من المفترض أن تكون حرب التصريحات الموقع عليها في ندوات صحفية مبرمجة وفي تناظرات مخطط لها عن بعد، قد وضعت أوزارها وانتهى كل من عبد الإله أكرم وفوزي لقجع المتنافسين على رئاسة جامعة كرة القدم من التصريح بالنوايا ومن شرح أبعاد الرؤية ومضامين الإستراتيجية، ليصبح الجمع العام أمام مسؤولية إختيار من يراه الأنسب لتسلم مقود القيادة من الرئيس المنتهية ولايته السيد علي الفاسي الفهري.
وبالقدر الذي كنت فيه كغيري متحفزا وسعيدا أن كرة القدم الوطنية قد قطعت مع عقود طويلة ظلت فيها القرارات المصيرية تطبخ في مطابخ سرية وتوضع أمام عائلة كرة القدم لتزكيتها، وفي ذلك إشارة لوجود نوع من النضج الفكري، بالقدر الذي أحزنني أن المشهد الكروي الوطني لم يجد بعد الآليات القانونية ليحمي نفسه من هجمات الرداءة والميوعة التي تريد أن تملأ ساحات المنافسة على رئاسة الجامعة بالنقر على الحساسيات والإنتصار للقبلية الضيقة والتربيطات التي تشتم فيه نثانة الشخصانية وما يقسم العائلة الكروية إلى معتركين ويرمي بها في خندقين.
لا اعتراض على أن البنية اللغوية قد تختلف في تصريح أكرم وتصريح لقجع وعلى أن الرؤية قد تتباين في الأحجام والأبعاد بين فكر الرجلين ولكن من يقنعني بأنه لا توجد في البرنامجين مشتركات أو قواسم بديهية، فأكرم وإن كان ينادي بالإستمرارية لا يمكنه أن يختلق واقعا كرويا جديدا ولقجع إن كان ينادي بالتغيير، فمن قال أنه تغيير راديكالي سيقتلع برامج وأوراش من جذورها، أكرم ولقجع وكل من له ذرة عقل يؤمن أن كرة القدم الوطنية معرفة بواقعها وبمعضلاتها وأيضا بتراكماتها، وإن هي غيرت اليوم القيادات لحاجات تريدها طبيعة التطور واستجاب لها المشرع فإنها تغير المقاربات وطبيعة العمل أما مضمون الرهانات فهو واحد لا يمكن أن نختلف عليه، لذلك كان وما يزال وسيظل من مصلحة كرة القدم الوطنية أن تظل في خندق واحد، قد تنقسم العائلة الكروية اليوم بين لقجع وأكرم لضرورات المنافسة ولطبيعة اختلاف الأفكار، الإختلاف الذي يجمع أكثر ما يفرق والإختلاف الذي لا يفسد للبقاء على المبدأ ودا، إلا أنها ستصبح يوم السبت عندما ينتهي مولد الجمع العام صفا واحدا خلف من تضعه الإنتخابات بشكل ديموقراطي ونزيه في مركز القيادة، فمن يتصور ويروج إلى أن المهزوم في الجمع العام سيتحول إلى معارض بالحمولات القدحية للكلمة فهو واهم ومسخر لضرب الكرة الوطنية في الصميم.
هي إذا لحظة مفصلية تؤسس للعودة فعليا إلى كنف الديموقراطية التي هي الضامن الكبير لبناء المؤسسات الرياضية، وهي إختبار صريح للنوايا فإما أن تقنعنا الأندية والعصب التي تشكل حجر الأساس في بناء هذا الفعل الديموقراطي بأنها تستحق أن تصنع مصيرها بنفسها لتكون بذلك مسؤولة أمامنا جميعا عن المشهد الكروي الوطني برمته وإما أن تقنعنا بأنها ما زالت بعيدة عن استحقاقها لهذه المحطة، واستحقاق الثقة والقدرة على صنع المصير يكون باختيار الرجل المتطابق فكرا وروحا مع مرحلة دقيقة نجمع كلنا على أنها لا بد وأن تقطع مع كثير من السلبيات التي أرخت بظلال قاتمة وثقيلة على المشهد.
لا بد وأن ننطلق في استشرافنا للمرحلة القادمة التي سيسمي الجمع العام ليوم غد من سيتولى ثأثيثها، من أن كرة القدم الوطنية تحتاج إلى ثورة نوعية لا تبيد بالكامل ما تراكم في السنوات الأربع السابقة ولكنها تغير كليا المقاربات وتقطع مع سلبيات كثيرة سادت تدبير جامعة علي الفاسي الفهري لبعض الأوراش الكبرى، وأهمها ورش المنتخبات الوطنية، ثورة يكون وقودها الأساسي هو التراكم وصون المكتسبات وتسريع وثيرة العمل بكل الأوراش، الثورة التي تجعل من السنوات الأربع القادمة لحظة فارقة تعيد التحام كرة القدم المغربية مع كوكب كبار القارة.
إن فهم الأوصياء على كرة القدم من الذين سيحضرون الجمع العام ليوم الجمعة ناقدين ومقررين ومصوتين دلالات المشروع المستقبلي فأكيد أنهم سيعطوننا المكتب المديري الذي تستحقه الجامعة اليوم.