قبل قرابة ثلاثة أشهر من استضافتها لكأس الأمم الإفريقية، غرقت كرة القدم المصرية في آخر أزماتها مع تشاجر الأندية الكبرى، تدخلات الأجهزة الأمنية وجدول زمني غير منتظم للمباريات القادمة.

بالنسبة لعامر حسين، رئيس لجنة المسابقات في الدوري التي تحدد مواعيد المباريات، فإنه "لم يحصل هذا الأمر سابقا، إنه أصعب موسم إداريا للاتحاد في تاريخ الكرة المصرية" بحسب ما قال لوكالة فرانس برس.

وبسبب مشاركة الأندية الكبيرة في المسابقات الإفريقية والعربية، اضطر الاتحاد المصري إلى تأجيل العديد من مباريات هذه الأندية ما أدى إلى تعطل الدوري المحلي وتحول برنامجه الى حالة من الفوضى.

ADVERTISEMENTS

وتستعد مصر لاستضافة كأس الأمم الإفريقية للمرة الخامسة في تاريخها بمشاركة 24 منتخبا للمرة الأولى في تاريخ البطولة القارية، وذلك بعدما تفوقت على جنوب إفريقيا إثر سحب التنظيم من الكاميرون من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بسبب عدم جاهزية ملاعبها والبنى التحتية.

وتقام البطولة القارية خلال الصيف المصري الحار من 21 حزيران/يونيو حتى 19 تموز/يوليو، وقد أقر حسين أن "الأمور أصبحت صعبة من الناحية اللوجستية" هذا العام أكثر من الأعوام السابقة.

وقد ألقت المسابقات الإقليمية بثقلها على الأندية المصرية، وأدت الاستعدادات المتسارعة لاستضافة كأس الأمم الإفريقية 2019 الى تفاقم مشاكل الدوري.

وكان عملاقا الكرة المصرية الأهلي والزمالك، إضافة الى منافسهما الجديد بيراميدز الممول سعوديا، أكثر من تذمر علنا في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من الجدول غير المتكافىء للدوري المحلي.

ولعبت بعض الأندية مباريات أكثر من غيرها، مما يؤثر على موقعها في جدول الترتيب في نهاية الموسم وفرصها في التأهل إلى البطولات الإقليمية للموسم المقبل.

- "ارتفاع حدة التوتر" -
في شباط/فبراير، اتهم بيراميدز الاتحاد علنا بجدولة المباريات بشكل موات للغاية لمنافسيه. ذهب النادي الى حد وصف ما يحصل بأنه "ظلم"، مهددا بالتصعيد والتقدم بشكوى الى الاتحاد الدولي "فيفا".

ويحظى بيراميدز بتمويل من تركي آل الشيخ، وهو رجل أعمال سعودي ذو نفوذ ومستشار سياسي مقرب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وذلك بعد شرائه الصيف الماضي النادي الذي كان يسمى منذ تأسيسه عام 2008 بالأسيوطي.

وأعاد آل الشيخ تسمية العلامة التجارية بالكامل بحملة تسويقية قوية، بالإضافة إلى شراء اللاعبين الأجانب من البرازيل وسوريا.

الأهلي، النادي العريق الذي تعج خزائنه بالألقاب، رفض التغييرات في الروزنامة ورد ببيان أشار فيه ضمنيا الى بيراميدز، بالقول أنه لن يرضخ "لضغوط من طرف معين".

وقال أمير عبد الحليم، مدير موقع كرة القدم المصري الشهير "في الجول" أن "هناك حالة من الاحتقان تخيف مسؤولي كرة القدم في مصر قبل كأس الأمم الأفريقية التي يضعون عليها املا كبيرا"، موضحا أن سلطات كرة القدم تحاول احتواء "غضب أنصار الأهلي... وفي نفس الوقت مسؤولو الكرة في مصر مش عايزين (لا يرغبون) يخسروا تجربة الاستثمار الجديدة المتمثلة في نادي بيراميدز".

- "لا كرة قدم من دون أمن" -
وفي مواجهة التأخير في المباريات ونفاد صبر الجماهير، تدخلت أجهزة الأمن القوية في بلد صنعت فيه كرة القدم والسياسة مزيجا فتاكا.

كانت المباريات المحلية مسرحا لمواجهات مميتة حيث قتل قرابة 100 مشجع على هامش مباريات للأهلي والزمالك في عامي 2012 و2015 على التوالي.

وأوضح المسؤول الاتحادي عامر حسين أن "95 % من التأجيلات في مواعيد المباريات تبقى من جهات أمنية"، مضيفا "لا كرة قدم من دون أمن".

في الفترة المضطربة سياسيا بعد انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك، كانت بعض مجموعات المشجعين الملحقة بالأندية القوية ذات دور فعال في حشد المظاهرات وحشد مؤيديها لأسباب سياسية.

والشهر الماضي، بعد أسابيع من التشويش الإعلامي بين الأهلي وبيراميدز، أعلن الاتحاد المصري للعبة أن المباراة سبب النزاع بين الفريقين ستؤجل "بناء على أوامر من الأجهزة الأمنية".

وكان مجلس إدارة الأهلي برئاسة محمود الخطيب، أعلن رفض خوض مباراة بيراميدز بالكأس يوم 28 شباط/فبراير الجاري عقب قرار اتحاد الكرة بتأجيل مباراة الفريقين في بطولة الدوري واستبدالها بمباراة الكأس. ورفض بيراميدز ومالكه آل الشيخ اللعب مع الأهلي في إياب الدوري قبل خوض الأخير مواجهة ذهاب الدوري ضد غريمه الزمالك عملا بمبدأ التكافؤ.

ورأى مروان أحمد، أحد مسؤولي موقع "كينج فوت" الرياضي المصري المؤثر، أنه "يجب أن يلتزم الاتحاد المصري لكرة القدم بجدوله الأصلي" بدلا من "الرغبة في إرضاء الجميع".

وقال لوكالة فرانس برس "رئيس كل ناد يريد أن يظهر أنه الأقوى".

وتم تحديد موعد للمباراة الشهر المقبل دون حضور الجماهير.

وسمح للمشجعين منذ العام الماضي بحضور المباريات المحلية بانتظام لأول مرة منذ ثلاثة أعوام، لكن يجب عليهم تقديم هوياتهم الى أجهزة الأمن من أجل الحضور.

ADVERTISEMENTS

بالنسبة للجماهير ومراقبي كرة القدم، يُنظر إلى الحجة الأمنية كذريعة للمشاكل الأعمق في دوري يعاني من الاضطرابات وغير قادر على إدارة المعارك بين الأندية وجدولة المباريات.

بالنسبة لأحمد "الأمر الأكثر أهمية لمشجع كرة القدم هو مشاهدة فريقه، وليس التعامل مع المعارك خارج الملعب".