أخشى أعداء النجاح أكثر من قرش البحر

بأريحية مطلقة، وبصراحته الكبيرة، استجاب الناخب الوطني الزاكي بادو لدعوة «المنتخب» للرد على أسئلة قرائها وزوار موقعها الإلكتروني، وبادر للرد دون توتر وبلا شعور بالحرج.
الزاكي بادو استضاف «المنتخب» ببيته في آخر أيام الشهر الفضيل على مائدة الإفطار ليحيط المتتبعين لشأن الأسود بالكثير من التفاصيل نترك لكم فرصة اكتشافها على لسان الناخب الوطني في المتابعة التالية:

- على امتداد 10 سنوات وأنا أتابع مسلسل عودتك لتدريب المنتخب الوطني، وبعد تداول لكثير من الشائعات، أريد اليوم وعلى لسانك توضيحا صريحا بخصوص الأسباب التي حالت دون عودتك قبل هذا التاريخ، وحقيقة صراعك مع بعض الأشخاص الذين حاربوا رجوعك للإشراف على المنتخب المغربي؟
الزاكي بادو: بداية دعوني أعبر لكم عن سعادتي الكبيرة والغامرة بحلولي ضيفا على جريدة موقع «المنتخب» لإحاطة قرائها بالإجابات الكافية والصريحة.
بخصوص السؤال فإني أعتبر كل ما حدث معي صفحة مطوية ومنتهية، ولو كنت أملك أدوات الإجابة لأقنعت بها نفسي قبل أي أحد آخر.
للأسف كانت هناك جيوب مقاومة اجتهدت كثيرا لتأخير أو عرقلت عودتي دون أن أكون محيطا بالأسباب التي جعلتها تبدع لأجل هذا، غير أني في لحظة من اللحظات كنت مضطرا للخروج والجهر بحقيقة أني لم أرتكب جريمة من الجرائم كي يصادر حقي في العودة لتدريب منتخب بلادي، بعدما تم الترويج لمغالطات وحكايات من وحي خيالهم ضدي.
- كيف كان شعور الزاكي حين تم إخباره بضرورة إلتحاقه بمقر الجامعة كي يصبح ناخبا وطنيا؟ والسؤال الثاني، هل تلقيت فعلا من لقجع يوم عرضت سيرتك الذاتية وترشيحك للإشراف على الفريق الوطني وعدا بأن تكون أنت المدرب وتكتمت على الخبر؟
الزاكي بادو: سأبدا بالإجالة على الشق الثاني من السؤال، فعلا تم إخباري بقرار التعيين بفترة قبل تقديمي في الندوة الصحفية، أخبرني رئيس الجامعة بقرار تعييني 24 ساعة قبل ندوة التقديم الرسمية، كانت فرحة لا توصف أعدت خلالها شريط الأحداث بسرعة، التكتم على التعيين كان ضروريا بعدما  لذغت مرارا من جحر الغدر.
أعتقد أنها كانت لحظة تاريخية أخرى في مسار حياتي ككل وليس حياتي المهنية كمدرب، شعرت بالإنصاف وعلى أنه مهما طال أمد الظلم، يأتي يوم ينتصر فيه العدل وينال الصابر أجر وثواب صبره.
- إشتغلت قبل 10 سنوات بـ 30 مليون سنتيم وكان بإمكانك بعد كل هذه السنوات والإرتفاع الكبير في أجور المدربين على مستوى العالم أن تطلب راتبا أكبر من 50 مليون سنتيم، لماذا خفضت مطالبك وتعاملت بليونة مع جامعة كانت تدفع لغيرتس أربعة أضعاف ما تتقاضاه؟
الزاكي بادو: قلت عبر منبركم قبل قرار التعيين وفي الوقت الذي كانت الأمور تخضع فيه لمعايير اختيار داخل الجامعة لإعلان إسم الناخب الوطني، على أنني على استعداد كامل للإشتغال بالمجان في هذه المهمة.
لم يكن ترويجا إعلاميا ولا شعبويا من طرف الزاكي، كانت قناعة راسخة أملتها علي قيم الوطنية ورغبتي الكبيرة في صد الطريق أمام أي محاولة استرزاق أو ضرب لمصالح الكرة المغربية من مدرب أجنبي كيفما كان نوعه.
الإغراءات المالية لا تمثل بالنسبة لي شيئا أمام تحدي كبير أعلنته وهو أني على استعداد مطلق لأن أخدم بلدي بتفان وحتى بالتضحية إن اقتضى مني الأمر ذلك.
- بعد أقل من شهر من تعيينك إصطدمت مع عادل تاعرابت وهذا أول مشكل يعترض طريقك، نريد منك حقيقة الخلاف والأخبار المتضاربة بخصوص هذا الموضوع؟ هل ستسمح له بالعودة إن قدم اعتذاره أو تراجع عن مواقفه؟
الزاكي بادو: ولو أني أقسمت أن أضع نقطة نهاية لهذا الموضوع وأن لا أعود للحديث عنه أبدا، إلا أني مضطر للإجابة والتوضيح.
أوضح أولا أني لم أصطدم مع تاعرابت بكوني لم ألتقه أبدا ولم أحدثه، تاعرابت حكاية منتهية بالنسبة لي، لقد استهلك الموضوع بما يكفي وأجد من القبح استمرار هذا الكتاب، كل واحد يتحمل مسؤولية تصرفاته والكرة بملعبه وهو من عليه إيجاد الحل.
- منذ وصولك لتدريب المنتخب وأنت تقدم لنا تصريحات متفائلة تتحدث عن إمكانية الفوز بالكأس القارية التي ستقام بالمغرب، الآن وبعدما تعرفت على كثير من الأشياء داخل محيط المنتخب، هل ما زلت تحمل نفس الشعور والنبرة المتفائلة؟
الزاكي بادو: بدوري أملك جوابا لهذا السؤال بل ولشرح حقيقة التفاؤل الذي يجعلني أنظر للكان وللرهانات القادمة على أنها في المتناول وأكثر من متاحة.
الأرضية التي أنطلق منها في إبراز تفاؤلي هي الثقة بالنفس أولا، المادة الخام ثانيا، الجمهور المغربي ثالثا واللوجيستيك وأدوات الإشتغال التي نملكها وما تضعه الجامعة رهن إشارتنا من مقومات للنجاح رابعا.
حين تتوفر على كل هذه المعطيات مجتمعة ويكون لك  منتخب تنقصه القليل من الروتوشات فقط ليصبح أكثر نضجا وصلابة، فهنا لا يسعك إلا أن تبشر المغاربة بأن الفوز بالكان ليس ضربا من الخيال ولا هو مستحيل.
- خضت 3 مباريات ودية بعد تعيينك مباشرة وخلالها ظهر المنتخب المغربي بشكل متباين، وتابعنا نرفزتك أمام أنغولا تحديدا، ماذا استفدت من هذه المواجهات، وهل توصلت لمحدودية الفريق الوطني وعلى أنه غير قادر على المنافسة على الألقاب؟
الزاكي بادو: سأربط إجابتي على  هذا السؤال بالسؤال الذي سبقه، ويمكن أن أصدم صاحب الإستفسار وغيرهم ممن لن يقبلوا بهذا التقسيم الذي سأضعه أمامهم وهو كوننا نتوفر على خامات مهارية رائعة ولاعبين أفضل مما هو متوفر لأحسن 5 منتخبات إفريقية، معسكر البرتغال كشف لي حقائق كثيرة ومن يحاكمنا تقنيا فقد ظلمنا لأن ما ربحته لا يقدر بثمن.
ما ربحته بمعسكر البرتغال لم يكن الفوز على الموزمبيق أو الخسارة من أنغولا، لقد ربحت عودة روح الجماعة للفريق وربحت تواصلا قويا مع عناصر كان يتطلب مني لمعرفة أفكارهم شهورا فوجدتهم أمامي مباشرة.
من يحاكم نتائج معسكر البرتغال والخسارة من منتخب جاهز للعب بالمونديال من حجم روسيا، أكيد له منظوره الخاص به.
أشكر العناصر الوطنية على روح الإيثار والتضحية وعلى تحملها الدخول الفعلي لمعسكر صيفي بعد مسار ماراطوني وشاق في بطولاتها بكل الإرهاق المترتب عنه.
- ما حقيقة تعيين الطاقم الذي يشتغل معك حاليا؟ هل فعلا تم فرضه عليك وعلى أنك اكتفيت فقط باختيار المعد البدني العمراني الذي تربطك به علاقة طيبة لأننا نعلم أن علاقتك بباقي الأسماء محدودة؟
الزاكي بادو: ترويج مغلوط أو لنقل أنه يستند لتحليل مبني على غاية التشويش وزعزعة الإستقرار والتوازن وليس مهما الحديث عنه بهذه الطريقة الآن، ومع ذلك سأوضح إن كان هذا كافيا، لقد كانت هناك اقتراحات واستشارة من الجامعة حظيت بقبولي لبعض الأفراد في حين أنا من سمى الطاقم وكوادره الأساسية.
الطاقم التقني لم يفرض علي، شيبا كان ضمن مشروع قديم بالنسبة لي، وحجي بروفايل يلائمني كثيرا، تمت استشارتي في فوهامي فرحبت بالإختيار، أما العمراني فعلاقتي به يعلمها الجميع.
أتمنى أن لا تمتد رياح التشويش لتعكر صفو علاقتي بالطاقم التقني الذي أعتقد أنه أكثر نضجا ويجيد التعامل مع كل التأويلات المغلوطة.
- تحدثت الصحافة بشكل مستفيض عن خلاف قوي بينك وبين بودربالة وأنا من أبناء الوداد وأعرف حقيقة هذه الخلافات وحقيقة علاقتك ببودربالة، لماذا قبلت عودته للعمل معك ونحن نعلم الطريقة التي انتهت به علاقتك به في الفترة السابقة؟
الزاكي بادو: دعوني أوضح لهذا القارئ والسائل مسألة بغاية الأهمية ويجب أن تنهي كل هذه المغالطات ومنها دقة التعابير، وهنا أصحح على أني لم أصطدم مع بودربالة كما لم أصطدم مع تاعرابت.
الحكاية وما فيها هو كون من يحب كثيرا يعاتب بقوة وهذا أمر معروف، أشياء كثيرة ربطتني ببودربالة على امتداد تاريخنا المشترك لاعبين ومؤطرين، وبالتالي حين تكون هناك بعض الخلافات على مستوى وجهات النظر تظهر حدة رد الفعل.
الأمور عادت لنصابها وكل واحد سيشتغل في إطار اختصاصه باحترافية ومدرك لدوره، والأمور التقنية الخالصة بطبيعة الحال هي من اختصاصي.
- تتحدث كثيرا عن الصرامة والإنضباط، أليس بمقدور الزاكي تغيير طابع التعامل لأن المنتخب ليس ثكنة عسكرية؟ وسؤالي ألا تتخوف من انقلاب اللاعبين المحترفين عليك.
سمعنا عن بعض الإنفلاتات التي حدثت في روسيا وعن خروج لاعبين ليلا دون استشارتك؟ 
الزاكي بادو: إختلاط الأوصاف على البعض هو ما يجعلهم يخلطون بين الإحترافية والصرامة وبعضهم يسميها ديكتاتورية.
طبعي معروف ولم يتغير وسيظل كذلك لأنه مبدأ وليس سلوكا اصطناعيا، هكذا تربيت وعشت لاعبا ومدربا وهو من وصفات النجاح التي ينبغي المواظبة عليها.
حكاية تمرد لاعبين بروسيا وخروجهم ليلا كذبة، إستشارني بعضهم لتناول وجبة حلال خارج الفندق فأخبرتهم أن طلباتهم ستنفذ وستصل إلى غرفهم، أثق في المجموعة ووفاؤها ليس محل شك.
حين أشعر للحظة واحدة على أني بدأت أقدم بعض التنازلات عما عهده الجمهور المغربي في شخص الزاكي،  أنذاك سأعلم أن المقود ضاع مني وعلى أني خدعت كل الذين آمنوا بفلسفتي في العمل ودعموها.
- تحدث رئيس الجامعة يوم تعيينك عن العقد والأهداف المسطرة فيه، وتكلم عن بلوغ المباراة النهائية للكان من أجل استمرارك في مهامك.
لماذا قبلت بهذا الشرط في وقت تعاقدت الجامعة مع مدربين أجانب ولم تلزمهم بهذه الشروط القاسية؟
الزاكي بادو: لا توجد الكثير من الخيارات كما لا يقبل المنطق والظروف الحالية بأن نتحدث عن سقف أهداف أقل مما أشار إليه رئيس الجامعة وأقل من بلوغ المباراة النهائية لكأس إفريقيا للأمم.
لا يمكن لأحد مثلا أن يخرج لإقناع المتتبع لشان الفريق الوطني بأن دورنا في الكأس القارية القادمة ينبغي أن يكون أقل من هذا.
نعم قبلت بشروط العقد على الرغم من صرامتها و كثرة المطبات الموجودة به، ثقتي العالية بالنفس هي سر تفاؤلي الكبير، لو شعرت بذرة شك فيما يمكن أن أنجزه لما قبلت هذا التحدي.
كي أستمر لغاية 2018 قلت لك علي تجاوز الكثير من حقول الألغام الموضوعة في الطريق ومع ذلك لا أبالي بكل هذا الضغط وسأناقش مرحلة بمرحلة.
لست مسؤولا ولا معنيا بالكشف عن الأمور التي تحكمت في مفاوضة الجامعات السابقة للمدربين الذين تعاقدت معهم ولا الشروط التي فرضتها، أنا هنا لرفع التحدي واللعبة تفرض علي الذهاب لأبعد مدى ممكن لكسبه إرضاء للجماهير المغربية.
- سلمت المهدي بنعطية شارة العميد في ظل غياب مروان الشماخ، ماذا لو عاد الشماخ ألا يستحق هذا اللاعب الشارة لأنه أكثر خبرة والأقدم ولكونه بمشوار إحترافي أفضل من بنعطية؟
الزاكي بادو: أتمنى صادقا أن ينتهي الحديث عن كل هذه السجالات الضيقة التي تشجع على التوتر ولا تساعد على خدمة المجموعة في شيء وتضر أكثر مما تنفع.
بنعطية هو القائد والعميد الرسمي للفريق الوطني، هذه مسألة محسومة لمعطيات أتحفظ عليها، قيمة الأدوار الفردية لا تهم أمام رهان جماعي يهمنا جميعا وهو ربح الكان الثاني للمغرب.
- كنت واحدا من أعظم حراس المرمى على مستوى العالم، واليوم نجد أنه من العيب أن لا يكون للفريق الوطني حارس بنفس مستواك.
لماذا استبعدت الحارس أمسيف بعد مباراة أنغولا، شخصيا أرى أنه الأكثر استحقاقا للعب للمنتخب بعد المستويات الطيبة التي أظهرها وأنا أتابعه هنا بألمانيا؟
الزاكي بادو: قلت مرارا أني أختلف مع هذا الطرح ولا أعتقد أنه من المنطقي الإستمرار في نفس التخوف بخصوص مرمى الفريق الوطني.
تعايشت مع هذا الوضع في تجربتي الأولى وبالتدريج قللنا هامش التخوف وكان لنا أفضل جدار دفاعي بالقارة الإفريقية، وجربت على امتداد ثلاث سنوات 6 حراس أظهروا ردة فعل طيبة.
الآن أملك تصورا لما سيكون عليه وضع مرمى الأسود ولن تخرج الإختيارات عن الأسماء التي كانت معنا بالبرتغال، كما أن لمياغري ما يزال حاضرا.
بخصوص أمسيف لا أختلف مع السائل وهذا الحارس له مهارات عالية وما كان ينقصه أمام أنغولا هو ردة الفعل والبديهية التي تكسب مع المباريات.
أمسيف سيكون حاضرا معنا بالكان وهذا لا شك فيه والترخيص له كان لمنحه فرصة مناقشة عرض إحترافي حسمه في نهاية المطاف وأنا مسرور لذلك.
- هل ستواصل توجيه الدعوة للاعبي الرجاء الذين انتقلوا للعب بالخليج وأتحدث عن الراقي ومتولي وكلنا يعلم تأثر اللاعبين بالممارسة بهذه البطولات وكذلك عامل السن الذي لا يساعدهم كثيرا؟
الزاكي بادو: بخصوص الراقي ومتولي فقد كانا من بين العناصر التي مثلت بالنسبة لي نواة موسعة على مستوى القاعدة.
تغيير وجهتهما يعني بطبيعة الحال تغيير المتابعة، في الفترة القادمة ستكون مقاربة  توجيه الدعوات خاضعة لنظام خاص يحصرها في 23 لاعبا، والأداء هو المتحكم في عملية الإختيار دائما.
- بعد قضائك لكل هذه الفترة، هل من الممكن أن ننتظر خلال المباريات الودية القادمة منح الفرصة للاعبين لم ينالوا حظهم وأتحدث هنا عن عميد المنتخب الأولمبي ادريس فتوحي، مستور، الحدادي، زياش، الحربي الجدياوي ونبيل باهوي؟
الزاكي بادو: من غير المعقول بتاتا ونحن نقبل على المرحلة القادمة بكل ما تقتضيه من حرص على عدم وجود أي هامش للخطأ أن نواصل التجريب والإختبار.
لا المجال يتسع لهذا ولا الرهان القادم يسمح، ومع ذلك الباب سيظل مفتوحا أمام موهبة من المواهب الكبيرة، لكن بشرط أن تكون موهبة قوية استثنائية قادرة على تقديم الإضافة المرجوة.

ADVERTISEMENTS

مونتاج : منعم بلمقدم ـ عدسة: عبد القادر بلمكي