أثار قرار تفعيل الإدارة التقنية الوطنية بفرض «كوطة 10» مباريات دولية أساسيا للتعاقد مع اللاعبين الأجانب، ردود فعل قوية ومتباينة، أجمع أغلبها على أنه قرار متسرع، فيه نوع من المغالاة والتضييق على فرق بعينها لحساب أخرى محظوظة.
تقنيون ورؤساء فرق، رأوا في تنزيل القرار وبسرعة دون وضعه في سياق التناظر والتقييم إلحاق الضرر بالبطولة وخنق الحضور الأجنبي بالبطولة والقضاء على فرص اللعب المتكافئ والنظيف.
في المتابعة التالية نعرض أمامكم بالتدقيق والتمحيص أبرز تجليات القرار وإنعكاساته على الممارسة الأجنبية ببطولتنا الإحترافية واستحضار لرواد أجانب عبروا منها وأطربوا، فعمت الفائدة دون أن تكون لهم صفة الدولية؟

قرار أحدث هزة إرتدادية
بخلاف ما يعتقده البعض كون الجامعة إستفاقت ذات يوم، هي أو العصبة الإحترافية بوصفها الجهاز المخول له تتبع شأن البطولة الإحترافية، وقررت إعمال الكوطة لتفرضها فرضا على الأندية.
الأمر ليس كذلك فالكوطة من بنات أفكار وتجليات إشتغال الإدارة التقنية بعرابها ناصر لاركيط والذي كان هو صاحب الفكرة وبل والمطالب بتنزيلها السريع عبر مذكرة توصلت بها الفرق و وذهلت للسرعة القصوى وحتى مقاربة التفعيل دون تدرج على مستوى التطبيق.
القرار أحدث والفرق تتهيأ للتعاقدات، بل منها من فاوض لاعبين ووكلاء أعمالهم منذ الموسم المنصرم، هزة إرتدادية عنيفة خلخلت الحسابات وفرضت على هذه الفرق إعادة النظر في كثير من الصفقات وهي التي خططت وفق موارد محدودة وتوصلت لإتفاق مع لاعبين لتعيد الإعتذار لهم وتخبرهم أنهم غير مؤهلين للعب بالبطولة، تماشيا مع الدستور الكروي الجديد المعلن من الإدارة التقنية والفارض لشروط رآها البعض تعجيزية مقابل الترخيص بالدخول.

الكوطة مبالغ فيها
إستقرأنا ونحن نغوص في الموضوع أراء فئة واسعة من الإداريين بوصفهم هم من يشفع والمقصود بطبيعة الحال رؤساء الفرق، وثانيا التقنيون كونهم هم المعنيون بنوعية اللاعب المطلوب وتوافق الجميع على أنهم مع تحسين جودة الممارسة والأداء وحتى نسل اللاعب المطلوب للبطولة، لكن ليس وفق منظور الكوطة لأنه توجد آليات أخرى لتطبيق ذلك، منها عمق المتابعة، الرصد، التحري، متابعة أداء وسيرة اللاعب الأجنبي.
الإجماع حدث بشأن التعجيز المفروض والمغالاة على مستوى إعتماد 10 مباريات دولية، ودون تمييز بين بطولة بلدان رائدة تحتل مراتب متقدمة في تصنيف الكرة قاريا وحتى دوليا وهنا كان لا بد مثلا من إعتماد تصنيف مختلف يحدد 3 مباريات للاعبي الكامرون وكوت ديفوار وغانا والسينغال مثلا و 6 للاعبي مالي وغينيا وأكثر من 10 للرأس الأخضر وزيمبابوي وكينيا وغيرها..،كل هذا على سبيل المثال لا الحصر للتفاوت سيزلن الكرة في هاته البلدان، لا أن تساوي الكوطة بين الكامرون وجزر القمر.

ADVERTISEMENTS

الكبار يستفيدون والبقية تستجدي
في ظل تفعيل القرار وتنزيله سنكون أمام حالة ظاهرة لاحت بوادرها خلال المركاطو الحالي، وهي ركود التعاقد مع الأجانب بدليل حالة الإستعصاء المرافقة لفريق الرجاء البيضاوي الذي يعتبر من قادة الكرة بالبطولة لضم لاعب أجنبي أو إفريقي بمواصفات إشترطتها الإدارة التقنية.
وحتى لو إنتعشت سوق الإنتقالات سنكون لاحقا أمام حالة إحتكار سيفرضها الأغنياء والفرق المحظوظة بالدعم المالي على حساب الفرق الصاعدة والفقيرة والتي تدبر شأنها اليومي بالتقسيط والتي لن تكون قادرة على الدخول في المنافسة للتعاقد مع لاعب أجنبي دولي كبير بكل الشروط المالية الباهظة التي يطلبها التعاقد معه.
كما أن الواقع الذي لا يرتفع والذي على المسؤولين تصديقه والتجاوب معه كون لاعب إفريقي دولي ينتمي لبلد راد قاريا وبكوطة كبيرة من المباريات الدولية لن يقبل بالإحتراف ببطولتنا على حساب بلدان خليجية أو أوروبية لا تفرض هذا الشرط الغريب؟

فال وكوياطي الرد المبين
الرد على مبدأ الكوطة ومدى الفائدة التي ممكن أن تحملها للكرة المغربية والبطولة الإحترافية بشكل عام، يرد عليه اللاعبان بوبكار كوياطي المنتقل من الكوكب  المراكشي للشبونة البرتغالي وفي صفقة قياسية ستمثل حلا للكوكب وخلاصها له من أزمته المالية الحانقة، للاعب إستقدمه الفريق مغمورا هاويا ومع الكوكب لمع فكان التسويق الإيجابي الذي إستفاد منه اللاعب والكوكب على حد سواء.
ولو تم إعتماد هذا المعيار قبلا لما حضر كوياطي للكوكب، ولما رحل للبرتغال ولما غنم الفريق من ورائه كل العائد المالي الذي دخل خزائنه.
الحالة الثانية يجسدها السينغالي مرتضى فال رفقة الوداد وهو لاعب يمارس بالمغرب منذ أكثر من 10 سنوات وسيكون من غير اللائق أن تلفظه البطولة بعد كل هذه السنوات لا لشيء سوى لأن حظه العاثر لم يقده يوما لعرين أسود طيرانغا في وقت يجمع فيه التقنيون أنه أفضل مدافع بالبطولة.

جواز جمركي يصادر الإنفتاح
هذه حقيقة الكوطة، هي بمثابة جواز جمركي صارم لو جرى تطبيقه على الرغم من الإعتراضات المعلنة وعلى الرغم من النداءات المتواصلة، فبكل تأكيد قد نجد أنفسنا نمارس دون إنفتاح على باقي اللاعبين والهويات الإفريقية الأخرى إلا فيما نذر من حالات.
قبل هذا تم تفعيل قرار مصادرة إستيراد الحراس الأجانب ولم يتحسن أداء حراسنا فلا الجامعة الحالية ألغت القرار   ولا من أقام دراسة جدوى لنجاعة القرار لمعرفة مدى ملاءمته للواقع الحالي.
لذلك لا ينبغي أن يتكرر نفس الخطأ، لأن تحسين جودة الوافدين من جنوب الصحراء لا يرتبط بكوطة ولا غيرها، بل يرتبط باشتغال الفرق على مستوى العمق، والتعامل مع التعاقدات عن طريق كشافين ومناديب من أهل الإختصاص، وإن كان لا بد من إعمال الكوطة فليكن بالتدريج والإنطلاق من عدد معقول من المباريات قبل بلوغ سقف 10 مباريات وبتوزيع متباين بين البلدان الإفريقية تطابقا مع قيمتها في الساحة.
لكل هذا وذاك وجب التعامل بمرونة مع مثل هذه القرارات، حتى لا ندمن دائنا الخروج المائل من الخيمة لأنه ما استقامت ممارسة ولا حقق بلد إرتقاء كرويا إلا بإعمال الكيل العادل في القرارات وضمان قواعد اللعب المتكافئ والنظيف؟؟