هل نصدق أن جوزيف زينباور الذي كان على وشك أن يرحل عن الرجاء، أسابيع بعد قدومه مدربا للنسور الخضر، هو من يرفعه الرجاويون اليوم لعنان السماء، وقد حقق الفريق ثنائية تاريخية، بل وإستثنائية؟
كرة القدم لم تكن يوما لا علما دقيقا ولا علما من العلوم الحقة، لأن الحسبة فيها مختلفة وحتى المنطق مختلف، ولكن يجب التعامل معها على أنها لعبة جماعية لا يتحقق فيها النجاح إلا بالمقاربة العلمية في العمل، وبكثير من الصبر.
إحتاج زينباور إلى الوقت الذي يكفي لفهم البيئة وطريقة التفكير وخصوصية أسلوب الرجاء في اللعب وفي الحياة أيضا، ليصل إلى بناء المنظومة التي ستجمع بين هذه الأشياء كلها، في وعاء الواقعية.

ومع توالي الأسابيع، سيضع زينباور بذكاء كبير وبحرفنة عالية بصمته على الرجاء، فإن عشق اللاعبون إمتلاك الكرة وتلك واحدة من الحمض النووي للرجاء، جعل الألماني لهذا الإمتلاك معنى، وإن كانت الهجمة المنظمة من غايات أسلوب الرجاء، عمل الرجل على طبع هذه الغاية بالفعالية.
وهكذا أصبح الرجاء بفكر زينباور، هوية متأصلة وأسلوب لعب مبتكر، يرتكز أكثر على خصوصيات اللاعبين وعلى طبائع وسياقات المباريات المختلفة، لتكون الرجاء في النهاية منظومة نجاح متكاملة، فأصبح الموسم المنتهي، موسما تاريخيا وإستثنائيا، الإستثناء فيه لا أن يحقق الرجاء الثنائية، فقد حققها من قبل، ولكن الإستثناء، أن يقرن الرجاء التتويج باللقبين بإنجاز عالمي، تمثل في عدم تلقي أي هزيمة خلال الموسم الرياضي بكامله.

ADVERTISEMENTS

صحيح أن جوزيف زينباور، كان رافعة واحدة من رافعات كثيرة لهذا الإنجاز الكبير، لكن بصمته كانت قوية جدا، بحيث أنها صممت للرجاء على المقاس جلبابا يليق بالأبطال، وتلك البصمة تظهر في التوليفة البشرية وفي منظومة اللعب المطبوعة بالتوازن وبالواقعية وفي الصبر على كل المواقف الصعبة، والخروج بيسر من البؤر الساخنة، فإن كان سهلا على أي مدرب أن يطبع على ذهن لاعبيه الدمغة الإنتصارية، فإنه من الصعب على أي مدرب أن يجعل لاعبيه وفريقه في منأى عن متلازمة الخسارة لموسم كامل.