بعد حوالي اسبوع على "معركة" مرسيليا التي وضعت جمهوري روسيا وانكلترا في مواجهة بعضهما وبعد سلسلة من الاحداث التي عكرت صفو كأس اوروبا 2016 وتسببت بايقاف مباراة كرواتيا وتشيكيا، خرج جمهور ايسلندا الصغيرة ليتخذ موقفه المسالم بتفضيل العناق على اعمال الشغب.
ويستمتع الايسلنديون بمشاركة بلادهم في اول نهائيات في تاريخها ان كان على الصعيد القاري او العالمي، وهم قالوا لوكالة فرانس برس من مرسيليا انهم جاءوا الى فرنسا للشعور بانهم جزء من القارة الاوروبية بحسب ما تؤكد لويز راغنارسدوتير من المدينة الساحلية الجنوبية.
وتقول المحاسبة البالغة من العمر 28 عاما والقادمة من ريكيافيك: "انا اتابع البطولة على شاشة التلفزة طيلة حياتي، والان نحن جزء من الحفل الاوروبي!".
وسافر حوالي 27 الف مشجع ايسلندي الى فرنسا، اي ما يقارب 10 بالمئة من سكان هذا البلد السكندينافي الذي يبلغ عدد سكانه 330 الف نسمة فقط، ما يجعله اصغر بلد من حيث التعداد السكاني في تاريخ نهائيات كأس اوروبا.
وتابعت راغنارسدوتير: "نعيش في جزيرة بعيدة، السفر بحد ذاته يعتبر تجربة بالنسبة لنا".
وبعد التعادل مع المجر (1-1) السبت في الجولة الثانية من منافسات المجموعة السادسة، تجمع الجمهور الايسلندي في منطقة الميناء القديم في مرسيليا من اجل الغناء "بوم-بوم-هو!" وهي "اغنية الفايكينغ الخاصة بنا، انها منسقة ومخيفة" بحسب ارني غاردار الذي يعمل كمستشار في تكنولوجيا المعلومات، مضيفا: "لكننا لا نقصد بان نكون مخيفين".
وواصل "نحن من الفايكينغ الجيدين ولسنا من النهابين. في الواقع نحن لطفاء جدا وجئنا بسلام".
- افضل جمهور على الاطلاق -
واعتبر كريم الذي يملك احد المقاهي في مرسيليا ان الايسلنديين "هم الطف جمهور رأيناه حتى الان. المشهد كان مختلفا الاسبوع الماضي" في اشارة منه الى الاشتباكات التي حصلت بين الجمهورين الروسي والانكليزي والتي اعتبرها الجمهور الايسلندي تجربة حياة بحد ذاتها بحسب ما قاله اتلي غودموندسون لوكالة فرانس برس.
واضاف: "نحن بلد مسالم، لا نملك اي جيش او اسلحة، نحن ببساطة غير معنيين بالصراعات. في الوطن، العائلات تذهب الى مباريات كرة القدم ولا احد يفكر حتى بامكانية التسبب بالمشاكل".
وكان الرجل البالغ من العمر 29 عاما حاضرا في الملعب خلال مباراة كرواتيا وتشيكيا التي توقفت في الدقيقة 86 بعدما رمى قسم من جمهور الاولى بالمفرقعات النارية الى ارضية الملعب ثم دخل جزء من الجمهور في عراك من جزء اخر.
وتحدث غودموندسون عن هذه التجربة قائلا: "مشاعل في الملعب، قتال في المدرجات. هذا النوع من الامور جديد علينا، ورؤيته شكل صدمة بالنسبة لنا".
اما صديقه دانييل ماسون فقال: "كل ما نريده هو معانقة الناس، ما اعنيه ان نتشارك الحب وحسب".
وتواجد 20 الف مشجع مجري في مباراة السبت ضد ايسلندا وبعضهم دخل في مشادات مع حراس الامن قبل المباراة كما رموا بالمفرقعات الى ارضية الملعب خلال المباراة.
وتحدثت اليزابيت ثوريسدوتير لفرانس برس عن هذه التجربة قائلة: "كل التوتر كان في الجهة المقابلة من الملعب. كان المجريون عدائيين بعض الشيء لكنهم شغوفون جدا. لم نواجه اي مشكلة معهم او مع احد اخر".
واحتضنت مدرجات "ستاد فيلودروم" حوالي 10 الاف مشجع ايسلندي ما جعل اجواء المباراة حماسية وجميلة جدا وكان من الممكن ان تكون الامور مثالية بالنسبة للسكندينافيين لو نجح منتخب بلادهم في المحافظة على تقدمه واضافة نتيجة رائعة اخرى الى سجله بعد التعادل مع كريستيانو رونالدو ورفاقه في المنتخب البرتغالي (1-1) خلال الجولة الاولى.
لكن النيران الصديقة قضت على حلم الفوز التاريخي بعدما حول بيركير سافارسون الكرة في مرماه عن طريق الخطأ قبل دقيقتين على نهاية المباراة.
وبالنسبة للمشجع بيارني ماك يوهانتسون فان "التعادل مع البرتغال 1-1 كان بمثابة الفوز لكن التعادل مع المجر 1-1 كان بمثابة الخسارة بالنسبة لنا".
لكن بالنسبة لبلد كان مصنفا في المركز 131 عالميا قبل اربعة اعوام، فان التواجد في كأس اوروبا يعتبر انجازا كبيرا والجمهور سيستمتع به بغض النظر عن النتائج لكن الفرحة ستكون اكبر دون شك في حال نجح بتخطي النمسا الاربعاء على "ستاد دو فرانس" لان ذلك سيضعه في الدور ثمن النهائي.