بنبرة هي مزيج من الأحاسيس المختلطة بين الشعور بالفخر والسعادة لما تحقق خلال عام استثنائي من إنجازات، وقليل من الإحباط الذي هو نتاج للإحساس بالغبن والظلم كما ستكتشفونه كان لنا هذا الحوار مع الحارس المتألق أنس الزنيتي أفضل لاعب وحارس لسنة 2018 بالبطولة.
صقر في مرمى النسر هذا هو مختصر تعريف أنس الزنيتي الذي عرفته فتى طموحا صغير السن يزاحم الكبار على مرمى المغرب الفاسي ويؤمن بالوصول لمحطة النجومية وهو ما ماكان له في نهاية المطاف.
الزنيتي بدأ عامه بالذهب رفقة المحليين وأنهاه كذلك مع الرجاء، لذلك هي سنة ناجحة بالإنجاز الجماعي كما هي كذلك بالأرقام الفردية التي ستكتشفونها معه في هذا البوح الصريح.
ما الذي أسعده في عامه هذا؟ ما الذي يغضبه؟ متي يشعر بالغبن؟ لماذا يبدو حزينا في بعض الفترات؟ أنس يؤنسكم في هذا الحوار الشيق فلا تهدروا فرصة قراءة أفكاره..
ــ المنتخب: نقترب من طي صفحة عام لا بد وأنه سيظل موشوما وراسخا في ذاكرتك للنجاحات التي رافقته، أليس كذلك؟
أنس الزنيتي: بطبيعة الحال كان كذلك وعبركم أقول سنة سعيدة للجميع، سنة يطبعها الود والتسامح والنجاح والشفاء لكل مريض وفي مقدمتهم السيد الوالد الذي أدعو الله أن يمتعه بالصحة والعافية.
كان عاما مميزا بدأته بالذهب مع المنتخب المحلي في إنجاز تشرفت كما تشرف جيل من اللاعبين الذين شاركوا في نسخة الشان في منح الكرة المغربية لقبا كان ينقصها.
التتويج بهذا اللقب رافقته أرقام مهمة تحصلنا عليها وعبره ساهمنا في رد الإعتبار للاعب المحلي الذي يشكو الكثير من الغبن و لا تقدر قيمته بحسب رأيي المتواضع كما ينبغي وأنهيته ولله الحمد بالذهب أيضا مع الرجاء بلقب انضاف لسلسلة ألقابي الإفريقية التي أعتز بها وتمثل لي مكافأة على كثير من التضحيات التي بذلتها وتطلبت مني جهدا خارقا بخلاف ما يعتقده البعض، لأني حفرت في الصخر كي أصل لهذا المستوى.
ــ المنتخب: ومع ذلك هناك نبرة من الحزن في صوتك، بل حتى ملامحك كما تابعناها في التتويج الإفريقي لم تكن تنطق بسعادة مطلقة وكاملة وكأن شيئا ما يعكر هذه الفرحة أنس؟
أنس الزنيتي: ممكن أن يكون ما تقوله صحيحا والسبب هو مرض السيد الوالد الذي يعاني منذ 3 أشهر من وعكة صحية ألزمته الفراش، ومرضه هذا نال مني وأضناني كثيرا، لما يمثله الوالد في حياتي قبل مساري كلاعب محترف من أشياء كثيرة ولا يسعني إلا أن أدعو له بالشفاء العاجل.
الأمر الآخر الذي قد يكون سببا فيما تصفه بالحزن وأنا أصفه بالغبن والإحباط، هو أن هناك للأسف من لا يقدر هذه النجاحات ولا يقيم للأرقام التي هي زاد ومعيار كل حكم ما تستحقه.
لا أقصد شخصا بعينه، لكني أنطلق من قناعة خاصة قلتها لك في البداية وهي أن لاعب البطولة لا يحظى بالتقدير الذي يستحقه اجتهد أم لم يجتهد.
ــ المنتخب: لكنك اليوم تتوج بجائزة أفضل لاعب محلي للعام الحالي ويبقى هذا تقييمنا الخاص داخل «المنتخب» والذي يشاركنا فيه عدد من النقاد أيضا، ألا يشفي غليلك هذا التقدير؟
أنس الزنيتي: أنا لا أتحدث عنكم ولا أقصدكم بقولي، أشكركم على الإنصاف الذي هو تاج فوق الرأس ويشعرني بالفعل بالفخر، لكني أعني أفرادا آخرين منهم من يعرف نفسه ومنهم من يتظاهر بالغباء ليتجنب هذا.
حين تجتهد على مدار سنوات وتستمر في نفس المستوى وتحقق أرقاما كبيرة ومتميزة ومع فرق تشارك قاريا وتتوج، بل حتى مع المنتخب المحلي ولا يصلك صدى هذا المجهود، هذا ما يشعر بالحزن والغبن ويؤكد أن هذه المقاسات إما أنها لا تكفي أو أن هناك شيء آخر أجهله.
ــ المنتخب: لعل ما فهمت من كلامك أنك تقصد الفريق الوطني وسر تجاهلك المستمر؟
أنس الزنيتي: قلت مرارا وأكرر ذلك المنتخب الوطني ملك للجميع محترفون بأوروبا أو البطولة، إلا أن الشك بدأ يساورني إن كان لاعبو البطولة ممنوعون من تمثيل الفريق الوطني، لأن ما قدمناه بـ "الشان" وقدمته الفرق المشاركة في المسابقات الإفريقية على قدر صعوبتها وتعقيداتها والتتويج لمواسم متواصلة، ومع ذلك تنحصر التمثيلية في عدد ضئيل وهزيل وأحيانا لا يحضر أحد فهذا يقتل الحافز للتطور، بل وقد يفرض على لاعب محلي أن يخرج من رأسه وبشكل رسمي ونهائي فكرة تمثيل منتخب بلاده في يوم ما.
ــ المنتخب: هل تعتقد أنك تملك مكانا لك بالفريق الوطني؟ لقد سقنا هذا السؤال لرونار وقدم لنا ردا تعرفه ويعرفه الجميع وقال أنه مقتنع بمن هم معه؟
أنس الزنيتي: أنت وغيرك من النقاد من عليه الإجابة إن كنت أستحق التواجد مع الفريق الوطني أم لا؟ أعتقد أنكم تنطلقون في تحاليلكم من الأرقام والإحصائيات وعدد المباريات وما تسمونه التنافسية والجاهزية.
ما أعرفه أننا ننتمي للقارة الإفريقية، وشخصيا زرت كل البلدان الإفريقية تقريبا ولعبت في ملاعب معقدة من الماص لغاية الرجاء، وإن لم يكن يشفع لي كل هذا مع كل التجربة التي راكمت في اللعب للفريق الوطني ونيل فرصتي كحارس فأعتقد أن دوري هو أن أتحول لحامل كرات مع احترامي لأصحاب هذه المهنة والدور؟
ــ المنتخب: رغم ذلك أقول لك أنه ينبغي لك أن تكون سعيدا طالما أنك تحظى بمثل هذه التتويجات الفردية التي تكافئ مجهوداتك وبقية التفاصيل هي من اختصاص الناخب الوطني الذي يساءل على اختياراته؟
أنس الزنيتي: أنت أضفت شيئا جديدا ومعيارا آخر من المعايير التي تثير الحيرة، فما الذي يعنيه أن تكون أفضل لاعب وحارس محلي للسنة ولا تصل للفريق الوطني؟
معنى هذا أن كل المتتبعين والجمهور يجاملونني؟ لا أعتقد ذلك، أنت قلت المفيد كل شخص مسؤول عن اختياراته لكني معتز بأرقامي وما تحصلت عليه وخاصة مثل مبادراتكم التي تثلج الصدر وفي المقدمة دعم وحب الجمهور الرجاوي الكبير الذي يمثل لي الزاد والوقود الذي يقويني ويزيد من عزيمتي وإصراري لمواصلة النجاح.
(يتبع)