قبل عدة سنوات، كانت البطولات الكبرى كافية لتخبرنا كل شيء عن أفضل اللاعبين في العالم. قبل أن نعرف النقل التلفزيوني للبطولات الأوروبية وقبل النمو الهائل للإنترنت، كنا ننتظر بطولات كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية مرة كل سنتين لنحكم وخلال أربعة أسابيع على أداء اللاعبين.
ولو كان بول بوجبا لاعب كرة قدم في سبعينات القرن الماضي لكان الأداء الذي قدمه في بطولة اليورو الأخيرة كافيًا لتخريب سمعته حيث يتساءل الكثيرون إن كان بوجبا صاحب مستوى كبير حقًا كما يدعي متابعوه مع يوفنتوس، أما جماهير مانشستر يونايتد فبدت قلقة من اختياريات الإدارة الفنية للنادي برئاسة جوزيه مورينيو بعد اهتمامها بالتعاقد مع اللاعب.
لكن من تابع بوجبا على المستوى الأوروبي منذ انضمامه ليوفنتوس عام 2012 يعرف أن الفرنسي صاحب الـ 19 عامًا في ذلك الوقت نجح وخلال وقتٍ قصير في اختراق خط وسط يوفنتوس غير القابل للمس ليُصبح أحد أفضل اللاعبين في العالم.
ولعب بوجبا دورًا كبيرًا في فوز يوفنتوس بأربعة ألقاب اسكوديتو واستعادة السيدة العجوز لهيبتها في القارة الأوروبية قبل أن يُصبح أحد أكثر الأسماء تداولًا في أخبار سوق الانتقالات والمرشح لكسر الرقم القياسي كأغلى لاعب في العالم.
بوجبا لم يحصل على المركز الأساسي في تشكيلة يوفنتوس عن طريق الصدفة، فقد أظهر الفرنسي الشاب أنه يتمتع بجودة غير قابلة للنقاش بينما فضّل السير أليكس فيرجسون الاعتماد على الظهير الأيمن رافاييل في لقاء بلاكبيرن في ديسمبر 2011 عندما احتاج لاعب خط وسط متجاهلًا بوجبا وقال بعدها إن اللاعب ووكيل أعماله مينو رايولا تعمّدا كسر العلاقة والخروج من أولد ترافورد.
وتدرج بوجبا في سنواته الأولى في مختلف الفئات السنية مع مانشستر يونايتد والمنتخب الفرنسي وكان يميل دائمًا إلى التغيير عندما تصبح الأمور أكثر سهولة بالنسبة له لكن في الآونة الأخيرة خرج الكثير من النُقاد بحجج غير واقعية للانتقاص من حجم موهبة بوجبا.
ويُبرر ماسيمليانو أليجري مدرب يوفنتوس تدني مستوى بوجبا في بداية موسم 2015/16 بعد رحيل عدد من النجوم عن الفريق الأول "لقد تحمل الكثير من المسؤولية التي يصعب على ابن الـ 22 عامًا التعامل معها، لا أحد يطلب من بوجبا تسجيل ثلاثة أهداف في مباراة واحدة أو أن يحسم نتيجة مباراة بمفرده، نحن نريد منه فقط أن يلعب كما اعتاد اللعب وألا يكون متوترًا وأن يقوم بالأخطاء التي يقوم بها أي لاعب في مثل سنه، هذا سهل جدًا".
ومع اهتمام مانشستر يونايتد بإعادة ضم بوجبا وتأكيد اهتمام ريال مدريد بالتعاقد معه، بدأ العالم بمتابعة صاحب الـ 120 مليون يورو عن قرب في بطولة لم يكن حتى فشل المنتخب الفرنسي فيها ليؤثر على لاعب خط الوسط.
ومع المستويات السيئة التي ظهر بها صاحب الـ 23 عامًا، بدأت الكثير من علامات الاستفهام بالظهور من رموز كرة القدم مثل جاري لينيكر "لا يُسجل كثيرًا، لا يصنع الكثير من الفرص وليس جيدًا في الدفاع" وهاري ريدناب "إن كان عليّ الاختيار بين بوجبا وديلي آلي سأختار ديلي آلي" متجاهلين حقيقة أن اللاعب شارك في مركز غير مُفضل له وتحت ضغوطٍ كثيرة في بطولة تستضيفها بلاده.
تمامًا كما ظهر آلي أو هاري كين دون المستوى مع المنتخب الإنجليزي، إلا أن ذلك لا يعني شيئًا بعد ما أثبتاه في البريميرليج، تمامًا كما أن الاعتراف بإنجاز ليستر سيتي وفوزهم بلقب البريميرليج لا يجب أن يقل أبدًا عن إنجاز البرتغال وفوزها بأول لقب كبير، لا يُمكن التقليل من قيمة بوجبا كأحد أبرز نجوم اللعبة.
في سن الـ 23، هو أحد أفضل المواهب في العالم وما زال بإمكانه التطور أكثر، وربما سيسمح له انتقاله من يوفنتوس بإظهار المزيد من موهبته، فهذا ما تضمنه التحديات الجديدة.
وكما كان يوفنتوس واسع الأفق في التعامل مع بوجبا على عكس السير أليكس فيرجسون فإن على المهتمين بشراء هذه الموهبة ألا يحكموا عليها بأداء أربعة أسابيع فقط وتجاهل ما أظهرته طوال السنوات الأربع الماضية.
غول