أن تفوز على برشلونة الإسباني ونجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي 8-2 في عصبة أبطال أوروبا، هذا أمر لم يستوعبه حتى الآن لاعبو بايرن ميونيخ الألماني الذين حققوا هذه النتيجة الكاسحة مساء الجمعة في ربع نهائي المسابقة القارية، ما يعزز ترشيحهم للفوز باللقب بغض النظر عن هوية المنافس المقبل.

إن كان مانشستر سيتي بقيادة مدربه السابق الإسباني جوسيب غواريولا أو ليون الفرنسي، سيكون من الصعب على أي من هذين الفريقين الوقوف في وجه "الماكينة" الألمانية التي "أغرقت فريق ليونيل ميسي كأي ضحايا بايرن ميونيخ في الدوري الألماني" بحسب ما كتبت مجلة "كيكر".

ويبدو أن "كيكر" غمزت من قناة لاعب بايرن السابق التشيلي أرتورو فيدال الذي حذر النادي البافاري عشية لقاء ربع النهائي في العاصمة البرتغالية لشبونة، من أنه لا يواجه فريقا من البطولة الألمانية بل يواجه أفضل فريق في العالم.

واعتبرت "كيكر" أن مباراة الجمعة كانت "تذكيرا بالنتيجة التاريخية 7-1 في بيلو هوريزونتي"، في إشارة منها الى الفوز الكاسح الذي حققه المنتخب الألماني في نصف نهائي مونديال 2014 على حساب غريمه البرازيلي المضيف في طريقه لاحراز اللقب على حساب ميسي ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني.

تشبيه "كيكر" مباراة السبت بنصف نهائي مونديال 2014 لم يأت من فراغ، بل لأن ثلاثة من اللاعبين الذين ساهموا في اكتساح برشلونة لعبوا في تلك المواجهة قبل ستة أعوام، وهم الحارس مانويل نوير، المهاجم طوماس مولر والمدافع جيروم بواتنغ، إضافة الى المدرب الحالي للنادي البافاري هانزي فليك الذي كان مساعدا ليواكيم لوف.

بعد المباراة، برر فليك سبب هذه النتيجة الكاسحة بالقول "فريقي لم يتراخ أبدا. في الوقت الحالي، هذه هي عقليتنا وسمتنا المميزة".

هذه "الروح القتالية" سمحت لبايرن بالهيمنة محليا أيضا من خلال احراز لقب البطولة للموسم الثامن تواليا ورفع الكأس الألمانية أيضا قبل الاجهاز على تشلسي الإنكليزي في اياب ربع نهائي عصبة الأبطال بالفوز عليه 4-1 بعد أن تغلب عليه ذهابا خارج ملعبه 3-صفر قبل التوقف الذي فرضه تفشي فيروس كورونا المستجد.

وفي وجه المقاتلين البافاريين، وجد برشلونة نفسه في الحضيض وانتهى به الأمر بتلقي هزيمة تاريخية بثمانية أهداف عجز مدافع بايرن جوشوا كيميتش عن "تفسيرها، لكننا لعبنا منذ الدقيقة الأولى بتركيز مذهل".

أما ليون غوريتسكا، فقال "منذ الثواني الأولى، سيطرنا تماما على المواجهات (الفردية). بعد أن أدرك برشلونة التعادل (1-1 بهدف عن طريق الخطأ للنمساوي دافيد ألابا)، لم نرتبك وواصلنا اللعب بنفس الطريقة. الضغط الذي فرضناه كان فظيعا".

وحتى أن التبديلات التي أجراها فليك كانت مصيبة تماما، إذ سجل البرازيلي فيليبو كوتينيو، المعار الى بايرن من برشلونة بالذات، ثنائية مع تمريرة حاسمة بعد دخوله في ربع الساعة الأخير، فيما مرر الفرنسي لوكاس هرنانديز كرة الهدف الثاني للبرازيلي بعد أن دخل بدوره في الدقيقة 84.

وأشاد مولر الذي مهد الطريق أمام فريقه لهذا الفوز بتسجيله الهدفين الأول والرابع، بما قدمه البدلاء قائلا "أفضل شيء في الحقيقة هو أن اللاعبين الذين دخلوا من مقاعد البدلاء كان لهم نفس التأثير (كالأساسيين)، ولعبوا بنفس متعة اللعب والحالة الذهنية".

هذه النشوة الجماعية تمنح اللاعبين الشبان ثقة مذهلة، وأفضل مثال على ذلك الكندي ألفونسو ديفيس (19 عاما) الذي تحول من موهبة واعدة في الفرق العمرية الى نجم كبير في موسم واحد.

وتوغله المذهل في الدفاع الكاطالوني في الدقيقة 63 من أجل منح كيميتش كرة الهدف على طبق من فضة، جزء من اللقطات الملفتة في المباراة.

وحتى أن كيميتش "شعرت بالخجل تقريبا للاحتفال بالهدف" لأن المجهود الذي قام به ديفيس كان "لا يصدق"، مضيفا "من الواضح أن الفضل في الهدف يعود له بنسبة 99 بالمئة. كان علي فقط أن أركل الكرة في الشباك".

هذه العقلية القتالية عند الألمان عكسها غوريتسكا بطريقته الخاصة عندما سئل عما إذا كانت رؤية ميسي مهانا تحزنه قليلا، قائلا مع ابتسامة على محياه "كلا. ذلك أسعدني بعض الشيء".

يمكن تفسير وصول بايرن ميونيخ الى نصف النهائي المسابقة القارية بصحبة مواطنه لايبزيغ، بأن من بين جميع الفرق التي خاضت وتخوض البطولة المصغرة في لشبونة، وحدهما أنهيا البطولة المحلية في حزيران/يونيو، فيما لم يستكمل باريس سان جرمان البطولة الفرنسية والفرق الأخرى قاتلت محليا حتى أواخر تموز/يوليوز.

وبعد الفوز بنهائي كأس ألمانيا في 4 تموز/يوليوز، منح فليك رجاله إجازة لمدة 12 يوما، قبل بدء استعدادات محددة لعصبة أبطال أوروبا.

خبرة الأعوام الثمانية التي أمضاها كمساعد للمدرب في المنتخب الألماني، تسمح له بإتقان هذا الصعود في الأداء قبل بطولة كبيرة، وأعطى ذلك ثماره حيث تعافى اللاعبون بشكل جيد بعد انتهاء البطولة، من دون أن يفقدوا وتيرة المباريات.

ولن يحظى أي من ليون ومانشستر سيتي بهذه الرفاهية، لأن الأول لم يخص سوى مباراتين رسميتين منذ توقف النشاط في آذار/مارس، والثاني يعاني من الإجهاد نتيجة تأخر نهاية البطولة الممتازة.

بغض النظر عن هوية الخصم المقبل لبايرن في دور الأربعة، سيكون عليه أن يقدم أفضل ما لديه بجهود مضاعفة حتى لا ينتهي به الأمر مثل برشلونة.