منتهى القبح ومنتهى الخروج الفاضح عن الأخلاق أن نزيغ أحيانا عن كل السياقات ونتجاوز المدى المسموح به لنطعن الأشخاص في العرض والذمم، والنيل منهم ومن السمعة والشرف لا لشيء سوى لأن منتخبا فشل أو فريقا أخفق أو لاعبا لم يكن الحظ بجانبه وعانده يوم المباراة.
يساءل محمد فاخر عن جوانب كثيرة من أخفاق المنتخب المحلي برواندا كما أن الرجل فوق طاقته لا يلام فلا هو بساحر ولا هو بقادر على أن يضرب بعصاه البحر فيشقه لنصفين.
كلنا نتحمل مسؤولية نكبة رواندا وكلنا معنيون بشكل أو بآخر بما انتهت إليه الأمور بكيغالي، نحن من نلبس منتخباتنا الوطنية كل مرة يشاركون فيها في مسابقة قارية ثوب الفريق البطل، لا الفيفا تعطينا هذا الحق ولا الكاف لا حتى خبراء ولا لغة الأرقام والإحصائيات تقف بجانبنا.
قد يكون فاخر أخطأ التقدير بخصوص لاعب أو لاعبين من البطولة، قد يكون أخطأ على مستوى تغيير لاعب بآخر داخل المباراة، قد يكون أخطأ على مستوى الكوتشنغ والطاقم، لكن كل هاته التفاصيل الصغيرة غير مسؤولة عن بؤس مشاركاتنا قاريا أو دوليا ولا هي مربط الفرس وحيث يستقر الورم الخبيث.
كنت ومازلت وسأظل من المقتنعين حد اليقين أن فاخر والزاكي هما صفوة زبد الأطر المغربية، ولن يغير قناعتي الراسخة هاته خروج المحليين من «الشان» أو غيره من الأحداث التي قد تتواتر لاحقا بخصوص مسار فاخر.
مشكلتنا بالمغرب أننا لا نجيد حتى «الفراجة» في مباريات كرة القدم، كلنا نتحول لمحللين ولفقهاء تكتيك ولعلماء جلد مدور منفوخ بالريح.
جوهر مشاكلنا أن نتلون كل يوم بلون كالحرباء، وأننا لا ننتصر لمبدأ ولقناعات ونجاري صوت الشارع والمقهى وكل الخطابات المجوفة والشعبوية، لنجعل منها تحاليل نقدية يكون لها تأثير على الرأي العام.
بالأمس كان فاخر جنرال واليوم تحول  لرقيب أو «كابران» بسبب «الشان» وسبحان الله؟ بالأمس كان فاخر داهية ومدرب عظيم وسيد التكتيك، وبرواندا أصبح مدربا فاشلا ولا يجيد قراءة المنافسين والخصوم، واستلت السيوف من أغامدها والخناجر لتضرب الرجل وتاريخ الرجل الذي بناه بالعرق والجهد والتضحيات ونكران الذات ولا أحد سينازعه المجد الدي بلغه وسجله التاريخ.
لم أكن أرغب في الدفاع عن فاخر لأنه راشد ومؤهل لفعل ذلك بنفسه، لكن ما آلمني أكثر هو ما بلغني على لسانه بحرقة وألم أن يعمد البعض للإساءة له ولشرف المهنة التي يمثلها، بالتطاول الفاضح عليه تارة بوصفه سمسارا وأخرى كونه شيد قصور ألقابه وصرحها على ممارسات غير نظيفة وفئة ثالثة نالت منه ومن أسرته بصور «الفوطو شوب» التي كان لها تأثير سلبي وكبير على أفراد أسرته وأحبطت أنجاله وحرمه وتسببت لهم في موجة حزن بالغ.
الأعراض والذمم هي سدرة المنتهى وهي خط أحمر لا ينبغي الإقتراب منه لتصفية حسابات أو لتسفيه شخص أو النيل منه، لأن فيها أولا زيغا عن سكة تقويم الإختلالات التي تعيشها كرتنا، وفاخر ليس مسؤولا مباشرا عنها، وفيها تحريض فعلي وعلني على أن تصبح مثل هاته المسلكيات مباحة بلا رقيب وبلا حساب لمن يبدعونها.
فاخر لم يكن هو من أشار على الشاكير وفي الثانية الأخيرة من الوقت المضاف أن يتسبب في ضربة جزاء ساذجة معجونة برعونة الهواة، ولم يكن هو من أشار على خضروف أن يسجل بالفرنسية بـ «الطالون» بدل ضرب الكرة بباطن القدم لتستقر بمرمى كوت ديفوار، وتلك جزئيات ساهمت في خروجنا الفاضح والمبكر من رواندا.
كنت أتمنى أن يندلق كل هذا المداد الذي ينال من فاخر يوم تعيينه وليس الآن، وأن تتفتق  عقيرة وعبقرية من يتهمونه يوم تم تنصيبه وليس بعد سقوطه، وكنت أتمنى أن يجابه بكونه مدرب محدود حين كان يمر بالبلاطوهات وفي الحوار وليس بعد أن اعتبره البعض جثة.
لذلك أنا لست من هواة المشي على الجثت ولا يروق لي حصر المشاكل في جزئيات هدفها تصفية حساب وضرب من تحت الحزام، ولم كان مؤلما ما ناله فاخر من رفاق القبيلة والمهنة وهو برواندا بعد أن تحولوا جميعهم لعلماء وصار هو في درك أسفل دونهم.
تاريخ فاخر وتوشيحات فاخر تنتصب لتدافع عنه قبل أن يترافع عنه أي كان، ومن حق الجميع انتقاده بالموضوعية الكفيلة بأن تنعكس بالإيجاب على كرتنا الوطنية لا بما يجرح الناس في مشاعرهم ويتسبب لأسرهم بالحزن والإحباط ولعن الكرة ووسخها.
فاخر هو عزيز القوم الذي يستحق الرحمة بمختصر كل كلام مفيد.