نلعب في الزمن الضائع؟

ربما تكون مباراة الفتح والمغرب الفاسي التي افتتحت الدورة 17 للبطولة الإحترافية المرآة العاكسة بجلاء لحالة الاختناق التي يشكوً منها الإبداع الكروي عندنا، لحالة الوهن الشديد التي تلازم لاعبينا فلا يجرؤون ولا يبادرون ولا يبدعون.
فوق أرضية مثالية لا تترك مجالا لأي عذر للإسفاف وتحت إنارة أكثر من رائعة تغري بأجمل السيمفونيات الكروية، كنا أمام فريقين تباعد بينهما المسافات والأرقام ولكنهما يلتقيان في شيء أجمعنا عليه ذات وقت، أنهما يلعبان كرة قدم جميلة، إلا أن ما شاهدته مجسدا في هذه المباراة يفضح ما عليه تركيبة اللاعب المغربي من فقر مذقع على مستوى الخلق والإبداع، لاعبون منصبطون تكتيكيا في اداء كل الأدوار المناطة بهم في إطار الرسم التكتيكي الموضوع من قبل مدربيهم، إلا أنهم مفرغون من كل حس إبداعي، عاجزون عن صيغ جمل تكتيكية كاملة وذات معنى، فكأنما نحن أمام لاعبين آليين لا روح اهم ولا قدرة على الخلق.
مؤسف جدا أن نكون أمام لاعبين نمطيين، يستطيعون استيعاب كل التعليمات الموجهة لهم ولكنهم قاصرون عن إحدات الكبسة الإبداعية التي لا يستطيع أي مدرب أن يتوقع لها توقيتا أو أن يحدس لها حجما.
ما يحدث مع الفتح ومع المغرب الفاسي يحدث مع كل الفرق المغربية في كل مباريات البطولة الإحترافية بلا إسثتناء، فهناك حالة عامة من الانكماش ومن الاستعصاء ومن عدم القدرة على المبادرة وعلى صنع الفارق.
وعندما نحصي في مبارياتنا ما لا يعد ولا يحصى من الجمل التكتيكية المبثورة وما ليس له عد من التمريرات الضائعة وما يصيب بالدهشة من عدد حالات السهو وانعدام التركيز من مدافعين يرتكبون أخطاء بدائية ومن مهاجمين يهدرون الفرص السهلة، عندما نقف على كل هذه الأرقام الكارثية نصل إلى حقيقة أننا فرطنا منذ مدة في التكوين العميق والعلمي وتناسينا كل مستلزمات كرة القدم الحديثة ولم نعمل إلا على المزايدة في لاعبين بلا قيمة فنية، لتكون النتيجة الصادمة أن كرة القدم المغربية فقدت هويتها وضيعت شخصيتها، فلماذا نجن عندما يخرج منتخبنا المحلي صاغرا من الدور الأول لبطولة إفريقيا ونلعن الظروف والزمن، بينما العيب في لاعبين أسأنا تكوينهم..
أرجو أن نذهب رأسا إلى حلول عملية تصرف عنا كل هذا الوجع الذي يلازم منتخباتنا وأنديتنا إفريقيا، أن تفرض الجامعة على الأندية موديلا للتكوين القاعدي تقترحه الإدارة التقنية الوطنية وتوجد لتعميمه صيغا ملزمة بعقد أهداف واضح، لعلنا نستعيد هويتنا وشخصيتنا ومعها قدرتنا على المنافسة قاريا..
إننا نلعب في الوقت بدل الضائع.