لو يأخذكم الفضول لتطلعوا على العدد الذي هو بين أيديكم، رقما وليس مضمونا ولا محتوى، لوجدتم أنه يحمل رقم 3509، وهو بالطبع رقم بدلالات كثيرة، لأنه بعدد التحديات المهنية المحفزة، وبعدد الرهانات الصحفية الملهمة، وبعدد حبات العرق التي تساقطت من الجبين في مطاردة الإنفرادات والحصريات، وفي البقاء بشموخ وثبات في القمة.
إلا أنكم عندما تطالعون تاريخ صدور هذا العدد، الخميس 29 أكتوبر 2020، ستدركون كما نحن، أنه تاريخ استثنائي في مسيرنا الجماعي وفي معيشنا الحميمي من أجل الإنتصار للجودة في صناعة المضمون، وللرقي في تنزيل أدوات العمل الصحفي القائم على الإتزان والنضج.
يذكرنا هذا اليوم بيوم ميلاد "المنتخب" قوسا قزحيا انتشر في سماء الإعلام والرياضة بهذا الوطن المعطاء، وحلما إعلاميا رعته ضمائر صحفية ناعمة، ولم ترعه محافظ منتفخة بالمال والأوهام.
قبل 35 سنة بالتمام والكمال، توكلنا على الله، وربطنا على ضمائرنا وعلى فطنة وذكاء ورقي القارئ المغربي، وأطلقنا مشروع "المنتخب" مجردا من كل الإستنساخات، ومؤسسا على شخصية مهنية متفردة الطبع والشكل والمضمون، وعندما ندرك وإياكم أن ما مضى على يوم 29 أكتوبر 1986، هو 35 سنة بالتمام والكمال، نعتز أيما اعتزاز بمتانة الشراكة وقوة الوشائج وصلابة الثقة التي بنينا عليها مشتركنا الإعلامي الرياضي.
اليوم "المنتخب" ليست مجرد صحيفة ورقية يتلهف القارئ لاستهلاك وجباتها الشهية كل إثنين وخميس، "المنتخب" هي أكبر من ذلك بكثير، إنها مناهل صحفية تجري فيها المادة الصحفية الرصينة، أخبارا وتحاليل وحوارات ومتابعات حصرية، مجرى الدم في العروق، إنها موقع إلكتروني لا ينام، وهي أيضا مراتع فيها تشرق شمس مواقع التواصل الإجتماعي، وهي كوكب يرسل ما هو ميسر لإعلامييها، من ضوء عبر قناة نشيطة على "اليوتوب"، و"المنتخب" هي نبع لا يجف ولا ينضب له معين للإبداع والخلق، ورحلة تجويد المضمون الإعلامي لا تتوقف بما أودعه الله فينا من قدرة على التميز، وبما تظهرونه أنتم قراءنا ومتابعينا من وفاء ومن ثقة لا نستطيع أن نثمنهما، لأنهما في الواقع أكبر من أن يثمنا.
وقد شاءت السنة الخامسة والثلاثون من عمر هذا الصرح الإعلامي الرياضي المعتز بمغربيته وبإفريقيته وعروبته، والمتشرف بأن يكون سفيرا للإبداع المغربي في كل بلاد المعمورة، بأن تكون استثنائية ودالة على المعدن الأصيل ل"المنتخب"، فبينما هدمت جائحة كورونا حصونا وصروحا إعلامية، وبينما تنامى الحديث عن الموت الإكلينيكي للصحافة الورقية، قدمت "المنتخب" الدليل على نبوغها وتفردها في مواجهة الجائحة وفي مقاومة إعاصير الزوال، فأصدرت خلال أربعة أشهر كاملة من زمن الجائحة، أعدادا تبرز قيمتها ومرجعيتها وحرفيتها في إبداع محتوى إعلامي رياضي تحدى صمت القبور الذي ساد الملاعب، وتحدى التعليق الكامل للمنافسات الرياضية.
ونحن ننهي سنتنا 35 بنفس الحماس والرغبة والطموح الذي كنا عليه يوم الميلاد بفضل تجدد الشرايين، نثق مثلكم أن "المنتخب" ولدت شامخة كأشجار السنديان، لتبقى شامخة ما شاء وقدر الله لها ذلك..
بدر الدين الإدريسي