يحمل السعودي فهد قريان الهاجري بين يديه خريطة بلغة برايل، ويتحس س من خلالها شكل وتفاصيل ملعب البيت لدى حضوره لمشاهدة حفل افتتاح كأس العرب لكرة القدم في العاصمة القطرية، واختبار خدمة الوصف السمعي التي تقد م للمرة الأولى للمكفوفين باللغة العربية.
يقول الهاجري البالغ 34 عاما ويكن ى بين أصحابه بـ"أبو عايشة" لوكالة فرانس برس "كانت تجربة رائعة، من مواقف السيارات إلى المدخل وحتى الوصول إلى المقعد المخص ص".
وت تاح الخدمة الجديدة التي تقدم للمرة الأولى باللغة العربية في تاريخ مسابقات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، للمشجعين من ذوي الإعاقة البصرية في المباريات التي يستضيفها ملعبا البيت والمدينة التعليمية ضمن منافسات كأس العرب.
وفي هذين الملعبين، حظي المشجعون المكفوفون بفرصة الاستماع إلى تعليق يقد م وصفا دقيقا لكافة العروض الثقافية والموسيقية التي تضمنها حفل الافتتاح قبيل مباراة قطر والبحرين في 30 تشرين الثاني/نونبر، بالإضافة إلى وصف لتصميم استاد البيت المستوحى من "بيت الش عر" الذي سكنه العرب قديما ، ووصف دقيق لأجواء الملعب، مجريات المباراة، ألوان ملابس اللاعبين وتعابير وجوههم خلال مجريات المباراة.
ويوضح الهاجري الذي يعمل في قسم الموارد البشرية لإحدى شركات القطاع الخاص في بلاده "أعطونا عند المدخل منشورا تعريفيا بالملعب بلغة برايل لملعب البيت. أمسكه وأتحس س به شكل الملعب بكل تفاصيله".
ومن خلال تطبيق "فيفا" على الهاتف، يدخل المكفوفون إلى القسم المخصص لهم، ويستمعون خلال المباراة إلى أدق التفاصيل.
وبحسب فيصل الكوهجي (33 عاما )، رئيس مجلس إدارة مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين الذي حضر حفل الافتتاح أيضا ، إن "من ميزات الوصف أنه ليس مشابها للتعليق على القنوات الرياضية، بقدر ما هو وصف فعلي لمجريات الأحداث كانتقال الكرة من لاعب إلى لاعب، وبعد اللاعب عن خط التماس على سبيل المثال وفي أي جهة وأي مكان، وهذا يعطيني صورة واضحة لما يجري".
وكانت الملاعب التي استضافت منافسات كأس العالم في كل من البرازيل 2014 وروسيا 2018 قد شهدت استخدام الوصف السمعي للتسهيل على المشجعين من ذوي الإعاقة البصرية متابعة المباريات، إلا أن هذه الخدمة باللغة العربية تقدم للمرة الأولى في مسابقة كروية تقام تحت مظلة فيفا.
وللمرة الأولى تقام كأس العرب تحت مظلة فيفا، بمشاركة ستة عشر منتخبا يتواجهون على ستة من الملاعب المونديالية الثمانية، في نهائيات يعد ها المنظمون بمثابة بروفة مصغ رة لكأس العالم التي تستضيفها الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز في نهاية 2022 للمرة الأولى في الشرق الأوسط والعالم العربي.
ويؤكد خوصي ريطانا مدير الاستدامة لمونديال قطر 2022 بحسب بيان صادر عنه، عزم الدولة الخليجية على توسيع نطاق خدمة الوصف السمعي عند استضافتها المونديال المرتقب العام المقبل، مشيرا إلى أن تجربة استخدام الوصف السمعي لأول مرة باللغة العربية في اثنين من الملاعب المستضيفة لكأس العرب سي سهم في الارتقاء بهذه التجربة وتطويرها خلال المونديال.
ولطالما ح رم ذوو الإعاقة البصرية من متعة متابعة مبارياتهم المفضلة لغياب هذه الخدمة، فكانوا يلجأون إلى أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المبصرين ليرافقهم إلى الملاعب ويساعدهم على وصف ما يجري في أرض الملعب.
لكن إدراج هذه الخدمة عزز من استقلالية هؤلاء ليخوضوا تجربة متكاملة، وإن كان تواجد أحد الأصدقاء معهم صار مجانيا ، بحسب ما يقول المصري الكفيف إكرامي أحمد العاملين في مركز قطر الاجتماعي الثقافي للمكفوفين في الدوحة.
يقول أحمد لفرانس برس إنه "بحكم عملي، كنت جزءا من هذه العملية، كان عملا احترافيا ، وخصوصا خريطة الملعب".
ويضيف عن مرافقة أحد المبصرين، أنه "عندما تشتري التذكرة، فإنك ككفيف ت منح تذكرة مجانية ثانية لشخص مبصر يساعدك على التحر ك في الملعب. عليك أن تثبت إعاقتك، أنا قمت بذلك من خلال بطاقتي التي تصدر عن الجمعية القطرية وتحمل رقم العضوية".
لكن إكرامي قر ر خوض تجربة مغايرة، خلال مباراة منتخب بلاده "الفراعنة" أمام السودان، في ملعب 974 الذي لا يتضمن الخدمة.
يقول أحمد إن "التجربة هنا كانت ممتازة أيضا من نواح أخرى. تحس ن كبير في عملية الدخول وسلاسة الوصول إلى المقعد، والمتطوعون باتوا على دراية أكبر واستيعاب أكثر لفكرة التعامل مع ذوي الإعاقة من خلال تدريبات خضعوا لها".
ويضيف "أحببت أيضا فكرة التذكرة الإلكترونية عند الأبواب التي تسه ل علينا معرفة رقم المقعد والتفاصيل التي تكون متوفرة من خلال التطبيق".
مسألة المساعدة من قبل المتطوعين، تطر ق إليها الهاجري أيضا ، مشيرا إلى أنها "من أجمل التجارب في حياتي. إذا كان هذا فقط في كأس العرب، فكيف بكأس العالم؟".
