مرات فقط في 8 مباريات، وكان عليه في كثير من الأحيان أن يكتفي بدور بديل، حيث شارك في خمس مناسبات. ومع ذلك، يبدو أن وصول روي فيتوريا قد غيّر الوضع بالنسبة لأوناحي، الذي بدأ يجد وقت اللعب الملائم، وبدأ يشارك في تشكيلة باناثينايكوس بشكل منتظم.

توهج كبير مع فيتوريا

وكان الظهور الأول للدولي المغربي تحت قيادة المدرب البرتغالي مليئا بالأحداث. حيث وقع في اشتباك بسيط مع مدربه، إذ رفض مصافحته بعد استبداله خلال المباراة أمام فولوس اليوناني في منافسات البطولة. ولحسن الحظ، ظل الحادث دون عواقب، ولم ينشأ توتر دائم بين الرجلين. وبأمر من المدرب البرتغالي، شارك لاعب الوسط المغربي في 11 مباراة في جميع المسابقات، من بينها لعب 8 مباريات كلاعب كأساسي، ليثبت أنه أصبح الآن عنصرًا أساسيًا في النظام التكتيكي للمدرب البرتغالي.

وتوج أوناحي وقدم أداء قويا في العديد من المباريات، وتألق أكثر في مبارتين على الخصوص: أمام أتروميتوس، يوم 4 دجنبر 2024، حيث تم اختياره أفضل لاعب في المباراة بفضل هدف حاسم، وأيضا ضد دينامو مينسك في مسابقة "كونفرنس ليغ"، يوم 19 دجنبر الماضي. حيث قدم تمريرة حاسمة رائعة وأسعد جماهيره مرة أخرى.

اليوم، بات المبدع المغربي يتمتع بتقديم عروض رائعة، ويجد الإيقاع الذي يناسبه، وبالتالي يقدم تدريجيا العروض الجيدة التي ترضي غروره، وتطمئن مدربه وفريقه.

وغالبًا ما يضع المدرب فيتوريا عز الدين أوناحي في بيئة ملائمة وفي خط وسط مكون من ثلاثة أو أربعة لاعبين، حيث يكون متمركزا وسط هؤلاء اللاعبين، ويقوم تماما بنفس الدور الذي يقوم به مع المنتخب المغربي.

وبهكذا تموضع بدأ أوناحي يصعد بأدائه للأعلى تدريجيا، وبدأ يكشف عن حقيقة إمكانياته الكاملة تحت إشراف المدرب البرتغالي فيتوريا.. وبدأ بالتالي يحقق ما لم يتمكن من تحقيقه في مارسيليا مع مدربيه السابقين.. وهكذا يمكن للمنتخب المغربي نفسه أن يستفيد من إمكانيات أوناحي في ظل استعدادات أسود الأطلس لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2025.

تحديد المستقبل قريبا

من الآن فصاعدًا، سيكون الدولي المغربي، الذي قدم أداء جيدا بألوان فريقه اليوناني باناثينايكوس خلال الجزء الأول من هذا الموسم في مهمة تأكيد تألقه والرفع من نسبة الآمال المعلقة عليه في الجزء الثاني من موسم (2024 / 2025). وستكون هذه الفترة مناسبة بالنسبة إليه أيضًا للتفكير في مستقبله، سواء إن كان يريد البقاء مع باناثينايكوس على المدى الطويل أو اللجوء إلى خيارات اخرى بخوض تجارب أخرى في مسيرته.

أما بالنسبة لباناثينايكوس، فالآفاق تبدو واضحة لإن النادي اليوناني يفكر جدياً في اللجوء إلى خيار شراء عقده في الصيف المقبل، وفق البند الوارد في عقد إعارته من أولمبيك مارسيليا. ويرتبط أوناحي مع ناديه السابق بعقد حتى يونيو 2027، ويبدو أن تفكير اللاعب البالغ من العمر 24 عامًا في العودية إلى جنوب فرنسا أمر مستبعد للغاية وغير محتمل على الإطلاق بالنسبة لأوناحي.

وإذا تم ممارسة خيار الشراء، فقد يصبح الدولي المغربي لاعبا على المدى الطويل في مشروع باناثينايكوس، الذي سيستفيد بالفعل من ثقته وتوهجه. وما سيحدث بعد ذلك بالنسبة إليه قد يعتمد أيضًا على طموحاته الشخصية والفرص التي ستتاح له في المستقبل.

الأمر بالتأكيد متروك للدولي المغربي لاتخاذ القرار الصحيح من الآن فصاعدا، خاصة وأن المنافسة أصبحت أكثر إلحاحا في تشكيلة المنتخب المغربي، مع ظهور وتصميم وإصرار العديد من اللاعبين على التنافس على مكانتهم.