يقولون أن التاريخ يكرر نفسه أحيانا و في كثير من الحالات يأبى إلا أن يستنسخ نفس مشاهد الماضي ليقدمها فوق أطباق الحاضر وبشكل مثير أيضا.
بالغابون وعلى الملعب المعضلة " بور جونتي" سيشهد الكان واحدة من القمم الكلاسيكية،واحدة من المباريات الكبيرة وواحدة من المباريات النوسطالجية التي تطفح بعبق هذا التاريخ وتستحضر مشاهد فيها من الفرحة و الدراما، من التفوق و العجز، و خاصة من التوفيق و سوء الطالع الكثير.
الأسود بقامتهم المنتصبة في العالي كلما واجهوا الفراعنة و بالتاريخ المبتسم بوجههم في هذه المواجهات و أبناء النيل بضجرهم و رعبهم كلما وقف الأسد الأطلسي شامخا على بابهم يطلب نزالهم و الغاية مقعد بمربع الذهب لمواصلة المغامرة القارية.

لا قسمة على اثنين
لو كانت مباراة بدور المجموعات لكان لنا أن نتوقع أكثر من سيناريو و لكان لجماهير المنتخبين العريقين أن تمني النفس بالخيار السهل، خيار اقتسام النقاط لكنها مواجهة سد،ومواجهة حسم تفرض رابحا يعبر لمربع الذهب و خاسرا يعود للقواعد،وهو ما يغذيها أكثر بتوابل الإثارة و يجعل منها نزالا فوق العادة .
في تاريخ مواجهات المنتخبين كثيرا ما سر الفراعنة أن يجدوا في طريقهم المنتخب المغربي حتى و إن كان الأسود شبحهم المخيف، لا لشيء سوى لكون المصريين يتفاءلون بنزالاتهم أمامنا و كل مرة يتواجهون معنا يتوجون حتى و غن خسروا ( 86 و 98 و 2006).
في وقت يعلو كعب الفريق الوطني و يتفوق بالتاريخ و الأرقام فيسمو على أحلام المصريين و يؤكد بالحقيقة الساطعة أنه الأقرب دائما لحسم المعركة الكروية لفائدته و غالبا ما ينتصر سيكولوجيا حتى قبل أن يلج الملعب.

ADVERTISEMENTS

ثعلب و ناصب المشانق
ودائما بحسبة التفوق المغربي على المصريين يبرز اسما المدربين بالواجهة، ثعلب متكر خبير بالأجواء القارية و بهكذا مسابقات وهو هيرفي رونار وأرجتيني يتحسس بالتدريج المسابقة و الأدغال و يسير بثبات صوب ترسيخ عودة موفقة لأبناء النيل للريادة القارية.
بين رونار المتعود على الأجواء و الذي يستشعر كلما تواجد بالكان أنه ببيته الكبير و كوبر الذي كشف أن غياب التجربة في هذه المسارح ليس بمركب نقص بالنسبة إليه سيمكننا أ نتابع حوارا خططيا قمة في الإثارة و التشويق وفواصل تكتيكية تشبه معارك الشطرنج وتحين لحظة سهو من المنافس للإطاحة به.

دفاع متين وهجوم يمتع العين
هي مواجهة الدفاع الفولاذي بقيادة الخبير عصام الحضري والسور حجازي و القيدوم فتحي و الهجوم المتحمس بقيادة أسماء أطلسية يكتشفها الأفارقة لأول مرة في مقدمتها النصيري الواعد و الطافح بالحماس و بوحدوز البلدوزر و العليوي الشهد الجديد و أحد الأوراق التي لم يراهن عليها أحد فطلع ببصمة  كلها متعة في مواجهة الفيلة بواحد من الأهداف التي ستظل خالدة بسجلات الكان.
دفاع مصري لم يستقبل هدفا وهجوم مغربي متفجر كل مرة يطلع برقم جديد ووجه جديد يباغت المنافسين و الخصوم في انتظر ردة فعل قوية من العرابي الوحيد الذي لم يبصم بهدف بالكان، سيحلو هذا الحوار الكروي الذي يسعى فيه الأطالسة تكسير العقدة لأبناء النيل و تحنيط فرعونهم ليعبروا بنا للمربع الذهبي على بعد خطوة واحدة إن شاء الله من تكرار ملاحة أراضي الحبشة باثيوبيا قبل 4 عقود من الزمن.