100 سفير ينشطون في البطولات الأوروبية وفرنسا وهولندا بأرقام قياسية

لأن الفريق الوطني الأول إعتاد أن يتزود بمغاربة العالم وأوروبا خاصة في السنوات الأخيرة، حيث الأغلبية الساحقة من الأسود القادمة من أندية القارة العجوز، ولأن العرين أصبح في متناول العديد من المحترفين وصعب المنال على المحليين، نفتح لائحة هؤلاء اللاعبين الكثر الذين يلعبون في أوروبا ويمتلكون أفضلية تقنية وذهنية ليحملوا قميص الوطن، لنعرف من هم، عددهم وقلاعهم ودوليتهم، وما مدى قابليتهم وحظوظهم للعب الفريق الوطني.
100 لاعبا مغربيا في أوروبا هذا الموسم يركضون من أجل هدف واحد، إيجاد مقعد في سفينة هيرفي رونار، فكيف وصلنا إلى هذا الرقم الكبير؟ وهل يحرج هذا العدد القبطان؟ وهل تعتبر التمثيلية الموسعة والنشيطة للسفراء المغاربة بالخارج نقمة أم نعمة للمنتخبات الوطنية ودائرة إختيار مدربيها؟

غزو قياسي في موسم إستثنائي
يعرف الموسم الجاري زحفا مغربيا قياسيا في الأراضي الأوروبية عكس المواسم الفارطة، حيث الغزو الإستثنائي للمحترفين المغاربة بأعداد غير مسبوقة لأكبر البطولات بالقارة العجوز، ليصبح الأسود عملة أساسية تزاحم بشكل محترم باقي الجنسيات الأوروبية واللاتينية.
السفراء المغاربة يأتون في مقدمة ممثلي دول إفريقيا وآسيا بأوروبا، والريادة تأتي كما وكيفا لتؤكد الصحوة الكبيرة والنشاط المرتفع لأبناء الجالية على صعيد الأندية القارية في العقد الأخير.
وما الرقم القياسي لعددهم هذا الموسم بتواجد أكثر من 100 لاعبا مغربيا يحملون القميص الأول للفرق الأوروبية إلا دليل على الموجة الأطلسية التي إمتدت لتجرف رمال شواطئ المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
ويلعب ثلثا هذا العدد بشكل رسمي ويتميز بالتنافسية العالية والأداء المستقر فيما يحارب الثلث الأخير من أجل إيجاد موطئ قدم والبحث عن فرص لإثبات الذات.

الأشبال يفرضون الذات مبكرا
من بين أسباب إرتفاع تمثيلية الأسود هذا الموسم صعود العديد من الشباب إلى الفرق الأولى، إذ شهدت العديد من الأندية خاصة تلك التي تنتمي إلى تراب البلدان المحتضنة لجاليات مغربية مهمة إلتحاق الأشبال بفئة الكبار.
هولندا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا مزارع تحصد الثمار سنويا، ومدارس كروية عتيقة تكون المئات من الواعدين موسميا لتستفيد منهم أو تصدرهم لأوطان أخرى، ويحظى الشباب المغاربة بحصة محترمة من الحصاد.
فمواهب مثل حاريث، ملاعب، الحجام، تيسودالي، الحدوشي، الإدريسي، رايحي، الجبلي، الزموري، العلوشي، الصيقل وآخرين إستطاعوا أن يفرضوا ذواتهم بقوة ويحرقوا المراحل بسرعة، لينتزعوا تأشيرات العبور إلى الفرق الأولى، ويطرقوا بالتالي باب النجومية والتنافسية العالية ويطلوا معها على نافذة الدولية، لينضموا إلى كوكبة باقي الأسود والمخضرمين في جل البطولات الأوروبية، مما رفع بشكل واضح من العدد الإجمالي للسفراء المغاربة النشطاء هذا الموسم في القارة العجوز.

حصة الأسد لفرنسا وهولندا
إذا كان أزيد من 100 أسدا يلعبون في البطولات الأوروبية فقط هذا الموسم فإن أكثر من نصف هذا الرقم يتواجد في بلدين فقط هما فرنسا وهولندا، والسبب يعود إلى كثرة مراكز التكوين بهما والكثافة السكانية للجالية فوق ترابهما وإختيار أبناء العائلات المغربية إمتهان كرة القدم، الشيء الذي يجعل بعض الأسر تحتضن شقيقين أو أكثر يحترفون اللعبة ويملكون عقود إحترافية في مختلف الأندية.
فمنذ بداية الألفية الثالثة تضاعف عدد اللاعبين المغاربة المتخرجين من مدارس الكرة الهولندية والفرنسية، والزحف ما يزال مستمرا بأرقام قياسية ومرشحا للإرتفاع بقوة خلال الأمد القصير، بعدما يشتد عود يافعين يحملون أقمصة أصغر كما أعرق الأندية الأوروبية.
وفي إنتظار الإكتساح الخرافي المتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن رقم الموسم الحالي بحضور أكثر من 60 لاعبا ينشطون في البطولتين الفرنسية والهولندية بدرجتهما الأولى والثانية يحطم كل الأرقام ويغزو عتبة التاريخ، ويجعل من بلاد الأنوار والأراضي المنخفضة حقولا سخية ببذور مختارة وثمار وافرة، وآبارا ما إن تفرغ قليلا حتى تعود بسرعة لتمتلئ وتسقي كل أرجاء الملاعب الأوروبية.

البرمرليغ تعود لتنافس الليغا
بعدما كانت حبلى بالمحترفين المغاربة في الخمس سنوات الأولى من الألفية الثالثة عادت البطولة الإنجليزية للتصالح مع الأسود في الموسمين الأخيرين، خاصة الموسم الجاري الذي شهد إنتقال 3 ركائز للفريق الوطني صوب بلاد الضباب ويتعلق الأمر بسفيان بوفال في أغلى صفقة في تاريخ ساوثهامبتون، ثم تحليق المدافعين غانم سايس وأشرف لزعر إلى الشامبيون شيب مع ناديي وولفرهامبتون ونيوكاسطل تواليا.
هذا الثلاثي إنضم للثلاثي نور الدين أمرابط (واتفورد) ناصر الخياطي (كوينز بارك رانجزر) ومروان الشماخ (كارديف سيتي) ليصبح العدد الإجمالي 6 محترفين في إحدى أشرس وأمتع البطولات العالمية، لتعود إنجلترا بالتالي بقوة للساحة وتنافس الحضور المغربي في الليغا.
فالبطولة الإسبانية تضم هذا الموسم 5 سفراء هم كارسيلا (غرناطة) والناصري (مالقا) والزهر (لاس بالماس) وفضال (ألافيس) وفجر (لاكورونيا)، دون إغفال التواجد المحترم بالليغا2 والذي يتزعمه الثنائي منير المحمدي وياسين بونو رقم 1 و2 في عرين الفريق الوطني.
وأمام المنافسة الجديدة كما وكيفا بين أسود إنجلترا وإسبانيا يأتي سفراء الكالشيو في الظل والخلف، إذ أن الحضور لا يتجاوز 3 لاعبين يتقدمهم المهدي بنعطية مع جوفنتوس ووسيم بوي رفقة باليرمو وعمر القادوري مع نابولي، علما أن البصمة شبه غائبة لغياب التنافسية لديهم وصعوبة حجز الرسمية، بإستثناء العميد الذي له مكانة لا بأس بها وأفضلية نسبية باليوفي.

الفراغ بألمانيا والملاذ بتركيا
إذا كان الكالشيو يعرف تراجعا كبيرا في تمثيلية المحترفين فإن الأمر نفسه ينطبق على البطولة الألمانية، لكن بحدة أكبر حيث الفراغ المهول والخصام الشديد بين الأندية الألمانية والأسود.
صحيح أن البوندسليغا ظلت تتحفظ وتجمعها علاقات فاترة ومتقطعة مع اللاعبين المغاربة طيلة سنوات، لكن شح هذا الموسم غير مسبوق إذ لا يوجد ولا لاعب واحد في الدرجة الأولى والإستثناء الوحيد موجود في الدرجة الثانية في شخص عزيز بوحدوز قناص سان باولي، علما أن الموسم السابق كان يشهد حضور 4 لاعبين موزعين بين البوندسليغا1 و2.
وتعد ألمانيا ومعها الدول الإسكندنافية من أقل البطولات الأوروبية الكبرى إستقطابا للأسود، وباتت تتفوق عليها بطولات أخرى أقل شهرة وسمعة وحضورا على الصعيد القاري، كالبطولة التركية التي أصبحت ملاذا للعديد من النجوم من شتى الجنسيات.
الأندية المحلية وجدت في المحترفين المغاربة قطع غيار جديدة مهمة وفعالة، ولعل مرور أكثر من 10 لاعبين بها في آخر موسمين دليل على غزو الأسود لبلاد الأناضول، والموسم الحالي يشهد منافسة على الأضواء بين الرباعي شحشوح والعيساتي وسعدان وريغاتان. 

الهروب من المعسكر الشرقي
شكلت الإنتقالات المفاجئة والقياسية لبوصوفة وكارسيلا وبلهندة وآخرين إلى المعسكر الشرقي لأوروبا وهنا الحديث عن روسيا وأوكرانيا، وجهة مغرية لأمهر المحترفين في السنوات الأخيرة، حيث ساروا على درب السفير السابق بدر القادوري والسلف الذي شرف الكرة المغربية طيلة عقود في هذه الدول الثرية.
فالكل عاين كيف فاجأ بعض الأسود الجميع وأبرموا صفقات مالية تاريخية مع أندية روسية مغمورة، متجاهلين الأضواء ومتعة التباري في البطولات الأوروبية الكبرى ومفضلين المال والإغراءات، رغم الضرائب التي تُدفع من خلال التوقف عن اللعب سنويا لأشهر عديدة بسبب الصقيع والثلوج، وكذا الإبتعاد عن عالم الدولية إضافة إلى مشاكل أخرى كالعنصرية والعزلة.
لكن الفراغ بات يضرب هذا الموسم البطولتين الروسية والأوكرانية حيث لا أثر للتواجد المغربي بهما، فآخر من رحل عنهما إسماعيل العيساتي الذي ترك تيريك غروزني صوب تركيا، ويونس بلهندة الذي هرب من جحيم كييف ولو مؤقتا عائدا إلى فرنسا، ومحمد غرس الله العائد بدوره إلى إسبانيا بقميص طاراغونا بعد تجربة طيبة مع أولمبيك دونيتسك، وقبلهم غادر بوصوفة وكارسيلا..لتصبح هذه المغامرات في خبر كان مع إستفادات مالية وإخفاقات كروية تلاها هروب جماعي هذه السنة. 

المغرب 1 عربيا و3 إفريقيا
إجمالا ما يوجد في أنهار وبحار أوروبا هذا الموسم يؤكد أن التمثيلية المغربية في القارة العجوز ضربت كل الأرقام وحطمت جميع الجدارات، وتفوقت كما على عدد السفراء الذين حرصوا على التواجد بأبرز البطولات التقليدية الكبرى طيلة سنوات متتالية بأجيال متعاقبة.
أزيد من 100 لاعبا يتألقون هذا الموسم ويبدعون ويبللون أقمصة فئات الكبار لمختلف الأندية الأوروبية، وضعف هذا الرقم يؤثت الفئات السنية للعديد من الفرق الصغرى كما الكبرى في أعرق الدول الكروية، ويمكن إعتبار المغرب رقم 1 كأكثر بلد عربي ومغاربي و3 إفريقيا بعد نيجيريا والسنغال حضورا في نوادي القارة العجوز، بيد أن هذا الرقم بعيد كل البعد عن منافسة بلدان لاتينية رائدة كالبرازيل والأرجنتين والأوروغواي وكولومبيا والتي تضاعف تمثيلياتها تمثيلية الأسود عشر مرات.

كيف نستفيد؟
التساؤل المطروح هو كيف تستفيد المنتخبات الوطنية من فئة الفتيان حتى الكبار من هذا الكم الهائل للاعبين المغاربة في أوروبا؟ وكيف تتم المتابعة والرصد لهؤلاء حتى تُمنح الفرصة لأكبر عدد منهم ولا يُظلم أحد؟ وما آلية ونجاعة إشتغال الإدارة التقنية على هذا الورش العظيم لخدمة كرة القدم الوطنية بطيور مهاجرة تغرد أسبوعيا في أجمل الحدائق الأوروبية؟
ويبقى المؤكد أن إرضاء الجميع أمر تعجيزي ودائرة الإختيار الموسعة لرونار وباقي مدربي المنتخبات الوطنية سيف ذو حذين، إذ من جهة فهو أمر محمود يُحسدون عليه من قبل مدربي منتخبات أخرى قارية وعربية على الخصوص حيث ضيق الإختيارات ومحدوديتها، ومن جهة أخرى فالتهميش والظلم يطال بعض الأسماء المقنعة والمتألقة مع أنديتها دون أن تجد إلتفاتة من بلدها الأم، لأسباب تتعلق تارة بالإختيارات والقناعات وتارة أخرى بتصفية حسابات.
وخلاصة القول وفي جميع الأحوال تبقى هذه الإكراهات من توابل وخبايا كرة القدم حيث المعايير متباينة والإستراتيجيات مختلفة من وطن ومدرب لآخر، والمغرب كبلد يتوفر على محترفين كثر وتمثيلية قياسية في أوروبا لن يكون أفضل من البرازيل وأكثر ظلما منه، وهو الذي يضم أزيد من 2000 سفيرا بمستويات متقاربة ومواهب فريدة في أبرز أندية العالم، وفي النهاية لا يضع الثقة إلا في 23 لاعبا لحمل قميصه.