إن كانت لنا رغبة للوصول بكرة القدم الوطنية للمستويات العالية التي تجمل صورتنا في عيون الأفارقة وتقربنا نسبيا من كل الذي حدث من طفرات نوعية هناك في أقصى الشمال، ما وراء البحر الأبيض المتوسط، وإن كانت هناك من إرادة لإنجاح المشروع الإحترافي، فلا مناص من أن نشرع الأبواب الموصدة ونفتح الكهوف السرية التي لطالما رمينا فيها كثيرا من المحظورات التي لو علم المغاربة بها لصعقوا، ونجهر بالحقائق مهما كانت مؤلمة وعسيرة على الهضم.
نريد كرة خالية من الشغب؟ الأمر يحتاج لمنظومة عمل قائمة على التشاركية والشمولية في التعاطي مع الظاهرة المعيبة لاستئصالها من الجذور.
نريد كرة منزهة عن كل ما له علاقة بالسمسرة وبيع الذمم والتلاعب سرا بنتائج المباريات؟ الأمر يحتاج أولا وقبل كل شيء الجزم بوجود بذرات للفساد والسعي لإبادتها بالكامل.
نريد كرة خالية من المنشطات؟ الأمر يحتاج أولا إلى الإعتراف على النفس بأن كرة القدم الوطنية ما خلت أبدا من تعاط عن عمد أو عن جهل لنوعية من المنشطات، ويحتاج ثانيا إلى عدم معاملة هذا التعاطي وكأنه من الطابوهات التي يجب أن توأد في التراب حتى لا يفتضح أمرها.
تذكرت أن التصدي لظاهرة الموت المفاجئ التي مرت ذات وقت على كرة القدم الوطنية، أوجس إلينا خيفة على أن هناك احتمالات بوجود ممارسات مشبوهة يجب أن يعاقب عليها القانون وهي تعاطي اللاعبين لمواد تعتبر منشطة ولها انعكاسات خطيرة على صحة اللاعبين آجلا وعلى أدائهم ولياقتهم في المنظور الزمني القريب، بل إنه عند الحديث عن سقوط لاعبين مغاربة ضحية الموت المفاجئ، خرج أطباء رياضيون ليقولوا جهرا وبلا مواربة على أن لاعبينا لا يوجدون في وضعيات رياضية سليمة بحكم تناولهم لمواد إما منشطة أو مهلوسة، وقد شاع الخبر وقتها بأن هؤلاء اللاعبين إما يتناولون بكميات مثيرة للقلق مواد منشطة تباع لهم على أنها مكملات غذائية مساعدة على تصريف التعب البدني، وإما أنهم يدخنون «الشيشا» وفي كثير من المرات يكون ذلك مقرونا بمواد مخدرة، ومن هول ما توصل إليه هؤلاء الأطباء وقتها، دعوا على الفور إلى إحداث مختبر طبي للكشف بانتظام على اللاعبين والإعلان عن حالات التعاطي للمنشطات وإخضاع المتورطين للعقوبات التي تجرم هذا الفعل قانونا.
إن الجهود التي تبذلها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من أجل تطوير كرة القدم الوطنية والوصول باللاعب المغربي إلى المستويات التي تتيح له المنافسة بقوة في محيطه القاري، لا يمكن أن تستقيم ولا يمكن أن تثمر وضعا كرويا صحيحا إلا إذا جففنا كل منابع الفساد والغش والشغب والتعاطي السافر للمنشطات كبر أو صغر مفعولها، ولعل ألعاب القوى الوطنية هي أكبر دليل على معاملتنا ذات وقت للتعاطي للمنشطات بشكل مستهجن، مما تسبب لنا في فضائح نعرف كم أساءت للرياضة الوطنية، فجعلتها أمام العالم رياضة فاقدة للمصداقية ورياضة متسخة، ما تطلب ثورة فعلية من قبل جامعة ألعاب القوى للقضاء على كل الأوكار التي بنتها «مافيا» الفساد للمتاجرة في المنشطات فأوقعت ألعاب القوى المغربية في شرك الفضائح والتوقيفات.
....................................................
إن نحن ساءلنا اليوم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على أنها لم تحترم الآجال الزمنية المحددة سلفا لتسليم أندية أولمبيك آسفي والنادي القنيطري وأولمبيك خريبكة ملاعبها وقد إنتهت بها أشغال التكسية بالعشب الطبيعي لوجود خلل وظيفي لدى الشركة التي رست عليها المناقصة وما يتسبب فيه ذلك لهذه الأندية من خسائر مادية وضرر رياضي، فإننا نسائل اليوم مجلس عمالة الدار البيضاء على قراره بإغلاق مركب محمد الخامس بالدار البيضاء على حين غرة وبدون سابق إنذار أو تشاور مع ناديي الوداد والرجاء الذين يستقبلان فيه مبارياتهما.
لا خلاف على أن الملعب يوجد في ملكية مجلس مدينة الدار البيضاء وله حق التصرف فيه كيفما يشاء، إلا أن الإستغلال طويل المدى للملعب من قبل ناديي الرجاء والوداد يعطيهما الحق في أن يكونا على علم مسبق بنية الإغلاق، إن لم يكن للتأثير من أجل ربط الأمر بآجال زمنية مريحة لا تضر بمصلحتهما معا، فعلى الأقل ليتمكنا بمساحة زمنية معقولة من إيجاد ملعب بديل في ظل الإكراهات التي نعرف، والتي يوجد في طليعتها أن إغلاق مركب محمد الخامس بالدار البيضاء يتزامن مع الوضعيات الكارثية لكل الملاعب التي توجد بمدينة الدار البيضاء وبمقدرها احتضان مباريات الوداد والرجاء، كما أن إغلاقه في هذا التوقيت بالذات سيقلل من إمكانيات إيجاد ملاعب بديلة خارج الدار البيضاء، على اعتبار أن مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط مغلق وملعب البلدي بالقنيطرة مغلق وملعب الفوسفاط بخريبكة مغلق وملعب المسيرة بأسفي مغلق وملاعب أخرى لا تريد أن تفتح أبوابها لمباريات الفريقين معا.
هو إذا قرار راعى مصالح مدينة ما في ذلك أدنى شك، إلا أنه للأسف أضر كثيرا بمصالح الوداد والرجاء، وأخاف أن تكون تكلفة هذا الإغلاق إن كان نهائيا لا رجعة فيه باهظة على الناديين معا.