تهدد توصية الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) المدعومة من رئيسه جياني إنفانتينو، بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في مونديال قطر 2022 الى 48، وما ستتطلبه من رفع عدد الدول المضيفة، بتفاقم التوتر الدبلوماسي في منطقة الخليج، بحسب محللين.
وبحسب التقارير، سيؤدي الطرح الذي يعتبر إنفانتينو أنه قد يساهم في تحسين العلاقات في المنطقة، لاستضافة الكويت وسلطنة عمان لمباريات في المسابقة التي ستقام للمرة الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الا أن محللين يرون أن نتيجة خطوة مماثلة قد تكون عكسية، وتؤدي الى تعميق الانقسام الإقليمي ويترك الكويت وعمان، بالإضافة إلى قطر، معرضة لمزيد من الضغوط من السعودية والإمارات والبحرين التي قطعت علاقاتها مع الدوحة من مطلع حزيران/يونيو 2017.
ويقول الباحث في جامعة رايس الأميركية كريستيان أولريخسن لوكالة فرانس برس "ثمة مخاطرة حقيقية للغاية من توسيع كأس العالم لتشمل الكويت وعمان، وقد تجعل من البلدين عرضة للضغوط الإقليمية ذاتها التي واجهتها قطر منذ عام 2017 (...) لاسيما وأن الكويت وعمان اعتمدتا مقاربة خاصة في العلاقات الإقليمية".
ويتابع "فكرة إقامة مونديال إقليمي يشمل الكويت وعمان دون السعودية والإمارات، يرجح أن تتسبب بمرارة كبيرة في الرياض وأبو ظبي".
وقطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/يونيو 2017 على خلفية اتهام الدوحة بتمويل "الارهاب". وتنفي الدوحة هذه الاتهامات، وتعتبر أنها تعاق ب لسعيها انتهاج سياسة خارجية مستقلة، مته مة الدول المقاطعة بمحاولة تغيير النظام فيها.
وشمل قطع العلاقات الدبلوماسية فرض السعودية وحلفائها مقاطعة اقتصادية وسياسية، ومنع مواطني الدول المقاط عة من التوجه إلى قطر، في أزمة لا يبدو أنها ستجد طريقها الى الحل في المدى المنظور.
واتخذت سلطنة عمان والكويت موقفا محايدا في الأزمة.
ويقول الباحث في مجال الدفاع أندرياس كريغ من جامعة كينغز كولدج في لندن، والذي عمل سابقا كمستشار للحكومة القطرية، أن لكل من الكويت وسلطنة عمان "مشاكل مع السعودية والإمارات".
وشهدت علاقات الكويت والسعودية تباينات حول حول إدارة حقول النفط بين البلدين، بينما واجهت مسقط ادعاءات بأنها سمحت بإدخال شحنة أسلحة إيرانية عبر أراضيها للمتمردين الحوثيين الذين يقاتلون تحالفا عسكريا بقيادة الرياض في اليمن.
وفي الوقت ذاته، تقوم الكويت بجهود الوساطة في الأزمة الخليجية بينما حققت عمان مكاسب اقتصادية من النزاع، حيث ارتفعت نسبة التجارة مع قطر 240% منذ عام 2016، بحسب إحصاءات الدوحة.
ويرى كريغ أن "النزاع الخليجي كما هو سيتفاقم عبر استضافة كأس العالم في ثلاثة دول"، معتبرا أن طرح الفيفا تشارك استضافة كأس العالم في قطر مع الكويت وعمان سيعزز من الشعور بانقسام الخليج إلى كتلتين متنازعتين، مع السعودية والإمارات والبحرين على الطرف الآخر.
ويتابع "من ناحية سياسية، الأمر (توسعة المونديال) ليس له أي معنى".
وأوصى الفيفا في ختام اجتماع له في مدينة ميامي الأميركية الأسبوع الماضي، بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في مونديال 2022 من 32 الى 48. وسبق للاتحاد أن أقر اعتماد هذه الزيادة بدءا من مونديال 2026 (الولايات المتحدة وكندا والمكسيك)، لكنه يرغب بتقديم موعد ذلك.
وقال إنفانتينو في مؤتمر صحافي "أمامكم رئيس فيفا سعيد" مؤكدا "لقد توصلنا إلى نتيجة، نعم من الممكن الانتقال من 32 إلى 48 منتخبا في كأس العالم بشرط استيفاء شروط معينة".
لكن القرار النهائي بهذه الزيادة لمونديال 2022 سيتخذ في اجتماع للفيفا في باريس في حزيران/يونيو المقبل، بعد أن يرفع الاتحاد وقطر لائحة بأسماء الدول التي يحتمل أن تتشارك الاستضافة.
وسيؤدي توسيع قاعدة المشاركة في المونديال الى زيادة عدد المباريات من 64 إلى 80، ما يعني أن الدولة الخليجية الصغيرة من حيث المساحة لن تكون قادرة لوحدها على الاستضافة، ما يتطلب إقامة مباريات خارج قطر.
وعلى خط الدوحة التي زارها إنفانتينو مرارا في الفترة الماضية، لم يبد المنظمون رفضا علنيا لمونديال من 48 منتخبا، لكنهم أكدوا أنهم يواصلون التحضير لمونديال بمشاركة 32 منتخبا، بحسب الاتفاق الأساسي بينهم وبين الاتحاد الدولي لدى نيل البلاد حق الاستضافة في العام 2010.
وأكد إنفانتينو في غير مناسبة، أن زيادة عدد المنتخبات لا يمكن أن تتم من دون موافقة الدولة المضيفة.
وأكدت اللجنة العليا للمشاريع والإرث في بيان عقب توصية الفيفا الأسبوع الماضي، أن "قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم يواصلان العمل معا لبحث فكرة استضافة نسخة موسعة من كأس العالم لكرة القدم، مع الأخذ بعين الاعتبار جدوى هذه الفكرة وانعكاساتها على كرة القدم عالميا وعلى البطولة نفسها وعلى قطر لكونها الدولة المستضيفة، وأي قرار سيتخذ بهذا الشأن سيكون بالتشاور بين الاتحاد الدولي لكرة القدم وقطر وبموافقتها".
وتابعت في بيان "كدولة مستضيفة للبطولة، نحن مستمرون في تحضيراتنا لاستضافة النسخة الأولى من كأس العالم لكرة القدم في العالم العربي وذلك وفق النظام الحالي الذي يضم 32 منتخبا ، ستتنافس جميعا وفي كافة مراحل البطولة على أرض قطر عام 2022، في بطولة كما وعدنا دائما ستكون أحد أكثر المسابقات تميزا وإبهارا ".
وبحسب جيمس دورسي من جامعة "اس راجارتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة، وهو مؤلف كتاب عن كرة القدم في الشرق الأوسط، فاللعبة الشعبية الأولى عالميا لن تكفي لحل المسائل العالقة في منطقة الخليج.
ويوضح "لن يتم حل الأزمة الخليجية عبر لعب كرة القدم".