ماذا استفدنا؟ وماذا ضيعنا؟
خلف الخروج الكارثي لمنتخب المحلي وبالطريقة الدراماتيكية التي تابعها الجميع أمام المنتخب النيجيري، من محطة الدور الثاني لكأس إفريقيا للمحليين رجة عنيفة أعادت رسم الأمور بالريشة الصحيحة ووضعت الجميع أمام مرآة المكاشفة، بعد عبور خادع خلال الدور الأول صنفه البعض ضمن خانة الإنجاز.
إقصاء عرى عن تدبير عشوائي، عن تسيير مرتعش وأرعن ومقاربة عقيمة لأوراش المنتخبات المغربية والتي تجني اليوم العاصفة بعدما زرع القائمون على شؤون كرتنا العاصفة في حقولها البئيسة.
في المتابعة التالية إعادة تقييم لما جرى بكيب تاون الجنوب إفريقية في ترتيب جديد للأوراق يوقظ المواجع من جديد ويكشف اهتراء مشهد وفقر فكر مسؤولين.
من يزرع الريح يحصد العاصفة
لم يكن بالإمكان أفضل مما كان سيما في ظل إرتفاع أصوات الكثير من العقلاء الذين استبقوا الخاتمة السيئة والدراماتيكية التي انتهت إليها أحداث «شان» دخله المنتخب المغربي بلا «شان» بعدما أصر القائمون على تدبير أمور الكرة المغربية على قص أجنحة التحضير ومنح كرة من بارود لبنعبيشة كان لا بد لها وأن تنفجر وهي بين أنامله بين اللحظة والحين.
تضييع أكثر من 4 أشهر وهي الفترة التي ربطت بين تأهل منتخب المحليين على حساب منتخب تونس في المباراة الفاصلة، واستغراق الجامعة لوقت طويل في تدبير حروب الجموع العامة المثيرة للجدل، أضاع على المحليين كما أضاع على الكبار فرصة إجراء مباريات إعدادية على شاكلة ما قمت به منتخبات مالي وليبيا واللذان لسخرية القدر استعدا هنا بالمغرب ولا أحد كلف نفسه اختراق معسكريهما لإجراء مبارتين وديتين معهما.
التكتم الكبير على تعيين بنعبيشة وانتظار الخط المستقيم لتداول اسمه حتى لا ترفع أصوات «الفيطو» الرافضة للإختيار ساهم بدوره في تضييع فرصة دخول معسكر على شاكلة المعسكرات الإحترافية التي تقود في نهاية المطاف لنتائج ملموسة.
وأخيرا وليس آخرا المراهنة على جيل متجاوز من لاعبين طاعنين في السن وتهميش وجوها صاعدة كان بالإمكان أن يشكل ظهورها في مسابقة قارية من هذا الحجم فرصة لربحها للمستقبل دون مساءلة.
كل هذه العوامل مجتمعة تقود لإدانة المسؤولين ولتأكيد أن حصاد العاصفة بكيب تاون كان بسبب زراعة الريح من طرف أصحاب الحل والعقد والإختصاص.
البرنوصي و«الكوديم» لمواجهة نيجيريا؟
المنتخب النيجيري الذي بدا لاعبوه وهم يتحلقون حول قائدهم بعد نهاية الجولة الأولى خاسرين بالثلاثة، شبه واثقين من العودة على مستوى النتيجة وحسم اللقاء لصالحهم، لاعبون بهذا الحجم من الثقة لم تتأت لهم من فراغ وهو خريجو معاهد تكوين على أعلى مستويات التأطير، وهذا المنتخب هو امتداد لسياسة جامعة نيجيرية ساهمت في إرساء أركان الكرة النيجيرية بالشكل الصحيح على صعيد كل المنتخبات التي تحصد النجاحات تلو الأخرى.
منتخب نيجيريا إستعد للنهائيات بخوض 6 مباريات مع منتخبات قارية مختلفة منها مبارتين بجنوب إفريقيا قبل ضربة البداية، في وقت كان المنتخب المحلي يجري عبر فترتين متقطعتين وديتين أمام كل من الرشاد البرنوصي وأمام النادي المكناسي من دون لاعبي الرجاء والحسيمة.
كان هذا شكل من أشكال الخروج المائل من معسكر المعمورة والذي لم يتجاوز في مجموعه 10 أيام انضاف لها التدبير السيء لشكلية بسيطة اسمها التأشيرات الخاصة بدخول التراب جنوب الإفريقي وانتهاء بمأساة اختيارات بشرية كان نصفها خاطئا ومستندا لحسابات غير العلمية ولا التي يحكمها المنطق.
أية استفادة من المشاركة؟
كان من الممكن حتى والـمنتخب الوطني يتهاوى مثل الصوف أمام منتخب نيجيري قدم للمحليين درسا في الواقعية وفي السعي خلف الهدف المنشود حتى الصافرة النهائية، لو شاركنا مثلا بتركيبة من الشبان أو الجيل المتوسطي الذي تحصل على ذهبية ميرسن أو الألعاب الفرنكفونة ولو لم نشارك بمنتخب ثلث لاعبيه تجاوزا 30 سنة والبقية تحاذي هذا السن وهو ما جعله واحدا من المنتخبات ذات معدل الأعمار المرتفع.
لذلك لا توجد استفادة كبيرة من الدورة ومن المسابقة ككل وهنا تمكن كارثة المشاركة في تظاهرة مكلفة وتطلبت توقيفا للبطولة الإحترافية يناهز شهرا كاملا دون أن نغنم منها شيئا.
ليس تشكيكا في كفاءة أي من اللاعبين ولا تنقيصا من قيمتهم الفنية ولكن إحتكاما لتجارب سابقة لم يقدم من خلالها المحليون الإنطباع الجيد على مستوى وفائهم بالأدوار المطلوبة منهم خاصة في المحطات الحاسمة مثل ما وقع بتانزانيا حيث عصفت خسارة دار السلام بحلم مونديال البرازيل بسبب المراهنة والمقامرة في الوقت نفسه بهيكل الأسود المشكل من لاعبي البطولة.
للأسف بين كل الذين شاركوا لا تظهر ومضة أمل و لم نخرج بانطباع إيجابي عن لاعبين بالإمكان أن يشكلوا نواة لــ «الكان» القادم وهذه هي المأساة الحقيقة التي تفقد مشاركة في حدث ومسابقة من هذا النوع من جدواها وقيمتها الحقيقية.
درس لــ «الكان» بأي عنوان؟
إستمرارا في طرح أسئلة المرحلة التي أفرزتها المشاركة المخيبة للآمال للمنتخب المحلي في دورة جنوب إفريقيا والتي لا يمكن لأحد أن يقول بكونها كانت موفقة حتى والفريق يعبر حاجز الدور الأول، لأن النتائج التي تحصل عليها المنتخب المغربي لم تكن بالقامة والقيمة الكبيرتين بما فيها انتصار تم من خلال مجهودين فرديين للاعبي الرجاء ياجور والوادي وتعادلين مخيبين أمام زيمبابوي وبوركينافاسو.
درس «الشان» هو امتداد للسقوط المخيب وبنفس الطريقة التي جعلت منتخب المحليين يلذغ من نفس الجحر الذي لدغنا منه فيما مضى أمام منتخب جنوب إفريقيا بعدما عجز الأسود عن الحفاظ على تقدمهم والسبق الذي رسموه أمام منتخب البافانا بافانا وعادوا صاغرين من بوابة الدور الأول.
درس «الشان» كان من الممكن أن يشكل لنا البداية للإشتغال على المرحلة القادمة، مرحلة التحضير الجيد لربح رهان العرس الكروي الذي لم تعدى تفصلنا عليه سوى شهور معدودة وليس سنة كمايتم الترويج له (ضربة الإنطلاقة يوم 17 يناير من السنة القادمة).
وللأسف أيضا أن الناخب القادم لن يجد أمامه تقريرا مفيدا لتدبير المرحلة القادمة طالما أن المراهنة على لاعبين تقدم بهم السن وآخرون ظهروا بمستوى تقني جد متواع سيبدو ضربا من العبث.
الإطار الوطني بالمحرقة
يبدو أن ما راهن عليه أصحاب الحل والعقد قد بلغوه وبخبث كبير أيضا من خلال وضع الناخب الوطني ومطرب الحي في دائرة مسيجة بأسلاك صاعقة تهدد بنسفه بين كل لحظة وأخرى.
بنعبيشة ضرب ما حققه وأهله ليكون مدرب السنة المنصرمة، في كل الأصفار العريضة وهو يقدم على اختيارات بشرية لم تكن موفقة في شكلها ومضمونها.
وثانيا لأنه قبل باللعبة وهي لعبة التكتم على اختياره وكان المنطق يفرض يومها أن يفرض أمره الواقع بالجهر بتعيينه حتى تتاح أمامه إمكانية تحضير أفضل و ثالثا بالأخطاء الكبيرة والقاتلة التي ارتكبها على مستوى الكوتشنغ والتي جعلته يخسر جولة ستكون للنسيان أمام ستيفان كيشي الذي قلب عليه الطاولة في 45 دقيقة فقط.
هي واحدة من مخلفات الدمار الشامل الذي فرضه النيجيريون على المنتخب المحلي و في مطلق الأحوال، سيكون من الحكمة لو استفادت الجامعة من درس» الشان» حتى لا يتكرر بـ «الكان» القادم لتجمع أمرها ومن الآن وتعين ناخبا وطنيا بمواصفات ومقاسات الجودة المطلوبة إنسجاما مع بروفايل المرحلة وكي لا يتكرر ما حدث وتضيع الشهور التي قد تضع الأسود أمام فرن «الكان» وهو بلا زاد
منعم بلمقدم