إذا كانت سنة 2017 سنة صحوة كرة القدم المغربية، وعودتها للساحة القارية، فإن 2018 أعلنت عن تجديد الموعد مع نهائيات كأس العالم، وتميزت بالمشاركة القوية لأسود الأطلس في هذه التظاهرة العالمية ببلد الدب الروسي، فضلا عن ظفر منتخب المحليين بلقب الشان، وفوز الرجاء بكأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم.

عودة أسود الأطلس للمونديال أنهت 20 سنة من الإخفاقات والانتظارات، حيث صار بإمكان الجميع متابعة المنتخب المغربي مع كبار العالم في مونديال روسيا 2018، في إنجاز احتفى به المغاربة، كل على طريقته.

تأهل الأسود للعرس الكروي العالمي شكل مصدر فخر للشعب المغربي، الذي خرج بأعداد كبيرة في مختلف المدن والقرى المغربية، للاحتفاء بالمشاركة مجددا في أرقى منافسة عالمية لكرة القدم، وذلك بعد الفوز التاريخي في قلب العاصمة أبيدجان على المنتخب الايفواري بهدفين للاشيء، برسم الجولة الأخيرة من الإقصائيات، في مباراة أعلنت عن ميلاد منتخب قوي ومتجانس، بعناصر شابة قادرة على الدفاع عن الألوان الوطنية والذهاب بعيدا في منافسات المونديال.

ADVERTISEMENTS

* سحب قرعة نهائيات كأس العالم والمنتخب المغربي في "مجموعة الموت" 

بمجرد وقوع المنتخب المغربي إلى جانب نظيره البرتغالي حامل لقب كأس أوربا، ومنتخب اسبانيا المتوج بكأس العالم سنة 2010، بدأ بعض الشك يتسرب إلى نفوس الجماهير المغربية، غير أن التفاؤل ظل سيد الموقف، وكانت التوقعات تسير في اتجاه إمكانية تحقيق الفوز على أحد الكبار، وهو ما سيفتح باب التأهل لدور الثمن لأسود الأطلس.

وإذا كانت العناصر الوطنية لم تحقق آمال الجماهير المغربية في مواصلة مغامرة المونديال والتأهل للدور الثاني، فإن ذلك كان بسبب الهزيمة المفاجئة لأصدقاء المهدي بنعطية في المباراة الأولى أمام المنتخب الايراني، والتي كانت في متناول المنتخب المغربي.

خروج المنتخب المغربي من الدور الأول لم يمنع المتتبعين المغاربة والأجانب من الإشادة بطريقة أدائه الجميلة والممتعة، باعتباره من بين المنتخبات التي قدمت كرة قدم جميلة في المونديال الروسي.

هذا الأداء الجميل برهن عليه رجال الإطار الوطني هيرفي رونار أمام منتخب بحجم البرتغال الذي أجبر لاعبوه على التراجع للخلف طيلة أطوار المباراة أمام منتخب مغربي قوي متماسك، لكن من يملك نجما من قيمة كريستيانو رونالدو أحسن لاعب في العالم خمس مرات، قادر على الخروج بفريقه لبر الأمان من فرصة واحدة للتسجيل، أو نصف فرصة. سوء الحظ الذي لازم أسود الأطلس أمام البرتغال لم ينل من عزيمتهم أمام منتخب يملك في صفوفه لاعبين من حجم راموس وايسكو وغيرهم، بل إن التفوق كان مغربيا، لكن تقنية الفيديو أنقذت المنتخب الاسباني في آخر اللحظات، ليخرج المنتخب المغربي مرفوع الرأس بنتيجة التعادل هدفين في كل شبكة.

ستة أشهر قبل موعد المونديال، الأنظار كانت متجهة نحو أسود البطولة المحلية، الذين أوفوا بوعدهم وأهدوا أول لقب للمغرب، في مسابقة بطولة إفريقيا للاعبين المحليين (الشان).

فبعد أن نال المغرب شرف احتضان منافسات هذه البطولة بدلا من كينيا بسبب التأخر المسجل حسب تقارير لجان تفتيش الكاف، وجد منتخب المحليين نفسه من بين أبرز المرشحين على الورق، حيث بدأ مشواره في المجموعة الأولى، وتمكن من التأهل للدور الثاني مناصفة مع منتخب السودان بسبع نقاط.

بعد منافسات الدور الأول، واصل رجال المدرب جمال السلامي نسقهم التصاعدي، وتفوقوا عى نظيرهم الناميبي في دور ربع النهاية (2-0)، ثم المنتخب الليبي في دور نصف النهاية (3-1)، قبل أن يتركوا الأروع للختام في أداء قوي وبدون أخطاء تقريبا في المباراة النهائية، بعد أن هزموا المنتخب النيجيري بأربعة أهداف للاشيء. منافسات الشان أعلنت عن ميلاد مهاجم من طينة نادرة، دخل تاريخ هذه المسابقة من بابها الواسع، بعد أن أصبح هدافها التاريخي برصيد 9 أهداف، متجاوزا الزامبي جيفن سانغولوما (5 أهداف)، ليصبح أيوب الكعبي اللاعب السابق للراسينغ البيضاوي، ونهضة بركان، والحالي لنادي هيبي الصيني حديث سوق الانتقالات إلى أكثر من وجهة دولية.

ADVERTISEMENTS

نجاح أيوب الكعبي الذي كان قبل سنتين لاعبا في بطولة القسم الثاني لم يقف عند هذا الحد، بل قاده اجتهاده وجديته إلى القائمة النهائية للاعبين ال23 المنادى عليهم من طرف الناخب الوطني هيرفي رونار لحمل القميص الوطني في مونديال روسيا. ولأن بداية سنة 2018 زفت خبر تألق كرة القدم المغربية، أبى "الرجاء العالمي" إلا أن يأتي بالخبر السار في نهاية السنة، ويؤكد عودة المستديرة الوطنية للتألق على الساحة القارية، من خلال إحرازه لقب كأس الكونفدرالية الإفريقية، وهو الإنجاز الذي انتظره وصيف بطل العالم للأندية سنة 2013 منذ 2003.

رفاق بدر بانون أنجزوا المهمة على أكمل وجه في ذهاب المباراة النهائية، بعد تفوقهم على أيس فيطا كلوب الكونغولي بثلاثة أهداف للاشيء، في أمسية أضاءت خلالها جماهير "الخضرا" طريق الرجاء نحو اللقب، قبل أن يوقف المايسترو الحافيظي طموح الفريق الكونغولي في "ريمونطادا" تاريخية في لقاء الإياب، ويبقى اللقب مغربيا رجاويا.