منذ ما يقارب السنتين، وتحديدا في 13 نونبر 2017، تعر ض المنتخب الإيطالي لكرة القدم، لنكسة تاريخية بتعادله مع نظيره السويدي بدون أهداف في ملحق التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018، وأقصي عن المشاركة في المونديال.

منتخب إيطاليا الذي عاش بعدها فترة وجيزة من الضياع، وتنبأ له الكثيرون أن كبوته ستطول وأن العودة لن تكون قريبة، سيما وأن ما من بشائر كانت تلوح في الأفق عن وجود جيل جديد يعوض ذلك الذي فاز بلقب كأس العالم 2006، نهض وتأهل إلى كأس أوروبا 2020.

قبل نحو عامين استيقظت ايطاليا على وقع غيابها عن كأس العالم للمرة الأولى منذ 1958، تاركة وراءها أربعة ألقاب عالمية، وأجيالا من اللاعبين الذين أبهروا ملايين عشاق كرة القدم. وهي اليوم تصحو وكلها أمل بالمستقبل القادم، بمستقبل حاكه المدرب أنطونيو مانشيني الذي أعاد تشكيل المنتخب بسرعة بعد الغياب الكارثي عن الكأس العالمية.

عامان فقط كانا كفيلين بنقلة نوعية بين عهد المدرب السابق جان بييرو فينتورا والحالي مانشيني.

عامان زمنيان، لكن الفرق شاسع جدا بين أسلوبين وفكرين وطريقتي لعب مختلفتين.. بين كرة قدم من زمن غابر اعتمدها الأول وأسلوب حديث أعتمد فيه على العناصر الشابة.

بعد إقالة فينتورا والبدء في التفتيش عن بديل له، كان الهروب والاعتذار والتذرع بالأسباب هي العناوين الرئيسية للصحف الإيطالية لدى الحديث عن امكانية اختيار أحدهم لملئ هذه الوظيفة التي بقيت شاغرة منذ إقالة فنتورا في 15 نونبر حتى الخامس من شباط/فبراير 2018 عندما تم تكليف مدرب منتخب تحت 21 عاما بهذه المهمة إلى حين إيجاد المدرب الأصيل.

ما فعله مانشيني منذ استلامه لمهامه في 14 ماي 2018، أي 17 شهرا فقط، يعتبر أكثر من إنجاز، بعدما حو له من منتخب اعتبره الكثيرون يحتضر، لمنتخب مليء بالحياة والإصرار والـ"غرينطا" التي لطالما كانت سمة للأتزوري.

ويشهد سجل مانشيني له بأنه خطا خطوة نوعية بالمنتخب الإيطالي، بعدما خاض معه 16 مباراة حقق فيها، 10 انتصارات وأربعة تعادلات وخسارتين أمام فرنسا بطلة العالم 1-3، والبرتغال بطلة أوروبا 0-1. ويبدو أن مانشيني في طريقه لتدوين اسمه في سجلات المنتخب الذهبية، إذ بات على مسافة فوز واحد ليعادل رقم المدرب التاريخي فيتوريو بوتسو بالفوز بتسع مباريات تواليا، ذلك عندما يحل ضيفا الثلاثاء على ليشتنشتاين في التصفيات الأوروبية.

ولم يأت تأهل الإيطاليون عقب صراع مع فرق المجموعة العاشرة المنتمي إليها، بل جاء سهلا بفوزه بجميع مبارياته السبعة، ما ضمن له التأهل إلى البطولة الأوروبية قبل ثلاث مراحل على نهاية التصفيات. وعلى خلاف ما كان سائدا مع المدربين السابقين الذي كانوا يفضلون عامل الخبرة على الشباب، جاء مانشيني بفكره الجديد، يريد من خلاله بناء منتخب لمستقبل وليس لمسابقة، باعتماده على تشكيلة تبلغ نسبة معدل أعمارها 25 عاما ، وابرز الشبان هم موزيس كين (19 عاما)، فيديريكو كييزا (21) ونيكولو باريلا (22 عاما) كما استقطب لاعبي الخبرة مثل القائد ليوناردو بونوتشي ودانيلو دامبروسيو والحارس سلفاتوري سيريغو وفرانشيسكو أكيربي ليكون هولاء هم فقط من تجاوز عمرهم الثلاثين عاما.

ورغم أن التأهل بحد ذاته لن يضيف إلى سجلات إيطاليا أي أنجاز يذكر، أو يزيد من ألقابها، لكنه دون شك يبشر أن المستقبل سيشهد تغييرا في مسيرة المنتخب الذي أقصي من الدور الأول لكأس العالم في نسختي 2010 و2014، وفشل بالتأهل إلى 2018، وان إعادة الولادة كانت على يدي مانشيني، الذي عرف كيف ينتقي لاعبين قادرين على اتمام المهمة.