وضع غريب وتضاريس تغير شكلها وفسيفساؤها على مستوى العوارض التقنية لفرق البطولة، رواج  وحركية غير مسبوقة في تنقلات المدربين وإقالتهم بالقسمين معا.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، لأن امتداده يطال هذه الأسماء والتي ما إن تغادر كرسي هذا الفريق حتى تحال على عطالة مزمنة يستحيل معها استئناف النشاط في ذات القسم والدرجة وكل هذا تحت طائل «قانون المدرب» المحدث الموسم المنصرم.
في الملف التالي ننبش في هذا القانون وتداعياته وكيف انعكس على الخارطة التقنية في البطولة الإحترافية.

- حبل للشنق
عبثا اعتقد المدربون المنتمون للودادية، حتى لا نقول جهاز آخر لأن هذا الإئتلاف هو من شرع هذا القانون وهو من طرح للتصديق عليه داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وكان السند والحيثيات التي ارتكز عليها إسهامه في صيانة حقوق المدربين وحمايتهم من هدر حقوقهم المالية بالتصدي لحكاية التراضي التي طالما سمعناها تتكرر عند كل طلاق بين ناد من الأندية ومدرب ما.
كما بررت الودادية وهي تدافع عن هذا القانون تشريعه، كونه سينهي حالة الهدر التقني وكثرة الإقالات في حق المدربين وسترغم المسؤولين ورؤساء الفرق على مراجعة أنفسهم وحساباتهم عشرات المرات قبل أن يقدموا على خطوة الطلاق خشية تسديد فاتورة المستحقات كاملة، إلا أنه لا هذا ولا ذاك الإقالات أصبحت أكثر والحقوق لم تصن والقانون تحول لسيف مسلط على رقاب المدربين وحبل شنقوا به أنفسهم.

ADVERTISEMENTS

- فيطو الجامعة
بعد تجربة أولى بدت هجينة ولم تحقق مآربها ولا مقاصدها، إنتفض المدربون مطالبين بتعديل بنوده وعلى الأقل ليسمح لكل مدرب بتجربتين في ذات الموسم وفي نفس الدرجة، ليعرضوا ملتمسهم هذا على لقجع إن في اللقاءات التي جمعت كل هذه الأطراف سواء في المعمورة أو الصخيرات أو تقديم مقترحات وطلب رسمي، مثلما حمل إليه مؤخرا وتداوله المكتب المديري لفوزي لقجع في آخر اجتماع له ويرد عليه بالرفض القاطع.
فيطو الجامعة كان واضحا وأبلغ المدربين أن أي تعديل لا بد وأن يكون كليا وداخل الودادية نفسها بتوافق المدربين مع الجهاز الذي يمثلونه وحمل هذا التعديل التوافقي للجامعة لتصادق على إلغائه كما صادقت على تشريعه و تفعيله.
ولينزل هذا الفيطو بمثابة قطع ثلج باردة على المدربين الذين أنهى أغلبهم تجاربه مع بعض الفرق وكان يمني النفس بتعديل فصوله كي يتسنى له امتطاء صهوة فريق آخر من ذات الدرجة.

- مخضرمون خارج السياق
وحتى وإن كان البعض يعتقد أن الأسماء الكبيرة والمقصود بها المخضرمون من ذوي الخبرة سيكونون محصنون إزاء تسونامي الإقالات التي تتحكم فيها نزوات المدربين، إلا أن العكس هو الذي حدث، والدليل أن فاخر والعامري والزاكي وجميعهم تخطى حاجز الستين عاما هم خارج السياق بعدما حركوا «الجوكر» الوحيد المسموح به في تجربة فريدة لا يحق لهم بعدها خوض الثانية.
وكما حدث الموسم المنصرم، فقد أكره العامري على الهجرة صوب الخريطيات القطري بعدما صدت في وجهه أبواب فرق الصفوة وطار الزاكي بعد إقالته من اتحاد طنجة والطوسي معه بعد مغادرته الرجاء صوب الجزائر في حين التحق الصحابي الذي تم منعه من العمل،  لا لشيء سوى لأنه وضع إسمه في سجل مباراة المغرب التطواني في كأس العرش  ليلحق بليبيا رغم دفاعه عن موقفه وحقه في العمل، لذلك كان خيار الهجرة هو الحل لأنهم يستحيل أن يدبوا فرق القسم الثاني لما يسببه الأمر من حرج لرصيدهم التاريخي والتقني.

- الصغار مفلسون
حين نتحدث عن الصغار فالقصد هم المدربون صغار السن أو الذين بالكاد باشروا المهام وانطلقوا في تجاربهم قبل بضع سنوات، واختاروا القسم الثاني محطة انطلاقة بالنسبة لهم.
هؤلاء هم الأكثر تضررا وكيف لا وهم يحالون من القسم الثاني على قسم الهواة استقالوا أم أقيلوا ولا يسمح لهم بالعمل في درجة أعلى.
وغير معقول مثلا أن نعاين مدربا إسمه مصطفى العسري وقد تحول من بطل تاريخي لكأس العرش بتحقيق إنجاز فريد لأبناء الحي المحمدي لعاطل أو أن يقبل على نفسه العودة لدهاليز الهواة؟ وما قيل عنه يقال عن باقي الأسماء التي غادرت منصبها بهذا القسم مثل رضا حكم أو المرشحة كي تقفز من السفينة.

ADVERTISEMENTS

- التراضي هو القاضي
باستثاء بعض المدربين الذين أصروا على التوصل بمستحقاتهم وناصلوا لتفعيل ذلك واجتهدوا بل صمدوا رغم المعيقات والتضييق والحروب والحياحة المسخرون لترهيبهم مثل أمين بنهاشم لما غادر أولمبيك آسفي، رافضا كل سياقات التراضي المعروضة عليه، فإن البقية الباقية قبلت بلعبة التراصي واختارتهم مسلك لأنها مصيرة لا مخيرة: ففي حالة الرفض لا يوجد ما يلزم الرئيس والمسؤول ليسدد لها مستحقاته «كاش»، ولتجد نفسها أمام طابور طويل داخل غرفة النزاعات قد يستغرف معه الأمر لسنوات كي تتوصل بحقها وما بذلته من عرق، وإن نحن قيمنا هذه التجربة على ضوء هذه المعطيات سواء باستمرار نفس التخبط وتغيير المدربين وعدم ضمان حقوقهم،  كما حاول القانون ومن شرعوه توهيم المتتبعين به، فإن التجربة تبدو فاشلة أو لنقل أنها لم تحقق مراميها ولا أهدافها ولا هي بلغت مقاصدها.