إذا لم أقنِع بالكان فلي الأعذار وباب الأسود لن أغلقه مهما حدث

أهدافي الأخيرة بالكالشيو أحيتني بعدما كنت في سجن داخل نابولي
بنعطية أحد أفضل مدافعي العالم وقراراته ليس إعتباطية

هو أفضل محترف مغربي حاليا بالبطولة الإيطالية بالإحصائيات والأرقام، والأسد الذي إستعاد الثقة والروح وشرع في الزئير منذ أسابيع بعدما خرج من قفص التهميش واللامبالاة الذي سجنه لعام ونصف.
من مدينة إمبولي الصغيرة النائمة على دراع فلورانسا تحدث عمر القادوري لـ «المنتخب» بكل صدق ورحابة صدر عن أسرار رجوعه القوي في ساحة الكالشيو، وأسباب غيابه الأخير عن الفريق الوطني وتجربته السيئة مع نابولي وعدة مواضيع مثيرة.
- المنتخب: عدت بقوة في الساحة الإيطالية مؤخرا وأصبحت من بين أفضل اللاعبين، وخير دليل صناعتك لهدفين في آخر لقاء ضد ميلان وتحقيق الفوز بقلب سان سيرو، ما أسباب هذا الرجوع الموفق؟
القادوري: الحمد لله أنا بصدد إستعادة مستواي السابق، أدائي الأخير ضد ميلان وصناعة هدفين خطوة ضمن خطوات إسترجاع إمكانياتي التي عُرفت بها سابقا، إنتقالي إلى إمبولي في يناير الماضي هو ما منحني الثقة وشحنني بالرغبة للتأكيد أنني لم أمت بعد، قضيت سنة ونصف فوق صفيح المعاناة والتهميش بنابولي ولم يكن سهلا إستعادة ما فقدته هناك طيلة هذه المدة، أنا في خضم مرحلة الرجوع إلى مستواي الذي كنت عليه مع طورينو قبل مواسم، وأشكر كثيرا مسؤولي ومكونات إمبولي لأنهم وفروا لي كل الظروف لأعود قويا وأرجع إلى سابق توهجي.
- المنتخب: ما الذي وجدته في إمبولي وكنت تفتقده بنابولي؟
القادوري: أول شيء التنافسية، لم أكن ألعب بنابولي ولم أكن أحظى بالتعامل المناسب، كانوا يعطونني وعودا كاذبة بأنني سأنال فرصتي وسألعب لكن لا شيء من ذلك حدث طيلة سنة ونصف، شعرت بالحزن والضيق هناك خصوصا مع المدرب والمسؤولين، أما الزملاء والجمهور فقد كانت علاقتي معهم وما زالت جيدة ووطيدة، وعكس ذلك فإمبولي وضع الثقة بي منذ الوهلة الأولى ومنحني مكانتي الرسمية دون إنتظار، زودني بتيّار الإرتياح والحب والصدق وهذا أمر في بالغ الأهمية بالنسبة للاعب، لأن المحيط والأجواء تؤثر كثيرا على المعنويات وتكون سببا مباشرا في النجاح أو الفشل.

ADVERTISEMENTS


- المنتخب: هذا يعني أنك تحكم على تجربتك مع نابولي بالفشل وأن الخطوة كانت خاطئة؟
القادوري: لم أفشل ولم تكن خطوة خاطئة، هم من أفشلوني ولم يعطوني الفرصة لأنجح، مستواي لم ينزل والدليل ما كنت أبرهن عليه وأقدمه خلال الدقائق القليلة التي شاركت فيها كبديل مع الفريق سواء بالكالشيو أو الأوروليغ، لم يسبق قط وأن دخلت في التشكيلة الرسمية في البطولة لأسباب مجهولة، تحليت بالصبر وقبلت طلب الإدارة بالبقاء مع الفريق خلال الصيف الماضي رغم العروض، أوهموني أن موسمي الثاني سيكون أفضل من الأول لكن لا شيء من ذلك حدث، ضجرت لحد اليأس من وضعيتي والطريقة التي كانوا يعاملونني بها وكأني غير موجود، قطعوا حبل تواصلي مع الملاعب والتألق والأهداف دون أن يعرفوا من أكون، تجربتي مع نابولي تبقى مفيدة في الحياة وعلى الصعيد الشخصي، ومفيدة أيضا من الناحية الكروية، حيث تعلمت الكثير وعرفت معدن بعض الناس والمسيرين والمدربين.
- المنتخب: كيف جاء إختيار إمبولي علما أنك كنت قريبا جدا من الإنتقال إلى طرابزون سبور التركي؟
القادوري: عندما لا تلعب ينساك الجمهور، ولهذا قررت بشكل لا تراجع فيه مع وكيل أعمالي مينو رايولا مغادرة نابولي للأسباب السالفة، كان علي الإختيار بين بعض العروض من داخل وخارج إيطاليا، فكرت كثيرا في الوجهة الأمثل وخصوصا عدم تكرار سيناريو نابولي والإقدام على خطوة خاطئة، أنا في سن 26 ولا أريد أن أنتهي مبكرا، إتفقت في البداية مع طرابزون سبور وقدمت موافقتي الأولية دون أن أوقع على عقد قانوني، قبل أن أتراجع وأختار فريقا آخر وهذا من حقي، لم أخن الأتراك كما يقولون وإمضائي كان على ورقة بيضاء، حرصت في النهاية على مصلحتي الشخصية وآثرت البقاء في الكالشيو; حيث كان إمبولي ملحا للتعاقد معي.
- المنتخب: هل أنت مرتاح مع إمبولي وكيف تقيم أشهرك الأولى معه؟
القادوري: سعيد جدا وفي غاية الإرتياح، وقعت عقدا لمدة 4 سنوات ونصف بعدما رأيت حفاوة الإستقبال والإنتظارات الكبيرة التي خصتني بها الإدارة والمدرب والأصدقاء، شعرت أيضا بدفء خاص وتشجيع ومساندة من الجماهير، كل هذه العوامل أثرت في نفسيتي وزادتني عزيمة وطموحا لأرد الجميل إليهم وأشكرهم على الثقة، من حسن حظي أنني وجدت هذه الظروف المناسبة للتألق والرجوع إلى مستواي، كما أنه من سوء حظي أن إلتحاقي بإمبولي إصطدم ببرنامج معقد كان يحمل للفريق سلسلة من المباريات الصعبة ضد أشرس وأقوى الأندية الإيطالية، للأسف تعرضنا لعدة هزائم وانزلقنا للمراتب السفلى وأصبحنا مهددين بالنزول للدرجة الثانية، لكن مؤخرا وجدنا طريق النجدة وتنفسنا الصعداء، والفوز في الديربي على فيرونتينا ثم إسقاط ميلان بمعقله أعطانا شحنة معنوية كبيرة لمواصلة الكفاح والقتالية من أجل التشبت بمكانتنا مع الكبار.
- المنتخب: على ذكر فيورنتينا، سجلت هدفا ضده وهو الثالث لك في ظرف وجيز، كيف هو شعورك وأنت تعود لهز الشباك تماما كما كنت تفعل مع طورينو وقبله بريشيا؟
القادوري: أشعر بالنشوة والحلاوة والمتعة، فأجمل شيء في كرة القدم هم الأهداف، والتسجيل في مباريات قمم له طعم فريد، وقعت هدفا في الديربي ضد فيورنتينا وفزنا وهذا أسعد الأنصار وإرتقى بنا نحو الأعلى، كما تمكنت أيضا من التسجيل ضد نابولي وبعده أمام بيسكارا وذلك في ظرف لم يتجاوز شهرا.
- المنتخب: هل كان لهدفك على فريق الأمس نابولي تأثير خاص في نفسيتك؟
القادوري: هدفي على نابولي كان الأول لي بعد صيام بلغ سنة كاملة، ومن الصدف أنه جاء ضد أصدقائي وفريق الأمس، كانت فرحة وإنتفاضة وإستعادة الثقة أكثر منه إنتقام أو رد دين، لأنني كنت أفضّل عدم التسجيل وربح اللقاء، لكن للأسف خسرنا المباراة ولم نكن نستحق ذلك، وقد تلقيت التهاني على الهدف من طرف بعض اللاعبين بنابولي الذين تربطني بهم علاقة جيدة ونتواصل دائما رغم بعد المسافة والفراق.
- المنتخب: من لعب الأدوار الطلائعية والمنافسة على الألقاب المحلية والأوروبية إلى الصراع لتفادي الهبوط، هل ترى مستقبلك مع إمبولي المحدود والذي لن يشفي غليلك للسمو والبحث عن التتويجات؟
القادوري: كل همي وتفكيري حاليا منصب حول إستعادتي لكامل مؤهلاتي ومستواي ولا أفكر في شيء آخر، بعد كل ما عشت سابقا لم أعد أرغب سوى في التنافسية واللعب كرسمي وتسجيل الأهداف وصناعتها، أنا مدين لإمبولي بالكثير لأنه وثق بي وتعاقد معي وسحبني من مستنقع العطالة الكروية والشرود الذهني، ولهذا لا يمكنني أن أنكر الجميل أو أعض اليد التي إمتدت لي، سأواصل حمل قميصه لموسم آخر ومساعدته وخدمته بكل سخاء وتفانٍ، وبعدها سنرى ما قد يأتي به المستقبل حسب الظروف والسياق.
- المنتخب: لنغادر إمبولي والكالشيو ونحط الرحال بالمغرب، لماذا تغيب عن الفريق الوطني منذ آخر ظهور لك معه في كأس أمم إفريقيا بالغابون؟
القادوري: (بإبتسامة مزيفة)، لا أعرف مثلك، ولا يمكن أن أجيب على سؤال يندرج ضمن إختصاصات الناخب الوطني، تلقيت خبر سقوطي من اللائحة بإستغراب ولا أعلم الأسباب، لكنني لاعب محترف وأتقبل جميع القرارات وأحترمها، وسأبقى رهن الإشارة متى أرادوني، فباب الأسود لن أغلقه مهما حدث.
- المنتخب: ألا ترى أنه شيء مثير للتعجب والإستفهام أن تكون لاعبا أساسيا مع الأسود وأنت عاطل وفاقد للتنافسية مع نابولي، وتغيب في خضم التوهج والتألق والتهديف في ساحات الكالشيو؟
القادوري: أستغرب للأمر أيضا، لا أفهم الوضع ولا أعرف إن كان نابعا من قناعات رياضية أم لا، وعليكم أن تسألوا الناخب هيرفي رونار، لماذا إستدعاني وأنا عاطل ولا ألعب في نابولي، وبعد رجوعي القوي للتباري بالأداء والأهداف يتجاهلني ولا يريدني، علما أنه لم يكن يرغب في حضوري بالكان منذ البداية ودعوته لي جاءت إضطرارية ومتأخرة لتعويض لاعبين مصابين، ولن أخفيك أنني تألمت كثيرا وأحزنني كيف تم التشطيب على إسمي في اللائحة الأولى ثم إعادته في لحظة طوارئ فقط، لكن عموما هي أشياء تقع وهذه كرة القدم وعلينا تقبل جميع السيناريوهات والقرارات والمواقف، ومن أجل الوطن وبفضل حبه نتحمل بعض الآلام.


- المنتخب: يشاع أن رونار غير راض عن أدائك بالغابون ويعيب عليك سوء لياقتك وضعف إنضباطك التكتيكي..
القادوري: رونار كان يعرف أنني لم أكن ألعب بنابولي وبالتالي فقد كان يعلم أن لياقتي البدنية غير مكتملة، أما المسائل التكتيكية فهي نظرته وقناعاته، لست لاعبا عاقا ولا من أولئك الذين يثيرون المشاكل ويخرجون عن النص داخل أو خارج الميدان، بطبعي إنسان هادئ ورزين ومنضبط وأنصت للأوامر وأحاول تنفيذها بكل دقة وإخلاص، خضت مبارتين كرسمي في الكان من أصل أربع، وقدمت مردودا قد لا يكون مقنعا أو جيدا، ولي الأعذار لأنني ذهبت للغابون وأنا لست في قمة مستواي ولياقتي.
- المنتخب: الآن بعد مرور قرابة 3 أشهر على نهاية الكان، كيف تقيم حصيلة الأسود بالبطولة وما هي نظرتك لقادم الإستحقاقات؟
القادوري: لقد كانت أول بطولة قارية لي وحملت الكثير من الدروس واللحظات السعيدة والحزينة، الحصيلة الإجمالية جيدة عموما لأننا حققنا ما لم يكن يراهن عليه أحد وتجاوزنا عتبة الدور الاول بعد إستعصاء طويل، أقنعنا الجميع بالطريقة والأداء والحظ والنجاعة خانوا المجموعة في اللحظات الحاسمة، لو تحلينا بالقليل من الفعالية لكان سيناريو آخر وإنجاز عظيم، كان 2017 تجربة مفيدة جدا ستخدمنا وستقوي مناعتنا لمواجهة قادم الإستحقاقات بروح أقوى وعزيمة أكبر ونتائج أفضل، وكباقي المغاربة أحلم بالتأهل إلى كأس العالم بروسيا العام المقبل، وإن أرادني الناخب الوطني سأجيب بالحضور وأعطي كل ما لدي كالعادة لأخدم بلدي، وفي حال لم يعتمد علي سأكون أول المشجعين وسأدعم زملائي من بعيد، لأننا نملك جيلا موهوبا وفريقا عائليا منسجما يستحق أن يكون في الريادة.
- المنتخب: هذا الفريق العائلي الذي تتحدث عليه فقد رب أسرته مؤخرا ويتعلق الأمر بالإعتزال المؤقت للعميد المهدي بنعطية، كيف تلقيت النبأ وبما تعلق عليه؟
القادوري: المهدي صديقي وزميلي وأحد أفضل المدافعين عالميا، هو إنسان ناضج ومحترف ومنضبط ويعرف ما يفعل، إن كان قد قرر الإبتعاد مؤقتا عن العرين فهذا له أسباب درسها الرجل بعناية، قرارات بنعطية ليست إعتباطية وأرى أنه قام بهذه الخطوة لأنها في مصلحته ومصلحة الفريق الوطني الذي سيفتقده كثيرا، هو أدرى بوضعه وقدرته على تقديم الإضافة من عدمها، سيبقى عميدنا ومؤطرنا وقائدنا، علينا أن نحترم قراره وعدم تضخيم الأمور لأنه ليس الأول أو الأخير الذي يقوم بمثل هذه الخطوات.
- المنتخب: أي رهانات لعمر على الأمد القريب والمتوسط؟
القادوري: أولا إستعادة كامل المؤهلات البدنية والتقنية والمساهمة في بقاء إمبولي في الكالشيو، ثم مواصلة التطور والتمسك بالرسمية والتأثير بكل فعالية، وبعدها تأتي دراسة المستقبل المتوسط بمخططات أخرى، كما أنني سأبقى رهن إشارة الأسود واللعب لبلدي وصنع ربيع جديد أسعد للجمهور والكرة المغربية.