بعد ان واجه مدرب انكلترا غاريث ساوثغيت صيحات الاستهجان قبل التوجه إلى ألمانيا لخوض نهائيات كأس أوروبا 2024 والانتقادات التي رافقت مباريات دور المجموعات لفريقه، نجح في قيادة منتخب "الأسود الثلاثة" إلى المباراة النهائية للمرة الثانية تواليا .
ما تحقق يعتبر إنجازا لأنها المرة الأولى التي يبلغ فيها منتخب إنكلترا النهائي في إحدى المسابقات الكبرى خارج أرضه بعد ان توج باللقب الكبير الوحيد عندما استضاف كأس العالم عام 1966، في حين خسر نهائي النسخة الاخيرة من البطولة القارية صيف عام 2021 بسقوطه على ملعبه في ويمبلي امام ايطاليا بضربات الترجيح.
إنقلبت الانتقادات وصيحات الاستهجان إلى الإشادة بخيارات المدرب الجريئة في بعض الأحيان ولخصت صحيفة "ذي غارديان" هذا التبدل في المزاج بقولها "تعرض للإهانة والانتقادات لكن إنكلترا بقيادة ساوثغيت بلغت النهائي"، مشيرة الى أن خوض نهائي جديد، بعد ثلاث سنوات من الفشل أمام إيطاليا بضربات الترجيح، "تقدم استثنائي في تاريخ إنكلترا".
قد لا يملك ساوثغيت كاريزما ألف رامسي، مدرب "الأسود الثلاثة" الذي فاز بكأس العالم 1966 على أرضه، لكنه نجح في تثبيت الفريق في أعلى مستويات كرة القدم، حيث وصل في غضون ثماني سنوات إلى ربع النهائي مونديال 2022، وقبله نصف نهائي مونديال 2018 بالاضافة الى بلوغه المباراة النهائية مرتين متتاليتين في كأس اوروبا.
قبل تسلمه منصبه، خاضت انكلترا مباراة نهائية واحدة عندما توجت باللقب العالمي وشاركت بعده في 23 مسابقة كبيرة (كأس العالم وكأس اوروبا) من دون ان تنجح في بلوغ مباراة القمة.
تمكن المدرب البالغ من العمر 53 عاما والذي يتمتع بخبرة محدودة، من إعادة بناء أسس متينة عندما تم تعيينه عام 2016 عقب فشل الفريق في كأس أوروبا تحت قيادة المدرب روي هودسون ومن بعده ولفترة وجيزة سام ألاردايس.
وقال ساوثغيت بعد الفوز على هولندا 2-1 في نصف النهائي الاربعاء "أعتقد أننا قدمنا لمشجعينا بعضا من أفضل الأمسيات في آخر 50 عاما، وأنا فخور جدا بذلك".
وعن الانتقادات التي تعرض لها ولاعبيه خلال المراحل الاولى من المسابقة قال "نحن جميعا نريد أن نكون محبوبين، أليس كذلك؟ عندما تفعل شيئا من أجل بلدك وتفخر بكونك إنكليزيا، فمن الصعب ألا تكون محبوبا وأن تتلقى كل الانتقادات. أن تكون قادرا على الاحتفال بالنهائي الثاني هو أمر رائع للغاية، أمر مميز".
المباراة الودية الأخيرة استعدادا للنهائيات القارية والتي خسرها أمام إيسلندا على ملعب ويمبلي، انتهت وسط صافرات الاستهجان، الموجهة بشكل رئيسي إلى مدرب غير قادر حسب رأي الجمهور على الاستفادة من المواهب الكبيرة لدى لاعبيه.
وفي ألمانيا، تضاعفت الانتقادات، لا سيما من قبل النجوم السابقين للمنتخب الذين يعملون معلقين في مختلف الشبكات المحلية، حتى ان الجمهور لم يتردد برمي المقذوفات باتجاه اللاعبين خلال دور المجموعات نظرا لضعف المستوى.
طالب الجمهور باستبدال هداف والمنتخب هاري كين ونجم ريال مدريد جود بيلينغهام لعدم ظهورهما بمستواهما المعهود، لكن المدرب أصر على بقائهما على أرضية الملعب ضد سلوفاكيا في ثمن النهائي عندما كان فريقه متخلفا 0-1 حتى الوقت بدل الضائع.
ونجح بيلينغهام في ادراك التعادل بضربة مقصية رائعة في الثواني الاخيرة، فارضا خوض التمديد قبل ان يسجل كين هدف الفوز في الدقيقة الأولى من الشوط الإضافي الأول.
أجرى تعديلا بسيطا بإشراك كونور غالاغر بدلا من ترنت ألكسندر أرنولد في المباراة الثالثة من دور المجموعات لكن الأمور لم تتغير الى أن زج بلاعب مانشستر يونايتد الشاب كوبي ماينو.
كان هذا القرار في محله لأن ماينو فرض نفسه في التشكيلة الاساسية وكان أحد نجوم المباراة ضد هولندا.
كانت تبديلاته موفقة في الأدوار الإقصائية من خلال إشراكه المهاجم إيفان توني الذي سدد ضربة ترجيح ناجحة في مرمى سويسرا، ثم لعب ورقة رابحة بشخص المهاجم الآخر أولي واتكينز الذي سجل هدف الفوز في مرمى هولندا في الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي.
وبعدما كان أشد منتقديه، أشاد مهاجم إنكلترا السابق ألن شيرر بالمدرب بعد الفوز على هولندا بقوله "كنت اتساءل متى سيقوم باجراء تبديلات على التشكيلة خلال المباراة، وبالفعل كانت جميع التبديلات صائبة ومثالية".
يدرك ساوثغيت أن التاريخ سيسلط الضوء على سجله الفارغ من اي لقب وليس على النقلة النوعية التي حققها على رأس الجهاز التقني، ومن هنا أهمية ان تتوج إنكلترا باللقب عندما تواجه إسبانيا في النهائي المقرر على ملعب برلين الأحد لكي يخرج المنتخب الانكليزي من النفق ويرى النور بقيادته.
إضافة تعليق جديد