مع تحقيق الفريق الوطني لفوز عريض برباعية لهدف على فهود الغابون، فوز يعقب الإنتصار الذي تحقق شهر يونيو الماضي على الكونغو برازافيل بسداسية نظيفة، تصبح مباراة الغابون التي افتتح بها الأسود مشوار تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2025، كاشفة للعديد من الحقائق والمعطيات وحتى الدروس، مع جعلها في مرتبة المحك المثالي والنموذجي.
فلماذا هي مثالية ونموذجية المباراة أمام الغابون؟
أولا، هي مباراة أبقت على دينامية الإنتصارات، صحيح أن الفريق الوطني يدخل التصفيات ليس بهاجس تحقيق التأهل وتحصيل النقاط، ما دام أنه مؤهل أوتوماتيكيا للنهائيات الإفريقية التي ينظمها المغرب في دجنبر من العام القادم، إلا أنه يريد ترسيخ العقلية الإنتصارية، التي تعطيه القدرة ذهنيا قبل أي شيء آخر على ترويض أي منتخب ومغالبة أي إكراهات وعوائق تحول بينه وبين تحقيق الإنتصار.
ثانيا أنها مباراة كرست التطور الكبير الحاصل على مستوى النجاعة الهجومية، سواء في صناعة الفرص أو في تحويل هذه الفرص لأهداف، فهذه الرباعية في مرمى الغابون، تأتي مباشرة بعد السداسية أمام الكونغو برازافيل، بل إن الفريق الوطني الذي حقق ثلاثة انتصارات متتالية منذ تعادله وديا أمام موريتانيا من دون أهداف، سجل ما مجموعه 12 هدفا بمعدل 4 أهداف في المباراة الواحدة.
ثالثها، أن الفريق الوطني أضاف لبنة جديدة في التماسك وفي تقوية روح المجموعة، وتقدم خطوة على درب إظهار التضامن الجماعي الذي يؤكد صحة المعيش الجماعي أيضا.
رابعها، أنه برغم التغييرات التي أحدثها وليد الركراكي على بنية الفريق، مقارنة بمباراة يونيو الماضي أمام الكونغو برازافيل، بترسيم كل من مزراوي، الخنوس، الزلزولي ورحيمي، لم يضطرب الأداء الجماعي، بل بقي ثابتا، وهو ما يؤكد الغنى البشري، وما يبرز التنافس الكبير على المراكز.
تلك كانت هي المكتسبات التي أبرزتها مباراة الغابون ولابد من الإستثمار فيها لجعلها من مقومات النجاح الجماعي أيا كانت الملابسات والإكراهات وحتى طبيعة الخصوم، فما هي يا ترى الإختلالات التي عرتها وكشفت عنها مباراتنا أمام الفهود؟
لعل أولها ما اعترى المنظومة الدفاعية من ضعف في بعض فترات المباراة وبخاصة خلال الشوط الأول، وذاك ما يخيف على اعتبار أن هذه المنظومة الدفاعية كانت من نقاط قوة الأسود.
بدا واضحا أن اللعب بثنائية جديدة في متوسط الدفاع (أكرد عبقار) واللعب أيضا بحكيمي ظهيرا أيسر، كانت من أسباب هذا الوهن الذي ظهر على خط الدفاع، ومكن المنتخب الغابوني من 6 تهديدات مباشرة، بل وجعل من ياسين بونو واحدا من رجال المباراة.
صحيح أن المنظومة الدفاعية تشتغل عادة بالفريق برمته، وليس فقط برجال الدفاع، إلا أن اللعب بالثنائية الجديدة وعدم وصول نايف أكرد لقمة مستوياته بالنظر لقلة تنافسيته، ورث هذه الوضعية غير المرغوب فيها على الإطلاق، والتي نتمنى أن تكون عابرة.
ثانيها، اللعب بأشرف حكيمي ظهيرا أيسر، لتمكين نصير مزراوي من اللعب في الرواق الأيمن.
صحيح أننا كنا في إطار التجريب الذي نعرف نتائجه مسبقا، إلا أن هناك محصلة بديهية تقول، سواء لعبنا بمزراوي أو حكيمي ظهيرا أيسر، فإننا نضعف اللاعبين معا، لذلك كان من الطبيعي أن نحتفظ بحكيمي في الجهة التي تعود اللعب فيها بل والإبداع فيها منذ العودة من مونديال روسيا 2018، والإبقاء على مزراوي في الجهة اليسرى، التي يستطيع التغلب على إكراهاتها متى كان في قمة الجاهزية البدنية، في انتظار وصول الظهير الأيسر المنتظر.