يكشف الحاج نور الدين البويحياوي أحد نجوم المنتخب الوطني في كأس العالم 1986 بالمكسيك، وأحد صناع ملحمة العبور للدور الثاني في هذا الحدث العالمي بأن الوفد المغربي توجه إلى مكسيكو ولا أحد كان يراهن على النتائج الباهرة التي حققها الأسود، مؤكدا بأن جيل 86 شكل الإستثناء عندما أسعد العالم العربي وإفريقيا.
وأوضح نجم النادي القنيطري في ثمانينيات القرن الماضي بأن المنتخب الوطني آنذاك، وقبل السفر للمشاركة في في المونديال خاض 8 مباريات إعدادية، وخسر في 7 منها، وتعادل في واحدة، وهو ما جعل المغاربة لا يتوقعون شيئا من المنتخب الذي قاده المدرب الراحل المهدي فاريا.
بوصفك كنت العميد الثاني للمنتخب الوطني بعد الزاكي بادو، ماذا مثل لك لعب المونديال أمام عباقرة الكرة في ذلك الوقت يتقدمهم الأسطورة ماردونا؟
البويحياوي: هناك قولة شهيرة كان قد قالها ملك الكرة البرازيلي بيلي حول سؤال حول أهم إنجاز يمكن أن يصل له أي لاعب فكانت إجابته هي أن يشارك في كأس العالم، لأن اللعب فيه هي قمة المتعة الكروية، لأن كأس العالم تجمع أنجح وأشهر وأرقى اللاعبين في العالم هو ملتقى النجوم بامتياز الذين يتواجدون في السوق الكروية العالمية، لذلك على كل لاعب أن يجتهد ليشارك في كأس العالم التي أسميها المتعة والرفاهية في كرة القدم، بالنسبة لي التواجد مع المنتخب الوطني في كأس العالم بالمكسيك 1986 كان حلما جميلا تحقق في مسيرتي الكروية.
من منطلق دورك كمدافع أوقعته القرعة مع عمالقة كبار أمثال غاري لينكر من أنجلترا وبونياك من بولونيا وباولو فوتري من البرتغال ألم تتخوف من مواجهة كل هذه الأسماء؟
البويحياوي: حقيقة هؤلاء اللاعبين كنت أتابعهم فقط في الشاشة، كما أنني كنت أتابع كثيرا الدوريات الأروبية منها الإيطالية البرتغالية والإسبانية، لنبدأ بالمباراة التي خضناها ضد بولونيا ولاعبها المميز بونياك، بحيث في أول مباراة لنا في المونديال سأراقب بونياك الذي كان آنذاك أغلى لاعب والذي تم تفويته في أغلى صفقة لنادي جوفنتوس الإيطالي، بحيث كان لاعبا قويا وسريعا ويتوفر على بنية جسمانية قوية، والحمد لله أنني تفوقت على بونياك وأوقفت كل تحركاته إلى درجة أنه تضايق مني ما جعله يعود لوسط الميدان حتى يتحرر من رقابتي التي كانت لصيقة به، الحمد لله أنني نجحت في المهمة علما أنني كنت متخوفا من بونياك، بعد أن كان المدرب المرحوم المهدي فاريا قد أبلغني بأن مفتاح المنتخب البولوني هو اللاعب بونياك.
المباراة الثانية أجريناها ضد المنتخب الأنجليزي والذي كان يضم مهاجما خطيرا إسمه لينيكيرقادما من نادي ويستهام نحو برشلونة حيث كان له صيت كبير في أروبا، والحمد لله نجحت في مراقبته، أما المباراة الثالثة فقد خضناها ضد المنتخب البرتغالي ومرة أخرى سأصطدم باللاعب غوميز الذي توج بالحذاء الذهبي كهداف أروبا ثم باولو فوتري، وليس من السهل أن تراقب اللاعب غوميز الذي كان يلعب بالرجلين اليسرى واليمنى وكان سريعا في أدائه ويمتاز بالضربات الرأسية لكنه فشل أمامي، وخلال المباراة التي خضناها ضد المنتخب الألماني إنهزمنا فيها بشق الأنفس وإصطدمت باللاعب رومينيغي الذي كنت أعرف أداءه وسبق لي أن واجهته بالرباط في المباراة الودية التي جمعت النادي القنيطري ببايير ميونيخ فهو أيضا لاعب قوي وسريع وتوفقت في حراسته طيلة أطوار المباراة.
كان الراحل الحسن الثاني يهاتفكم بعد كل مباراة، ذكرنا بوقائع هذه المكالمات؟
البويحياوي: أتذكر أننا ذهبنا إلى سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالمكسيك بعد مباراة البرتغال التي فزنا فيها بثلاثة أهداف لهدف وتأهلنا للدور الثاني كإنجاز تاريخي للكرة المغربية والعربية والإفريقية لكون العلاقات الدبلوماسية لم تكن جيدة بين المغرب والمكسيك والسفارة الإماراتية هي التي كانت تنوب عن المغرب في الأعمال الدبلوماسية، حيث هاتفنا الملك المرحوم الحسن الثاني وكان يمدنا بالنصائح والتوجيهات والواقع كنا أمام شخصية رياضية كبيرة يعرف جيدا خبايا المباريات وأتذكر جيدا أنه قال لنا بأن نكون في المستوى العالي وفي مستوى تطلعات الشعب المغربي، واتذكر أيضا جملة قالها لنا ومازالت ترن في أذني حيث قال لنا أطلبوا مني ما تشاؤون إلا شيئين لا أقدر عليهما وهي الشمس والقمر، حقيقة كان الملك المرحوم الحسن الثاني في غاية الفرح والسعادة إلى درجة أنه كان يدعو لنا بالسداد والتوفيق.
حدثنا عن الأجواء التي عشتموها عقب الفوز على البرتغال بملعب مونطيري وتأهلتم للدور الثاني في أكبر إنجاز تاريخي للكرة المغربية؟
البويحياوي: حقيقة الأجواء كانت رائعة ولا توصف، والصحافة المغربية التي كانت تتابع المونديال أبلغتنا آنذاك بأن المغاربة خرجوا للشوارع وهم يحتفلون بالإنجاز التاريخي للأسود وأن فرحة عارمة كانت تسود الأحياء التي كنا نقطن بها، كانت ملحمة مغربية ستظل راسخة في الذاكرة، حيث حظينا بإعجاب العالم وكان ملعب مونطيري يشهد كتابة التاريخ بأقدام الأسود الذين إستبسلوا وإستماتوا من أجل القميص الوطني والمغرب والمغاربة، وقد تلقينا التهاني من كل أنحاء العالم، نحن فخورون بكل ما حققناه للمنتخب الوطني والحمد لله على أننا أسعدنا جيلا من المغاربة الذين عاشوا معنا هذه الملحمة.