بعد مهزلة الإسكندرية والهزيمة التاريخية يوم الجمعة الماضي، تنتظر الجماهير الودادية والمغربية بعد غد السبت رد فعل العناصر الودادية، التي لم تنهزم أمام الزمالك، لكنها من هزمت نفسها بنفسها بكل تلك الأخطاء البدائية والساذجة وغياب الروح والقتالية داخل رقعة الميدان، فلم نتابع فريق الوداد الذي عرفناه طيلة مشواره منذ انطلاق الإقصائيات الإفريقية في المباراة الأولى أمام جمارك النيجر، فإذا كانت القراءة التكتيكية للمدرب طوشاك واختياراته البشرية هي التي رمت بالفريق الأحمر في هذا المستنقع، فإن العجوز الويلزي قد رحل ،وباتت المسؤولية على عاتق اللاعبين للإنتصار لكرامتهم، فالوداد خسر المعركة الأولى بالإسكندرية، لكن هناك شوط ثان بالرباط لحسم هذه الحرب الكروية، وكما نعلم فليس هناك مستحيل في كرة القدم، وعلى الجميع أن يؤمن بحظوظه في التأهل لآخر دقيقة من عمر المباراة، وهذا الأمل هو الذي سيعطي الثقة للعناصر الودادية لتؤكد للجميع بأن سقطة الإسكندرية هي كبوة جواد في منتصف الطريق.
فهل يفعلها الفرسان ويحققوا ما كان يبدو مستحيلا؟

سقوط مفاجئ
مباراة الذهاب بالإسكندرية أصبحت جزءا من الماضي، ولا يمكن إعادتها، لكنها تركت علاماتها وآثارها، والتاريخ سيذكرنا بها في كل لحظة،خاصة حينما يكون الموعد مع المباريات التي تجمع الكرتين المغربية والمصرية، حيث نعود دائما للتذكير بالأرقام والإحصائيات ونتائج المباريات السابقة، وسيتذكر الجميع بأن هذا الجيل من اللاعبين الموهوبين بقيادة مدرب عالمي من طينة طوشاك سمحوا لأنفسهم بهذا السقوط الغريب والمفاجئ أمام فريق الزمالك الذي عبر بصعوبة للدور نصف النهائي في مجموعة ضمت ثلاثة فرق فقط، الفريق المصري سجل فقط ثلاثة أهداف في دور المجموعتين لكنه انتفض وسجل رباعية نظيفة في المرمى الودادي الذي يمكن اعتباره أحد أفضل خطوط الدفاع طيلة هذا المشوار الإقصائي باحتساب عدد المباريات التي لعبها الفريق الأحمر، ومن هنا يتأكد بأن النتيجة المسجلة بالإسكندرية لم تكن متوقعة للطرفين، وهي مجرد حادثة سير، ويمكن اعتبارها من مفاجآت كرة القدم.

حسابات أخرى
من حق الزمالك أن يفرح برباعية الذهاب، كما من حقه أن يبحث عن لقب قاري جديد بعد أن غاب عن بوديوم عصبة الأبطال الإفريقية منذ سنة 2002، فهو يستحق الفوز بهذه النتيجة التي لم يكن ينتظرها، لأنه تعامل بذكاء مع المباراة واستغل أخطاء لاعبي الوداد وأغلب الفرص التي أتيحت لمهاجميه، كما أنه دافع بشراسة على نظافة شباكه، وهذا هو الهدف الذي لعب من أجله قبل انطلاق المباراة تحسبا للشوط الثاني بمركب مولاي عبد الله بالرباط بعد غد الجمعة، وبعد أن حقق كل الأهداف التي كان يسعى لها، فإنه سيأتي للمغرب من أجل تأكيد هذه النتيجة، وهو على علم تام بأنه سيجد أمامه فريقا مختلفا تماما عن ذلك الشبح الذي واجهه في الإسكندرية، وهذا يعني بأن هناك حسابات أخرى، والزمالك الذي يجيد سلاح المرتدات الخاطفة، وبالرغم من الثقة التي منحتها له الرباعية فإنه سيأتي للدفاع واستخدام سلاح المباغثة لتأمين عبوره للدور النهائي.

ADVERTISEMENTS

الذهاب رجح كفة الزمالك لكن..
قبل مباراة الذهاب بالإسكندرية كانت الأرقام ترجح كفة الوداد البيضاوي الذي تفوق في المباريات الإقصائية، لكن الهزيمة برباعية نظيفة خدمت مصالح الأبيض المصري الذي قطع شوطا مهما نحو العبور للمباراة النهائية، باعتبار صعوبة المهمة التي باتت تنتظر فرسان الوداد في المجمع الأميري بالرباط، وبعد أن كانت أغلب الترشيحات تصب في مصلحة الوداد للعبور نحو النهائي قبل مباراة الذهاب، إنقلبت الآية وأصبح الزمالك المرشح الأوفر للمنافسة على لقب الأميرة الإفريقية، لكن الأكيد أن الفريق الأحمر لن يستسلم، خاصة بعد أن طوى مرحلة تقنية بقيادة المدرب الويلزي طوشاك التي تميزت بالكثير من المد والجزر على مستوى النتائج، ودخل مرحلة جديدة قد يحصل فيها الدكليك على مستوى الأداء وكذا النتائج.

التغيير قد يكون الدكليك
هذا التغيير قد يكون في مصلحة الوداد البيضاوي، باعتبار أن التغيير في مثل هذه المراحل غالبا ما يحدث الدكليك ويحرر اللاعبين من العديد من الضغوطات التي كانت تحول دون ترجمة كل إمكانياتهم ومؤهلاتهم داخل رقعة الميدان، فليس المدرب وحده المسؤول عن تلك الهزيمة القاسية بالإسكندرية، بل اللاعبون بدورهم يتحملون جزءا من هذه المسؤولية، وهم مطالبون بالإعتذار للجماهير الودادية التي وثقت فيهم، بل إنها تنقلت للديار المصرية من أجل الدعم والمساندة، لكنها عادت تجر أذيال الخيبة، وأفضل اعتذار يمكن أن يقدمه اللاعبون لهذه الجماهير الوفية والغيورة، الثأر لهذه الهزيمة والإنتصار للكرامة ولكبريائهم وكذا لتاريخ وداد الأمة الذي لا يقبل بالذل والإنكسار.

سلاح الهجوم
لم يعد من خيار أمام الفرسان يوم غد الأربعاء سوى الإنتصار لكرامتهم وكبريائهم، وأيضا لتاريخ وداد الأمة، وهذا لا يتأتى بالكلام ولا بالأماني وإنما بالبذل والعطاء داخل رقعة الميدان، وبالأداء الهجومي الراقي واستثمار الفرص المتاحة وترجمتها لأهداف، فكرة القدم غالبا ما تنصف المجد والمجتهد، صحيح أنها لا تخضع للمنطق، لكن يبقى للمجتهد نصيب كذلك، فالوداد لم يعد لديه ما يخسره بعد الرباعية، وبات مطالبا بالإكتساح الهجومي والضغط على مرمى الزمالك منذ بداية المباراة لنهايتها، فكما نجح الفريق المصري في تسجيل رباعية في الذهاب، فبإمكان العناصر الودادية فعل نفس الشيء في الإياب، فالفريق الأحمر يتوفر على العديد من الطاقات الإبداعية في خط الهجوم إن تم استغلالها ومطابقتها مع إمكانياتها فبإمكانها قلب الطاولة على الفريق المصري، فلا مجال للحذر في هذه المباراة، بل إن الشعار الأوحد هو الهجوم وتسجيل الأهداف.

الجماهير لم تستسلم وستكون في الموعد
الجماهير الودادية اكتوت بالرباعية، وغضبت أشد الغضب، لأنها كانت واثقة في قدرة فريقها على تجاوز عقبة الزمالك باعتبار الفارق في الإمكانيات البشرية، والكثير من الوداديين لم يكملوا مشاهدة المباراة لعدم الإقتناع بالأداء وكذا النتيجة، وهذه الجماهير أحست بأنها خذلت من طرف اللاعبين وكذا المدرب، لكن بعد أسبوع من مباراة الذهاب يبدو أن جرح الهزيمة قد اندمل، وكما تفرح للفوز فإنك تتقبل الهزيمة مهما كانت قساوتها، وحاليا لم يعد المجال يسمح بالمحاسبة على مباراة ونتيجة أصبحت في طي الماضي، بل يجب التفكير في المستقبل وفي كيفية تدارك هذه الخسارة، وكما عهدنا فإن الجماهير الودادية لن تتخلى عن فريقها في مثل هذه المواقف الصعبة، بل إنها ستكون إلى جانبه وستحضر بكثافة لملء كل جنبات مركب مولاي عبد الله وستكون الحناجر كلها وراء اللاعبين لتحفيزهم على البذل والعطاء لآخر دقيقة من عمر المباراة، والأمل ما زال قائما لبلوغ النهائي والمنافسة على اللقب، ونحن على يقين بأن الجماهير الودادية ستكون المعادلة الصعبة في هذه القمة.