المنتخب: وكالات
لم يكن اكثر المتفائلين من جمهور نابولي يتوقع بان يتواجد الفريق الجنوبي في صدارة البطولة الايطالية بقيادة مدرب امضى مسيرته وهو يشرف على الهواة قبل ان يشق طريقه الى بطولة الاضواء الموسم الماضي بصحبة امبولي.
لكن ماوريتسيو ساري فرض نفسه بقوة في موسمه الثاني بين الكبار بعد ان جعل من نابولي فريقا جذابا يتميز باسلوبه الهجومي (26 هدفا في 14 مباراة) وادائه الممتع الذي خوله التواجد على صدارة الدوري للمرة الاولى منذ 29 ابريل 1990 حين توج بلقبه الاخير وكان ذلك بقيادة اسطورة النادي الارجنتيني دييغو مارادونا.
والمفارقة ان مارادونا نفسه كان انتقد ادارة النادي الجنوبي على تعاقدها مع المدرب البالغ من العمر 56 عاما, قائلا قبيل انطلاق الموسم: "انه ليس الرجل المناسب لنابولي. لن نفوز بأي شيء معه".
وجاء رد ساري في ارضية الملعب والارقام اذ حافظ نابولي على سجله الخالي من الهزائم في مبارياته ال16 الاخيرة في جميع المسابقات حيث حقق 14 انتصارا وتعادلين وسجل 38 هدفا فيما تلقت شباكه 4 اهداف فقط.
وكان فوز الامس على انتر ميلان 2-1 مفتاح صعود نابولي الى الصدارة على حساب "نيراتزوري", معززا مكانته كفريق منافس بشكل جدي على اللقب.
اضطر مارادونا الى التقدم باعتذاره الى ساري الذي اسكت المشككين بقدراته واكد ان افتقاده الى خبرة اللعب, كونه امتهن التدريب دون ان يمارس اللعبة, بمواجهة مدربين اخرين تألقوا كلاعبين, لم يقلل من شأنه او يحد من قدرته على التعامل مع مجريات المباريات.
وقد اثبت ساري علو كعبه وعدم تأثره بافتقاده الى شعور اللعب على اعلى المستويات من خلال تفوقه على مدربين كانوا في السابق نجوما كبار مثل روبرتو مانشيني (انتر ميلان) وستيفانو بيولي (لاتسيو) او البرتغالي باولو سوزا (فيورنتينا).
من المؤكد ان ساري لم يسلك مسارا تقليديا مشابها لمسار اي من مدربي بطولة الاضواء, فهو اشرف طيلة مسيرته على فرق هواة ابتداء من 1990 (العام الذي توج به نابولي بلقبه الاخير في البطولة) مع ستيا ثم فايييزي, كافريليا, انتيلا, فالديما, تيغوليتو, سانسوفينو, وذلك بموازاة عمله في مصرف "مونتي دي باتشي".
وكانت افضل فترات مسيرته التدريبية في التسعينات قيادته سانسوفينو الى دوري الدرجة الرابعة ثم وصل الى الدرجة الثالثة مع سانغيوفانيسي في اوائل الالفية الجديدة ما دفع نادي الدرجة الثانية بيسكارا الى التعاقد معه عام 2005 وهو الامر الذي دفعه الى ترك وظيفته في المصرف.
- سجائر, طائرات دون طيار وملابس رياضية
وانتظر ساري حتى الموسم الماضي ليختبر شعور التدريب في دوري الاضواء بعدما صعد بامبولي الى "سيري B", وبعد اقل من عام ونصف يجد المدرب الذي يحب قراءة كتب الروائيين الاميركيين -تشارلز بوكوفسكي وجون فانتي, نفسه متربعا مع نابولي على الصدارة فيما يقبع فريق مثل جوفنتوس المتوج باللقب في الموسم الاربعة الاخيرة ووصيف بطل عصبة ابطال اوروبا في المركز الخامس بفارق 7 نقاط عن غريمه الجنوبي.
لكن تواجد نابولي في الصدارة لم يدفع ساري الى الحلم باللقب منذ الان بل اكد هذا المدرب انه واقعي من خلال القول بعد الفوز على انتر في مباراة عانى خلالها فريقه في دقائقها الاخيرة: "غدا, لن نفكر باللقب. سيتعرض اللاعبون للتوبيخ بسبب الدقائق العشرين الاخيرة من المباراة. تبقى هناك 72 نقطة (على انتهاء الموسم). مع 31 نقطة (رصيد الفريق حاليا) نحن لسنا ضامنين حتى لاستمرارنا في الدرجة الاولى. انا لست حالما فلدي مهنة اخرى".
يمارس ساري مهنته باللباس الرياضي وبعيدا عن الاناقة التي تميز مدربي البطولة الايطالية, وذلك نابع من شغفه الذي يقوده في بعض الاحيان الى اجبار لاعبيه ولساعات طويلة على محاولة ابتكار طرق جديدة في تنفيذ الركلات الثابتة وهو يتفرج عليهم دون ان تفارقه السيجارة.
ولم يكتف ساري في ابتكار طرق جديدة في تنفيذ الكرات الثابتة بل انه يستخدم طائرة من دون طيار مزودة بكاميرا او ما يعرف ب`"درون" من اجل مراقبة تمركز لاعبيه خلال التمارين.
ما هو مؤكد ان ساري المولود في نابولي بالذات لاب كان يعمل كمشغل رافعة, بدأ يشق طريقه بقوة الى قلوب اهل المدينة العاشقة لكرة القدم وابرز دليل على ذلك ان تمثالا على شاكلته اصبح يباع حاليا في الاسواق القديمة الشهيرة للمدينة الى جانب تمثال الاسطورة مارادونا.