لا أحد يجادل في أنه مع اعتزال الأسطورة هشام الكروج الذي أحرز لألعاب القوى الوطنية آخر ميداليتها الذهبية أولمبيا في دورة أثنينا 2004، ومع انطفاء الجيل الذهبي الذي واكب الأسطورة هشام، شعرنا جميعا بأن هناك فترة فراغ قاتلة تتربص بألعاب القوى الوطنية، فترة فراغ لا يمكن إعتبارها بمثابة إستراحة للبطل، ولكن يجب أن نقر بأنها نتاج لأخطاء ارتكبت على المستويات الإستراتيجية، فقد أطلنا الكلام والحديث عن فيروس المنشطات الذي اخترق ألعاب القوى الوطنية بتوجيه من مافيا أجنبية، وبالغنا في القول على أننا نفذنا بالعمل إلى العمق من أجل إعادة بناء القاعدة، ولكننا في واقع الأمر كنا نتستر على كثير من الأخطاء على مستوى الإدارة التقنية لألعاب القوى الوطنية.
لا نجادل في أن كل الدول تمر بمراحل إنتقالية، ولكن هناك باستمرار جهد يبدل من أجل أن لا تتأثر الرياضة من حيث الإنجازات بهذه المراحل الإنتقالية، والحال أن ألعاب القوى المغربية ظهرت في أولمبياد ريو دي جانيرو وقبله في أولمبياد لندن بقوى خائرة للغاية لا تقوى على المنافسة عالميا.
صحيح أن ألعاب القوى واصلت الصعود بالرياضة الوطنية إلى البوديوم الأولمبي بإحراز عبد العاطي إكدير برونزية 1500م خلال أولمبياد لندن، إلا أن المؤشرات كلها كانت تقول بأن ألعاب القوى ستخرج خالية الوفاض من أولمبياد ريو دي جانيرو برغم أن آمالا قليلة كانت تعلق على العداء عبد العاطي إكدير بحكم أن مسافة 1500م العالمية إفتقدت إلى قائد وبطل وأسطورة منذ اعتزال الرائع هشام الكروج.
إن خيبة ألعاب القوى الوطنية لا تتمثل في عدم حصولها على أي ميدالية منذ دورة لوس انجليس 1984 تاريخ حصولنا على أول ميداليتين ذهبيتين، ولكن تتمثل أكثر في أن العدائين والعداءات الذين مكنتهم أرقامهم من المشاركة في الألعاب الأولمبية أقصوا بشكل شبه جماعي من الأدوار الأولى، بل إن ألعاب القوى المغربية ستسجل غيابا مستفزا للغاية عن سباقات كانت تحضرها وتصل إلى أدوارها النهائية، بل وتنافس على ميدالياتها، وباستثناء العداء الشاب سفيان البقالي الذي حل رابعا في نهائي 3000م موانع وكان قريبا من الميدالية البرونزية، والعداء الشاب مصطفى اسماعيلي الذي خرج من دور النصف نهائي لمسافة 800م، فإن غالبية العدائين الذين حضروا دورة ريو أكدوا على أنهم أبعد ما يكونون عن المستويات العالية، بل إن بينهم عدائين وعداءات يشاركون للمرة الثانية أو الثالثة في الألعاب الأولمبية ليؤكدوا أن هامش تطور أرقامهم الشخصية صغير جدا، ولا يسمح أبدا بالمراهنة عليهم في المستقبل، ما يستوجب العمل من أجل خلق البدائل.