التصدير العسير
ضمور المواهب وغلو المطالب!!

غير الإحتباس لا نجد كلمة تعنون الإستعصاء الملازم لفرقنا المحلية في التسويق لأولادها وللاعبيها أوروبيا..
غير الإحتباس لا نملك تفسيرا لسر التراجع الكبير في تصدير المواهب صوب ضفة غير بعدة عنا، كانت لأمس قريب الرافد الأبرز لالتقاط محارات وذرر البطولة وإعادة صقلها..
وغير الإحتباس الذي كسره استثناء الفتح، لا يمكن إلقاء اللوم سوى على الفرق لعدم اتباع نهج احترافي في فن التسويق كما ينهجه الأهلي المصري وللاعبين تكاسلوا وتقاعسوا ويتباورا في الواقع بدل ملاعب الواقع ؟

ADVERTISEMENTS

قل للزمن إرجع...
لغاية فترة ليست بالبعيدة وتعود لتسعينيات القرن المنصرم، والتي شهدت ذروة التصدير، ظلت البطولة الوطنية ولم تكن يومها تحمل مسمى الإحترافية بعد، تستقطب كشافي وعيون الفرق الأوروبية، ولم يكن الأمر محمولا على المجاملة أو لسواد عيون المنتوج المحلي، بل لكون كل من عبر قبلهم نجحوا بحق في حمل لواء هذا المنتوج وأبلوا البلاء الحسن في التعريف به وتسويقه كما ينبغي.
من دون منافس إلا من مزرعة كوت ديفوار (ميموزا وساليف كيتا المالية) وبينهما مواهب سينغالية، كان المغرب هو أول مصدر للمواهب واللاعبين صوب البطولات الأوروبية، مستندا في ذلك للسمعة الطيبة التي خلفتها أسماء الجيل الثمانيني بقيادة الأسطورة الزاكي بادو وما تركه الثنائي بودربالة والحداوي في الملاعب السويسرية، وبعدها الفرنسية من انطباع محمود وحسن، ثم حسن فاضل وميري كريمو وحسن ناضر وغيرهم.

لا ليست كذبة؟
حين يطالع الجيل الحالي الأرقام الهزيلة التي أصبح ينتقل بها لاعبونا لمختلف البطولات الأوروبية، في ظل الطفرة العالمية التي تشهدها السوق والأرقام الفلكية التي ارتفعت ارتفاعا صاروخيا، نقدم لهم بعضا من اليانات المالية لانتقال بعض من لاعبينا في تسعينيات القرن المنصرم، فبعضهم قد يشكك في الرواية وحين يتأكد منها سيصدم حقا لهول التراجع.
فقبل 26 سنة، إنتقل لاعب قادم من الهواة وصعد من القسم الثاني للأول ليتوج بالبطولة رفقة "الكوديم" إسمه عبد الجليل هدا الملقب بـ "كماتشو" صوب خيخون في الليغا بـ 3 مليار سنتيم ونصف.
في نفس الفترة سافر عبد الإله فهمي صوب ليل بنحو مليار ونصف، وهي ذات القيمة المالية لانتقال رفيق الدرب في تلك الفترة يوسف روسي صوب نادي رين الفرنسي، وعبد الكريم الحضريوي ظهيرا أيسر صوب بنفيكا بمليار سنتيم من الجيش الملكي، دون تجاهل أرقام انتقال عبد الإله صابر الودادي ومعه بدر قادوري وطلال القرقوري، واللائحة طويلة بمبالغ محترمة، تتجاوز ما أصبح يدفع للاعبين اليوم يحملون صفة الدولية من نايف لغاية يميق. 

زاد محدود وغلو مطالب
بطبيعة الحال، الظاهرة لا تعني أن الفرق الأوروبية اتعضت عن الشراء، بل هي استراتيجية، لتغييرها البوصلة ثوب مواهب غانية،  سينغالية وإيفوارية تكلفتها أقل وجودتها أكبر.
غلو مطالب المسير المغربي التي لا يطابقها قيمة الزاد والمنتوج والمواهب، انعكاسها لا يتوقف أثره عند أحد الأندية فحسب، لأن الإمتداد يطال المنتخب الوطني بكل تأكيد ولنا أن نعود بالذاكرة قليلا للخلف ولنستحضر تحديدا جيل مونديال فرنسا 1998 والذي كان كله من لاعبي البطولة الذين انطلقوا صوب أوروبا باستثناء مصطفى حجي، لذلك لا يحاكم تواضع الأسود قاريا إلا بمحاكمة مماثلة لفرق لم تعد قادرة على إنتاج ظهيرين قبل التفكير في تصديرهما للصقل؟

ADVERTISEMENTS

إنفتاح الفتح
حالة الإحتباس التي سنوردها بالأرقام والأسماء في هذا الملف، قوبلت بحالة استثنائية جسدها الفتح الرباطي ولو كانت كل الفرق قد سارت في نفس نهج واتجاه الفتح لربحنا اليوم فيلقا أوروبيا بنشأة وهوية محلية خالصة كما كان الشأن سابقا، دون أن نتحدث عن خريجي أكاديمية محمد السادس حمزة منديل أو يوسف النصيري وبوسفيان وباقي المهاجرين صوب الليغا، لأننا بصدد تقييم هجرة طيور فرق البطولة الإحترافية.
الفتح قدم لنا 4 لاعبين على طبق أوروبي، باختلاف المدارس بين السفر التركي، الفرنسي، البرتغالي والإسباني، ما يعكس أن الفريق له سمعة طيبة في القارة العجوز فعلا.
إنفتاح الفتح يجني ثماره اليوم بتواجد واحد من مواهبه في حضرة رين الأوروبي، وهو نايف أكرد مقابل تراجع قيم التسويق التي اشتهرت بها الأندية الكبيرة وفي مقدمتها الغريمان اللذان خالفا القاعدة وما اشتهرا به سابقا، لذلك هي ظاهرة وإن كان انعكاسها يطال بشكل مباشر فرق البطولة إلا أن التداعيات تتجاوز الإطار لتصل عرين أسود الأطلس.